تستمد مديرة مدرسة "رأس التين" نورا الأزهري، ثباتها وصمودها في المدرسة الواقعة في تجمع بدوي شرق رام الله، أمام بطش الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته المتكررة، من طلبة تلك المناطق.
وليس غريبا على الأزهري –التي قبلت العمل في مدرسة "رأس التين" كإحدى مدارس التحدي التي أنشأتها وزارة التربية والتعليم في المناطق المهمشة بالضفة– أن تستمد صمودها وثباتها من طلبة المناطق البدوية أو النائية.
وتواجه مدرسة "رأس التين" الأساسية خطر الهدم، بعدما رفضت محكمة الاحتلال الإسرائيلي، التماساً تقدم به المحامون عن المدرسة لاستكمال البناء ووقف إخطار هدمها.
والمدرسة تضم 50 طالبا وطالبة، وتم إنشاؤها قبيل بدء العام الدراسي الحالي فقام أهالي التجمع بدعم من الاتحاد الأوروبي ببناء المدرسة خلسة، لكنَّ جيش الاحتلال والمستوطنين اكتشفوا عملية بنائها مبكراً فأخذوا يضايقونهم ويصادرون مواد البناء ما دفع القائمين على المدرسة لبدء العام الدراسي فيها وهي غير مكتملة البناء.
وقالت الأزهري: "بدأنا دون أي بنية تحتية، فمحكمة الاحتلال أصدرت أمراً بعدم استكمال البناء في المدرسة، وتقوم دوريات عسكرية وطائرة دون طيار بمراقبة المنطقة يوميا".
وأشارت إلى أن المحكمة تراجعت عن قرارها قبل أيام، لكن التوجه الإسرائيلي يشير إلى احتمالية هدم المدرسة في أي لحظة.
ولفتت إلى أن المدرسين يأتون للمدرسة من مناطق قضاء رام الله؛ سلواد وترمسعيا وكفر مالك عبر "باصات حكومية" قاطعين مسافة طويلة يومياً.
وأضافت الأزهري: "العمل هنا يتطلب الكثير من العمل والجهد والقدرة على التحمل.. لكن هناك رغبة لدينا في تحدي الاحتلال وإجراءاته التعسفية فكلما زادوا في إجراءاتهم ازددنا إصراراً".
وشددت على أن التحدي الأكبر هو تحدٍ لجيش الاحتلال أولاً والظروف البيئية ثانيا فهذه المدارس ومنها "رأس التين" لها ظروف خاصة فلا طرق معبدة ولا يوجد كهرباء ولا ماء في المنطقة.
وذكرت مديرة المدرسة أن طلاب المنطقة كانوا يدرسون سابقاً في قرية المغير (التي تبعد عن التجمع سبعة كيلومترات) فيقطعون مسافات طويلة سيراً على الأقدام في حر الصيف وبرد الشتاء وبالقرب من طريق التفافي استيطاني سريع.
وأكدت الأزهري إصرار الطاقم التدريسي على الاستمرار في العمل رغم الصعوبات في سبيل أن يتم إرساء قواعد المدرسة ولا يتم هدمها.
وأبدت استعدادها للقدوم من رام الله، يوميا، إلى التجمع البعيد تحديا للاحتلال ومستوطنيه.
أما المعلمة إباء تيسير التي عُينت (مدرسة لأول مرة في هذه المدرسة)، تقول: "أخبروني ومجموعة من زميلاتي أننا عُينا في مدرسة اسمها "رأس التين" لم نكن سمعنا باسمها من قبل لا أنا ولا زميلاتي وعندما وصلنا للمكان أصبنا بالصدمة فالمدرسة كانت ظروفها تحت الصفر".
وأضافت إباء: "كان البناء بدائيا فقد أنشأه أهالي التجمع بأيديهم دون الاستعانة بعمال بناء من الخارج والمبنى بنصف سقف، وحتى الآن الوضع صعب، لكن الأوضاع حاليا أفضل من الأيام الأولى لبدء العام الدراسي".
وشرحت: "هنا لا يوجد ماء ولا كهرباء ولا مرافق صحية ولا أبواب ولا شبابيك".
وأشارت إلى أن الوضع صعب جدا على الطلاب والمدرسين لكن الميزة الوحيدة فيها أنها "أراحت الطلاب من المسافات الطويلة التي يقطعونها للذهاب لقرية المغير للدراسة حيث تستغرق الطريق ساعة مشياً على الأقدام".
وأكدت المدرسة أن "ما يشجع المدرسين على الصمود أن المدرسة هي "حلم" لطلابها الذين لديهم الدافعية والرغبة في التعليم أكثر من غيرهم"، خاتمة: "ما يدفعني للصبر هو رؤية الفرحة في عيون الطلبة وحبهم للتعلم".