تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية، سلسلة من الاضطرابات والاستقطاب الداخلي الذي من شأنه تهديد الائتلاف الحكومي الذي يقوده زعيم حزب (الليكود) بنيامين نتنياهو، تزامناً مع خروج مظاهرات تطالبه بالاستقالة على خلفية فشله في إدارة أزمة كورونا.
وظهرت في (إسرائيل) ملامح أزمة سياسية تتهدد مستقبل الحكومة المشتركة بين حزب الليكود بزعامة نتنياهو، وحزب "أزرق أبيض" بزعامة وزير الجيش بيني غانتس، بحيث لن يسلّم نتنياهو رئاسة الحكومة لغانتس وفق اتفاقهما السابق.
ويخشى قادة "أزرق أبيض" من أن نتنياهو يريد إلقاءهم خارج الائتلاف، بعد أن استغلهم في تمرير قرارات وتشريعات تحميه من المظاهرات المطالبة باستقالته، وهو ما قد يؤمّن له مهربا من محاكمته بتهم فساد.
وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي وديع أبو نصار، إن هناك علاقة متوترة بين نتنياهو وغالبية مركبات الائتلاف الحكومية، وخاصة مع حزب "أزرق- أبيض" برئاسة غانتس، وذلك بسبب لوائح الفساد ضد نتنياهو واتهامه بالفشل في إدارة أزمة "كورونا".
وأشار أبو نصار خلال حديثه مع "فلسطين"، إلى وجود توتر بين نتنياهو والأحزاب الدينية اليهودية في إدارة أزمة كورونا، حيث أن تلك الأحزاب تعطي الغطاء لأداء الكثير من المتدينين اليهود في تحدي الحكومة في كل ما يتعلق بالتعليمات الخاصة بفيروس كورونا.
أما التوتر الآخر، وفق أبو نصار، هي أزمة نتنياهو داخل الليكود، غير المُعلن عنها حتى الآن، حيث أن كثير من الأصوات ممتعضة من كيفية إدارة نتنياهو لأزمة "كورونا"، سيّما أن (اسرائيل) وصلت لمرحلة أنها من أسوأ دول العالم في تفشي الوباء.
وذكر أن مجموعة من النواب في حزب غانتس، تطالب بفض الشراكة مع نتنياهو والذهاب لانتخابات مبكرة، لكّن الأول لم يحسم الأمر بعد، معتبراً أن "حكومة الاحتلال تسير على حقل مليء بالألغام".
وأضاف "بات الجميع يدرك بأن الانتخابات قاب قوسين أو أدنى، حيث سنشهد ما قبل تشرين أول العام القادم 2021 ستُجرى الانتخابات".
ورأى أن هذه الاضطرابات ستؤثر على مستقبل نتنياهو السياسي، وتضرب مصداقيته أمام الجمهور، مستدركاً "لكن هناك كتلة من اليمين المؤيد لنتنياهو، ويسيرون خلفه رغم فشله".
وبيّن أن نتنياهو سيحاول الظهور على أنه بذل الكثير من أجل الدولة، واتهام آخرين بعدم الالتزام بالإجراءات المفروضة من الصحة الإسرائيلية بشأن كورونا.
وتابع أبو نصار: "(اسرائيل) تعاني من استقطاب داخلي خاصة في الشارع اليهودي، وهذا قد يؤدي إلى نشوب خلافات سياسية كبيرة ومظاهر عنف خاصة ضد المتظاهرين المطالبين برحيل نتنياهو".
وختم حديثه "لا أرى أي منافسة حقيقية لنتنياهو، فرغم تراجع قوته لا يوجد أي تعاظم للمنافسين، لذلك لا تزال الفرصة سانحة لعودته للحكم، خاصة مع تأجيل محاكمته بتهم الفساد لعدة أشهر".
مظاهر صراع
وقال الباحث في الشؤون الإسرائيلية عليان الهندي، إنه "منذ توقيع اتفاق الائتلاف كانت بنوده تعبر عن عدم ثقة عميقة بين حزبي الليكود و"أزرق- أبيض".
وأوضح الهندي خلال حديثه مع "فلسطين"، أن نتنياهو شخص كاذب ولا يتمتع بثقة النخب المختلفة، "لكن عدم وجود بديل له جعله الخيار الوحيد، خاصة أن (اسرائيل) لم تفرز أي شخصيات قيادية لقيادتها"، وفق رأيه.
وبيّن أن المخطط الجديد الذي اتضحت ملامحه لحزب "أزرق أبيض"، هو القضاء على كورونا ثم التوجه للانتخابات العام القادم، حيث سيستطيع نتنياهو الفوز فيها، خاصة بعد نجاحه بإقامة علاقات مع الدول العربية دون تنازلات.
وأشار الهندي إلى أن غانتس يعتمد على نقطة قوية رغم أنه لا يشغل منصب رئيس حكومة، "لكنه يخشى في الوقت ذاته من الانجازات السياسية لنتنياهو وإمكانية القضاء على كورونا".