وافقت، أمس، الذكرى الـ30 لمجزرة المسجد الأقصى الأولى، التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 1990، بحق المصلين، حيث علا صوت الرصاص وسالت الدماء.
وحاول مستوطنو ما تُسمى جماعة "أمناء جبل الهيكل" آنذاك وضع حجر الأساس للهيكل الثالث المزعوم في المسجد الأقصى، فهبّ لهم آلاف المصلين، فتدخل جنود الاحتلال، وفتحوا النار عشوائياً تجاه المصلين ما أدى لاستشهاد 21 مواطناً وإصابة أكثر من 200 واعتقال 270 آخرين.
وتُعد تلك المجزرة واحدة من سلسلة المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد المسجد الأقصى منذ عام 1967، وأدت لاستشهاد العشرات وجرح الآلاف، حيث لا يزال يتعرض حتى هذه الأيام للاستهداف المباشر ومحاولات التقسيم الزماني والمكاني، والاقتحامات المستمرة للمستوطنين وأداء الطقوس التلمودية.
المجزرة مستمرة
يستذكر المواطن المقدسي نور الدين الرجبي (60 عاماً) الذي يقطن في البلدة القديمة ما حدث حينها، فيقول لـ"فلسطين"، إنه كان أمام المصلى القبلي حينما دخل المستوطنون بحماية جنود الاحتلال إلى باحات الأقصى، حيث كان يتجمع وقتها عدد كبير من الشباب لحضور ندوة دينية.
ويوضح الرجبي أن الاشتباك كان من طرف واحد وهو الاحتلال الإسرائيلي، ما يدلل أنها خطة مُعدة مسبقاً للاعتداء على المصلين، ضمن محاولات السيطرة على المسجد الأقصى المستمرة منذ عام 1967.
ويؤكد أن المجزرة كانت بشعة وأظهرت وحشية قوات الاحتلال في التعامل مع المصلين وإطلاق النار بشكل عشوائي بلا رحمة، ما أوقع الشهداء والجرحى.
ويشير إلى أن الإضراب الشامل عمّ في أرجاء المدينة المقدسة، وخرجت مظاهرات غاضبة آنذاك، رفضاً للمجزرة الإسرائيلية البشعة في وقتها.
ويبيّن أن الاعتداءات الإسرائيلية لا تزال مستمرة حتى اليوم، في محاولة لإيجاد موطئ قدم للاحتلال في "الأقصى"، وتنفيذ خطط التقسيم الزماني والمكاني، وصولاً للسيطرة المُطلقة على الأقصى.
ويشدد الرجبي على أن "الاحتلال لم يهدأ عن ممارساته ضد الأقصى، ونحن لن نهدأ وسيبقى الاشتباك مستمراً حتى تحرير الأرض المباركة"، لافتاً إلى أن التطبيع العربي شجّع الاحتلال على المزيد من الممارسات التي تمس الدين الإسلامي والمقدسات الإسلامية.
ويؤكد أن أهل القدس لا زالوا يتصدرون المواجهة ويتصدون لجرائم الاحتلال في المسجد الأقصى الذي تعرض لعدة مجازر من الاحتلال، منبّهاً إلى أن الاحتلال يستغل جائحة كورونا المنتشرة حالياً في المسجد الأقصى لتنفيذ مخططاته في الأقصى وإيجاد موطئ قدم له.
وختم الرجبي حديثه "علينا الصبر والثبات وبذل أقصى ما يمكن في مواجهة المحتل، فنحن نملك الإرادة والشجاعة التي واجهنا فيها الاحتلال في كل المجازر والاعتداءات على المسجد الأقصى".
في حين يروي الناشط المقدسي د. جمال عمرو، أنه شاهد جنود الاحتلال قبل دخولهم باحات الأقصى، وهم يتجمعون صباحاً على الرواق الغربي للمسجد الأقصى وآخرين على الرواق الشمالي، وهم مدججون بالسلاح، ومنهم ملثمون، وهو ما يدلل على وجود خطة مدبرة للمجزرة.
ويوضح عمرو، أنه كان يحمل أطفاله لحظة دخول جيش الاحتلال لباحات الأقصى والبدء بإطلاق الرصاص بشكل عشوائي تجاه المصلين الذين لا يملكون أي سلاح يواجهونه به.
ويستذكر أيضاً أن قوات الاحتلال منعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى الشهداء والمصابين، ومنعت كذلك الفرق الطبية، وتركتهم ينزفون، ما دفع بعض الشبان لحمل المصابين على أكتافهم.
ويصف تلك المشاهد بـ"المروعة"، سيّما أن الاحتلال يُطلق النار على مواطنين لا يملكون أي وسيلة للدفاع عن أنفسهم، مشدداً على أن "جرائم الاحتلال لم تتوقف حتى هذه الأيام، ودماء الشهداء لا تزال تُراق لأجله".
ويؤكد أن العداء الصهيوني متأصل ضد الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية، حيث تأتي مجزرة الأقصى ضمن سلسلة المجازر التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى تحديداً منذ احتلاله عام 1967.