قائمة الموقع

في "يومها الدولي".. المُسنة "فتحية أبو رزق" تقهر كورونا

2020-10-02T15:41:00+03:00

يهدد فيروس "كورونا" كبار السن؛ وينهش أجسادهم في حال كانوا يعانون أمراضًا مزمنة، فلا مناعة لدى معظمهم تقيم جدار المواجهة أمام الفيروس، ليكون الطريق أمامه مفتوحًا متغلغلًا بسهولة في الجسم بلا قتال أو مواجهة، هكذا أودى بحياة كثيرين، لكن حالة المسنة فتحية أبو رزق التي طرقت باب الـ72 من عمرها كانت مختلفة، فهذه "الختيارة" وكلت أمرها إلى الله؛ وخاضت المعركة متسلحة بـ"الإيمان بالقدر".

المسنة التي بصعوبة تستطيع المشي ثلاث خطوات للأمام، تتقطع معها أنفاسها، وتلهث متعبة، تعاني ضعفًا بعضلة القلب، ومرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، لحظة إصابتها بفيروس كورونا أقامت عائلتها مراسم الوداع لها حينما نقلتها سيارة الإسعاف إلى مستشفى غزة الأوروبي؛ وتأهبوا بحزن لنصب صوان العزاء بعد أيام قليلة اعتقادًا أن أمهم لن تستطيع مواجهة الفيروس بهذا الجسد الضعيف.

لكن شاء الله أن تحيا، وتتعافى من الفيروس، وتعود إلى أولادها بعد 21 يومًا من العلاج والرعاية الطبية سليمة، واستقبلت كما تستقبل العروس يوم زفافها، تحت وقع الطبول وأصوات الألعاب النارية التي عمت منطقة سكنها بمحافظة رفح.

خوف وترقب

تخرج الكلمات متثاقلة من حنجرة الحاجة أبو رزق عبر الهاتف، لا تقل ثقلًا عن خطواتها، تقول: "حينما ظهرت النتيجة وتبين أني مصابة بفيروس كورونا، انتابني الخوف، فلم أتوقع أن يصيبني، لكن اعتمدت على الله، رغم أن الإنسان يفكر ويبقى لديه شعور الخوف، وقدر الله أن أعود إلى أولادي سالمة".

ولأن "الفضل لأهل الفضل يذكر"، تعلق على الرعاية الطبيبة المقدمة لها في حديث مع صحيفة "فلسطين": "طوال 21 يومًا، قدموا لي علاجًا، وفيتامينات، وإبرًا، وغذاء، وطعامًا نظيفًا مما لذ وطاب، يوميًّا يمر الأطباء لقياس وفحص الضغط والسكري ثلاث مرات، وقياس الحرارة، وتقديم الرعاية".

بعفوية تثني على دور الأطباء: "حرام الأطباء اهتموا بي كثيرًا، وكان لهم فضل في رعايتي وتعافيّ بهذا الشكل".

ولأن المسنة تحتاج لمن يرعاها، غامرت إحدى بناتها بنفسها وظلت بجانب والدتها ترعاها طوال 21 يومًا، تسندها وتسهر على رعايتها؛ لم يكن الفيروس حائلًا بين الأم وابنتها، فللضرورة أحكام، ولا يمكن أن تمكث المسنة وحدها طوال هذه المدة، دون رعاية، فمكثت ابنتها بجوارها، غير آبهة بالنتائج التي قد تحدث، والإصابة بالفيروس، لكنها لحسن حظها لم تصب.

فرحة غامرة

"لما قالولي إنه نتيجتك سلبية في الفحص الثاني، وإني مروحة، بكيت من الفرحة" -يبتسم صوتها هنا- "حتى بنتي بتسألني: (يما إنت بتعيطي زعلانة إنك بدك تروحي؟!)، فنهرتها ومسحت دموعي: (بدي أروح، ولك مبسوطة)".

عاشت العائلة أوقاتًا صعبة لحظة إعلان إصابة والدتهم، يقول ابنها الأكبر حاتم: "الغريب أنه ليس معروفًا كيف انتقل إليها الفيروس، فهي كانت تذهب لتلقي العلاج بمستشفى أبو يوسف النجار، وطوال مدة الإصابة كانت بخير ولم تعانِ أي أعراض للإصابة بالفيروس".

كان المشهد متوترًا في اللحظات الأولى: "غلبنا الخوف على أمي، لأننا نعلم أنه إن أصاب كبار السن فإن 90% ستحدث الوفاة، وتوقعنا أن تمر عدة أيام وتعلن وفاتها، خاصة أنها كبيرة في السن ولديها أمراض مزمنة (...) إرادة ربنا كبيرة، بعدما مر 14 يومًا دون أعراض بدأ الأمل يتسلل إلينا وتتغير توقعاتنا".

العائلة بالكامل حجرت 21 يومًا؛ منعت من الخروج من المنزل إجراء احترازيًّا، يصف تلك الأوقات: "عشنا لحظات صعبة، لا نستطيع الخروج من المنزل، أو إخراج نقود، تأثرنا نفسيًّا بها، لكن الذي هون علينا هو أن نتيجة فحص كل أفراد العائلة كانت سلبية، ولا يوجد أي أعراض".

يصف لحظة عودة والدته: استقبلناها استقبال عروس، وكانت فرحتنا كبيرة، بعدما عادت أمي لبيتها سالمة غانمة".

وأتت فرحة الانتصار بشرى لمسني غزة، عشيّة اليوم الدولي للمسنين، الأول من تشرين الأول (أكتوبر)، أنّه لا يوجد مستحيل وأن إرادة الله نافذة.

وبلغ عدد المسنين في فلسطين 233,269 مسنًّا، في عام 2017م، بواقع 152,443 مسنًّا في الضفة الغربية، بنسبة 5.4 من المئة، و80,826 مسنًّا في قطاع غزة، أي ما نسبته 4.3 من المئة، وفقًا لبيانات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني عام 2018م.

اخبار ذات صلة