حراك سعودي متعدد الاتجاهات يجري في الوقت الراهن، يشي بنية المستويات الرسمية تطبيع علاقاتها مع (إسرائيل) مستبقا بذلك تسخير الإعلام الممول سعوديا في بث التصريحات والحوارات التحريضية ضد الشعب الفلسطيني وقضيته وقياداته.
كانت آخر التصريحات لرئيس المخابرات السعودية السابق وسفير المملكة في الولايات المتحدة سابقاً بندر ابن سلطان لقناة "العربية" السعودية، الذي قلل فيها من القضية الفلسطينية لصالح (اسرائيل)، متهماً "القيادة الفلسطينية" بعدم التعاطي مع ما أسماه تحركات "السلام" الأخيرة من دول الخليج العربية.
ووصلت المساعي السعودية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي على حساب القضية الفلسطينية، إلى المستوى الثقافي، حيث أقدمت مواقع إنترنت سعودية وأبزرها "شاهد نت" الخاصة بالمسلسلات إلى حذف أغنية مسلسل التغريبة الفلسطينية الذي يتحدث عن الهجرة الفلسطينية وحق العودة ومجازر الاحتلال ضد الفلسطينيين.
مقدمة للتطبيع
أستاذ العلوم السياسية والإعلام في فلسطين د. كمال علاونة، رأى أن محاولات الإعلام السعودي شيطنة القضية الفلسطينية والقيادة بشكل عام، ليس مستغرباً في الوضع الحالي من الابتزاز الأمريكي لدول الخليج.
وعدّ علاونة خلال حديثه مع صحيفة "فلسطين" هذه التحركات "مقدمة لترويج التطبيع السعودي مع حكومة الاحتلال، والجاليات اليهودية مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، واصفاً هذه الهجومات بـ "الحاقدة وتستهدف القيادة والشعب الفلسطيني برمته".
وقال: "تأتي بعض الأصوات السعودية لتهاجم الشعب الفلسطيني بدلاً من دعمه وقضيته في مواجهة الاحتلال الجاثم على أرضه منذ 72 سنة"، مشدداً على أن "هذه الأبواق المأجورة تحاول قلب الحقائق في ظل الهجمة المسعورة الصهيونية على الشعب الفلسطيني".
وتساءل "لماذا تخرج هذه الأبواق السعودية لمهاجمة الشعب الفلسطيني بدلاً من نصرته؟ وماذا هم صنعوا للمواطن الفلسطيني الذي دافع عن أرضه على مدار السنوات الماضية؟"، مؤكداً أن "هؤلاء ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا في معسكر الأعداء بدلاً من مناصرة الشعب الفلسطيني".
وبيّن أن الأنظمة العربية "جعلت نفسها فريسة وقبلت الابتزاز وتزييف الحقائق في ظل استمرار المعاناة الفلسطينية"، مضيفاً "هذه الأبواق هي متمردة على الإسلام، والأولى للسعودية إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين في سجونها، والذين مارسوا حقهم لنصرة المسلمين وبيت المقدس".
وبحسب علاونة، فإن الأنظمة العربية تدين نفسها وهي تناصر الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، "وهي الخاسر الأكبر من التطبيع، خاصة أن شعوبها ترفض ذلك".
طعن الرواية الفلسطينية
وحول محاولات تزييف حقائق القضية الفلسطينية عبر حذف أغنية "التغريبة الفلسطينية" وغيرها من المسلسلات، اعتبر رئيس الاتحاد العام للمراكز الثقافية في فلسطين يسري درويش، أن هذه الممارسات تندرج ضمن محاولات "طعن الرواية الفلسطينية وإخفاء الحقيقة عن العالم بأحقية الفلسطينيين في أرضهم".
ورأى درويش خلال حديثه مع "فلسطين"، أن هذه المحاولات "هي استهداف للمحتوى الفلسطيني، وتودد لـ(إسرائيل) ككيان غاصب محتل"، مشدداً على أن هذا التودد "لن يفيد هذه الأنظمة لأن بقاءها مرهون برضى شعوبها وليس الاحتلال".
وأوضح أن استمرار السعودية وبعض الأنظمة العربية في هذه السياسات "سيشكل خطورة عليهم، لأنه كلما زادوا في تسلطهم على القضية الفلسطينية انتقض الشعب وتضامنت معه باقي الشعوب الحرة".
وشدد على أن "التمسك بالقضايا والحقوق الفلسطينية من شيم الكبار، وما تقوم به هذه المواقع استهداف للقضية بشكل مباشر، ولكنه لن يؤثر على الحق الفلسطيني ولن يثني الشعب الفلسطيني عن المطابة الدائمة بحقوقه".