قائمة الموقع

تفسير علم النفس لسلوكيات غير الملتزمين إجراءات الوقاية

2020-10-03T13:24:00+03:00

أتى هذا العام حاملًا فيضًا من التحديات، حافلًا بالكثير من الأحداث، التي كان أبرزها وأكثرها تأثيرًا حتى الآن هو جائحة كورونا، التي ما زال البشر يعاركونها بمحاولاتٍ يائسةٍ منهم للانتصار عليها.

مرّ هذا العام بلا أحضانٍ وقبلات، وكأن إحداهن قررت على حين غرةٍ ترك عادات النساء السقيمة، مَضَى حاملًا الراحة لبعضٍ الذين تخلصوا من صخب قاعة الحفلات إلى جانب منازلهم، أتى متحديًا أحلام طلاب الثانوية بالتفوق، مرّ ثقيلًا على السائقين الذين ضاقوا ذرعًا، مضى هذا العام ببطء مقيت مجبرًا جيل الحداثة والتكنولوجيا على الاختباء في المنازل خوفًا من كائن أصغر من أن تستطيع رؤيته بالمجهر المركب.

وبدلًا من التعاون والتكاتف والتزام الإرشادات، نرى على نحوٍ مفاجئٍ كثيرًا ممن يرفضون تفهم خطورة الموقف بمكابرةٍ قد تبدو غريبة، ولكنها في الواقع ليست سوى نتيجة لاختلاف طرق التفكير، أو ما يسمى العمليات الوسيطة.

اعتمدت المدرسة المعرفية التي أسسها عالم النفس السويسري جان بياجيه دراسة السلوك الإنساني مع التركيز على العمليات الوسيطة التي تسبق الاستجابة للمؤثرات، إذ رأى أن كل حدثٍ أو مثيرٍ يتعرض له الفرد يتفاعل مع العمليات العقلية والخبرات السابقة لدى الإنسان لإصدار استجابة ملائمة، وبذلك إن طريقة تفاعل الأفراد مع المؤثر نفسه تختلف من شخص إلى آخر، وتختلف أيضًا لدى الشخص ذاته في سن مختلفة، ومن هنا، فقد تعددت طرق استجابة الأفراد لجائحة كورونا، فمنهم من لزم بيته واتبع التعليمات، ومنهم من تجاهل التحذيرات واستخف خطورة الوضع.

أما الملتزمون فقد يكون التزام بعض الناس إجراءات الوقاية نابعًا من قدرتهم على تفهم خطورة الموقف وإيمانهم بأن الخوف والهلع سيزيدان الأمور سوءًا فما عليهم سوى اتباع الإرشادات، أو قد يكون جزءًا من التزامهم بتعاليم الإسلام اقتداءً بقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "الفارّ من الطاعون كالفار من الزحف، والصابر فيه كالصابر في الزحف"، ويمكن تفسير سلوكهم أيضًا بكونه متأثرًا بمشاعر الثقة والاحترام التي يكنونها لقرارات الحكومة، أو لخوفهم الشديد من فكرة المضاعفات الناتجة عن الإصابة.

ونجد أشخاصًا آخرين يستخفون المرض ويشكِّكون في خطورته، وهو أمر شائع كثيرًا، وهناك من ينكرون وجوده أصلًا، ويكون اعتقادهم هذا نابعًا من تشرب عقولهم ما يسمى نظرية المؤامرة، ظانين أن القضية هي إحدى ألاعيب الدول العظمى أو القوى الخفية للسيطرة على العالم.

أضف إلى ما سبق، السعي وراء الرغبات، فوضع الكمامة في هذا الحر القائظ ليس أمرًا مرغوبًا، كما أنه من الصعب أيضًا منع الأحضان والقبلات الشائعة اجتماعيًّا، خاصةً بين النساء، والأصعب من ذلك منع التجمعات في الأعراس وبيوت العزاء والاحتفالات أيًّا كان سببها، التي تعد جزءًا لا يتجزأ من العادات والتقاليد الشرقية.

ومن ناحية أخرى قد يرى بعضٌ أن إرشادات الوقاية هذه لا طائل من ورائها، مستشهدين على ذلك بصديقهم الذي توفي في إثر إصابته بالفيروس رغم شدة التزامه بالتعليمات، فضلًا عمن يرى التشدد بالدعوة إلى التزام التعليمات تحديًا؛ فيلجأ إلى المخالفة عنادًا وحبًّا في التمرد.

وبذلك إن قلة الالتزام خاصةً في المجتمعات العربية قد يكون سببها شحًّا في الوعي، وانعدام الخبرات السابقة للتعامل مع الأوبئة والجوائح التي تضع المجتمعات على المحك، أضف إلى ذلك بدائية العمليات الوسيطة (التفكير والعمليات العقلية)، الأمر الذي يؤدي بالمجتمع إلى زيادة في عدد الإصابات.

الخلاصة: الالتزام بإجراءات الوقاية والسلامة الأولية تدل على مدى رقي وتحضر المجتمعات والأفراد وتثبتهما.

اخبار ذات صلة