في إطار محاربة الأسرى المحررين، وفرض السياسة الأمريكية الإسرائيلية في ملاحقتهم بأماكن وجودهم وإقامتهم، كشف الأسير المحرر نزار التميمي زوج الأسيرة المحررة أحلام التميمي، عن تفاصيل إبعاده من المملكة الهاشمية الأردنية.
وأوضح التميمي، وهو محرر في صفقة وفاء الأحرار أن السلطات الأمنية الأردنية، أبلغته قبل أسبوع، وبدون مقدمات بأن وجوده على أرض المملكة غير مرغوب فيه.
تفاصيل القرار
وقال: "طلبت مني السلطات الأمنية المغادرة الفورية من الأردن، وأن قرارهم قطعي ونهائي غير قابل للنقاش أو التراجع عنه تحت أي ظرف من الظروف".
وأضاف: "هذا الأمر حال دون قدرة أحد على التأثير عليهم لمصلحة التراجع عن القرار، وباءت كل الجهود المبذولة بالفشل على هذا الصعيد، وكل ما استطعت العمل عليه هو منحي بضعة أيام لترتيب بعض أموري الحياتية فقط"، وفق حديثه لـ"المركز الفلسطيني للإعلام".
وأردف بالقول: "تم إبلاغي بالقرار من غير إبداء الدافع والسبب من ورائه، ونتاج ذلك وبعد انقضاء المهلة التي تنتهي اليوم الخميس الموافق 1-10، خرجت مكرهاً متوجهاً إلى قطر بحكم حيازتي إقامة على أراضيها".
ووصف المحرر التميمي، القرار الأردني بـ"غير المنطقي"، قائلاً: "القرار جاء في ظرف حساس جداً، وزوجتي بأحوج ما تكون فيه ملازماً لها في ظل مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية تسليم الأردن لها".
وتابع: "المنطق يقول أن أحلام التميمي الأردنية التي تعيش في كنف دولتها وشعبها هي أحوج ما تكون في هذا الظرف الاستثنائي لزوجها، الذي يشكل لها مصدر أمان وسكينة واستقرار"، مضيفاً: "والمنطق يقول أيضا إن أصحاب القرار يدركون ذلك، وكان عليهم مراعاة الأمر".
وأكمل حديثه لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "أصحاب القرار كان عليهم العمل على تثبيت أواصر هذه الأسرة ودعمها؛ إلا أن ما حصل جاء بخلاف ذلك، ويفتح المجال أمام عواقب قد تكون غير محمودة؛ لأن أحلام كانت وما زالت ضمن دائرة الاستهداف، وإبعادي عنها بهذه الطريقة القسرية يجعل من الدائرة تتسع أكثر".
وشدد التميمي على رفضه القرار "غير المنطقي وغير المبرر"، قائلاً: "صحيح أنني لم أكن أملك رفض تنفيذه، وأرغمت عليه جبراً؛ إلا أنني من واقع محبتي وانتمائي للمملكة أطلب الجهات المختصة بالتراجع الفوري عنه".
يخدم المتربصين
وأضاف: "القرار لا يخدم إلا المتربصين وسيترتب عليه أبعاد كثيرة؛ لأن الأصل والمركز الذي فيه أحلام بما تمثل من رمزية وقيمه وطنية، لا يجوز الاستهانة بها أو عدم الاكتراث بمصيرها".
وأردف بالقول: "الخشية قائمة، لأن ما حدث يدفع باتجاه تعاظم هذه الخشية، فمن غير قرار كهذا كانت هذه الخشية تلازمنا، فما بالكم الآن؟!".
وحول فرض المعادلات واقعاً، قال التميمي: "فرض المعادلات قد لا يحقق الأهداف المرجوة منها، فأنا وإن خرجت مكرهًا؛ إلا أن أحلام باقية في بلدها وبين أهلها وشعبها".
وأضاف: "من الصواب الوقوف عند المسؤوليات لا إدارة الظهر لها، وحل المظلمة الواقعة عليها مسؤولية الدولة، لأن الدولة هي المسؤولة عن صيانة وحفظ كرامة أبنائها".
واقع جديد
وأكد أن حل قضية أحلام لا يكون بإخراجي، ولا بمحاولة دفعها للخروج من وطنها؛ بل بإنهائها مع الطرف الذي يتربص بها".
وأوضح أن هذا القرار هو فرض أمر واقع جديد على المحررة التميمي وأسرتها، قائلاً: "بناء عليه سنحدد لاحقاً ما يجب علينا القيام به، وكيفية تحمل كل الأطراف مسؤولياتها الوطنية حيال ما حصل أو ما سيحصل".
يذكر أن الأسير المحرر نزار التميمي هو زوج الأسيرة المحررة أحلام التميمي التي تقيم بالأردن، وقد أفرج عنهما بموجب صفقة تبادل الأسرى التي أبرمتها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مع الكيان الإسرائيلي بواسطة مصرية في العام 2011.
وتعرض الأردن لضغوط أمريكية، من أجل تسليم أحلام التميمي المواطنة الأردنية فلسطينية الأصل إلى واشنطن.
وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن 7 أعضاء جمهوريين في الكونغرس الأمريكي وجهوا في 30 نيسان/أبريل الماضي، رسالتهم التحذيرية إلى سفير الأردن لدى واشنطن، ونشرتها جمعية الضغط السياسي EMET الموالية للاحتلال.
وأشارت الصحيفة إلى أن أهمية هذه الرسالة تكمن في أن كاتبها هو عضو الكونغرس الجمهوري غريغ ستيوب، عن ولاية فلوريدا، ووقعها أعضاء بالكونغرس مشهورون بصلتهم الوثيقة بإدارة ترمب.
السجن مدى الحياة
ووجّهت وزارة العدل الأمريكية إلى أحلام التميمي تهمة "التآمر لاستخدام سلاح دمار شامل ضد مواطنين أمريكيين خارج التراب الأمريكي نتج عنه وفاة" وفق زعمها، وطلبت ترحيل التميمي ومحاكمتها.
وتواجه الأسيرة المحررة عقوبة السجن مدى الحياة إذا اعتقلت وحُوكمت في الولايات المتحدة، لكن محكمة التمييز -أعلى هيئة قضائية في الأردن- صدّقت عام 2017 على قرار صدر عن محكمة استئناف عمّان، يقضي برفض تسليم التميمي إلى السلطات الأمريكية.
ومنذ قراره القطعي عام 2017 يقول القضاء الأردني: إن الأردن والولايات المتحدة وقعتا بتاريخ 28 آذار/مارس 1995، معاهدة بينهما لتسليم المجرمين الفارّين لديهما، لكن المعاهدة لم يصدّق عليها مجلس الأمة استكمالاً لمراحلها الدستورية رغم توقيعها.
وبحسب القضاء؛ فإن الاتفاقية تعد غير نافذة ولا مستوجبة للتطبيق، ويترتب عليها عدم قبول طلب التسليم، وفقاً لقرار محكمة التمييز؛ "لأن طلبات تسليم المجرمين المرسلة إلى السلطات المختصة في المملكة من دولة أجنبية، لا تكون مقبولة ما لم تكن نتيجة معاهدة أو اتفاق معقود ونافذ بشأن المجرمين".
ومنذ ذلك الحين لم تتوقف المطالبات والضغوطات الأمريكية بتسليم التميمي، في حين جددت الحكومة الأردنية رفض التسليم، لكن الضغوط الأمريكية عادت اليوم، بل وتحمل معها صيغة تهديد للأردن، بعد المذكرة التي سلمت للسفارة الأردنية بواشنطن من أعضاء في الكونغرس الجمهوريين.