قائمة الموقع

بلا ماكينات.. محمد يعبر صعوباته بدراجته المائية

2020-10-13T14:36:00+03:00

جليس البحر محمد الرضيع، بينه وبين البحر حكايات وعشق، يهوى السباحة بين أمواجه ولكنه يخشى الغرق، في لحظة صفاء وهو يجلس على رماله الذهبية الناعمة، لمعت في ذهنه فكرة دراجة مائية يتجاوز بها المسافات التي طالما تملكه الرهاب من الإبحار إليها.

في ورشته الصغيرة أسفل بيت عائلته، جمع قطع حديد من الخردة، واستعان بأنابيب صرف صحي بلاستيكية، وهيكل دراجة هوائية قديم، وقطع حديدية من دراجة نارية معطلة، طوعها بيديه فلا ماكينات ولا أدوات تساعده على الثني والتقطيع والتجميع، حتى صنع الدراجة المائية.

محمد (24 عامًا) من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، شاب لم تخدمه الظروف ليكمل تعليمه المدرسي، ترك مقاعد الدراسة ليعارك الحياة في العمل وكسب الرزق ليساعد في الإنفاق على أسرته المكونة من 12 فردًا، من الصنائع يمتلك الكثير: نجار، وحداد، وكهربائي، ومصلح للدراجات الهوائية والنارية.

أفكار تتصارع في ذهن محمد لكن شح الإمكانات يحول دون تنفيذها على أرض الواقع، ولكنه أخيرا استطاع بـ150 دولارًا أن يصنع دراجته المائية، أما المشاريع الأخرى فتحتاج إلى تكاليف تفوق طاقته المالية المحدودة جدًّا.

تمتاز الدراجة المائية كما يبين محمد أن خفة وزنها تمكنها من الطفو على سطح البحر، وسهلة الاستخدام لا تحتاج سوى شخص يبدّل بقدميه على دواستيها والإبحار مسافة بعيدة عن الشاطئ، مع ضرورة ارتدائه سترة النجاة.

ويوضح أنها سهلة الاستخدام يمكن للصيادين استخدامها لفرد شباكهم، والمصطافين للهو واللعب على أمواج الشاطئ، وتتحمل وزن 100 كيلوجرام، ويمكن أن يستخدمها المنقذون ولكن تحتاج إلى بعض التطوير لزيادة سرعتها.

يطمح محمد إلى إدخال تعديلات تحسن من كفاءة دراجته، باستخدام حديد مقاوم للصدأ (ستانلس ستيل)، و(موتور) يعمل على السولار أو البنزين مقاوم للماء لإعطاء سرعات متعددة، وجنزير من المطاط لأنه عمره طويل ولا يتأثر بالماء فلا يصيبه الصدأ كالجنزير الحديدي الذي يستخدمه حاليًّا.

يحلم محمد بأن يوسع مشروعه ليصنع العديد من الدراجات المائية ويبيعها لأصحاب الاستراحات ليستخدمها المصطافون في فصل الصيف، وبذلك يزيد من دخله اليومي، ولكنه يحتاج إلى من يوفر له القطع اللازمة في عملية التصنيع.

كما لديه فكرة تحتاج إلى إمكانات تحولها إلى مشروع حقيقي، وهي حافلة مائية تستطيع تحمل 500 كيلوجرام، ولكنها تحتاج إلى خامات وقطع سعرها مرتفع لا يقوى على توفيرها.

ويكشف أن لديه فكرة تجنب حدوث حالات غرق في قطاع غزة، بصناعة دراجة مائية تعمل على (موتور) كهربائي يستخدمها المنقذون للوصول إلى الغرقى وإنقاذ حياتهم في أقصى سرعة بدلًا من السباحة التي تستغرق وقتًا أطول.

الوصول إلى النجاح ليس مستحيلًا ولكنه صعب، يذكر محمد أن الشخص ما دام يمتلك أفكارًا إبداعية لا شيء يعيقه سوى قلة الإمكانات، وعدم توافر الأدوات اللازمة في عملية الحدادة.

الشباب في قطاع غزة منهكون بفعل حصار ممتد منذ 14 سنة ومعدلات بطالة عالية، لذا يناشد محمد القطاع الخاص والمؤسسة الأهلية والدولية توجيه الدعم للشباب المبدعين، الذين يمتلكون أفكارًا هادفة ويحتاجون إلى من يأخذ بيدهم لتحقيقها ليفيدوا أنفسهم ومجتمعهم.

يختم حديثه بدعوة الشباب لعدم الاستسلام للظروف، مهما كانت قاسية، وخلق فرصة لكي يظهر إبداعهم وقدراتهم للناس، لأنهم سيصلون في النهاية.

اخبار ذات صلة