فن الإلقاء من المهارات الأهم لدى الأشخاص الأكثر فعالية وتأثيرًا، فهي أسلوب الأنبياء في التوجيه وتقديم النصح، قال (تعالى): "وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا".
كما إنها من أهم معايير الحكم على الآخرين بالنجاح، فالشخص الذي لا يستطيع إيصال المعلومة للآخرين يصنف شخصًا غير ناجح، على الرغم من فعاليته بالعمل.
إن الخوف من مواجهة الجمهور يدفع الشخص لتفضيل الصمت، ما يجعل الآخرين يشعرون بالملل، ويمنعهم من التحاور معه، وبذلك تحجب عنه كثير من المعلومات.
الإلقاء فن وعلم قائم على مجموعة من القواعد والأصول والمفاهيم، التي يمكن اكتسابها بالتعلم والتدريب.
إليك ٣ خطوات رئيسة لتعلم مهارة الإلقاء مستوحاة من الكاتب كارمن غالو.
أولًا: كن عاطفيًّا.
كي تستطيع إيصال أي رسالة للآخرين يجب على هذه الرسالة أن تخاطب القلب والعقل معًا، وهذا ما يغفل عنه الكثير من الناس بتجاهلهم الجزء العاطفي للمستمع، ويركزون على الجزء العقلي فقط المتمثل في سرد الحقائق والمعلومات والإحصائيات، ظنًّا أن ذلك سيجعلهم أكثر واقعية وتأثيرًا، لكنها -يا للأسف- تصيب المستمع بالملل وعدم التركيز.
ولكي تخاطب وجدان الآخرين عليك مراعاة النقاط الثلاث التالية:
_ كن شغوفًا: اقتنع بما تقول وحب ما تقوم به.
_ اسرد القصص بفن: الإنسان بطبعه يحب القصص التي تجعل روحًا للمحتوى الذي نتحدث عنه، اسرد قصة عنك أو عن غيرك أو عن شركة، على الأقل اسرد قصة واحدة، وينصح أن تكون في بداية اللقاء، مع ضرورة اختيار القصة المناسبة وعرضها بصوت يلائم مراحل القصة من مقدمة وعقدة وحل، وعناصرها من أحداث ووقائع وشخصيات وحوار.
_ تحاور مع الناس كأنهم أصدقاؤك: تكلم مع جمهورك بثقة، ولتتمكن من ذلك كرر المحتوى أكثر من مرة لتتفادى الأخطاء وتعالجها.
ثانيًا: كن مبدعًا.
انتشار الأفكار مرتبط بطريقة طرحها الإبداعية، علماء الأعصاب أثبتوا أن المخ يفرز مادة الدوبامين حينما يدمن الأشياء التي تسعده، وهذا سبب نجاح انتشار الأفكار الجديدة، ولتصبح مميزًا يجب عرض أفكارك بطريقة إبداعية جديدة، ولكي تصبح مميزًا استخدم القاعدتين التاليتين:
_ استخدم عنصر الصدمة: صدم الجمهور بمعلومة أو فيديو أو تصرف، كما فعل بيلجيتس حينما استخدام علبة فيها نموس، وفتحها أمام الجمهور لتوصيل كيف تنتشر الملاريا في أفريقيا عبر النموس.
_ استخدم روح الدعابة: اجعل الجمهور يضحك ويتفاعل معك، فالمرح يجعلهم أكثر تركيزًا، لكن لا تستخدم النكتة لأنها ببساطة ستفقد احترامهم لك، تكلم عن موقف مضحك أو تشبيه مضحك يدخل السرور دون أن تفقد احترامك.
ثالثًا: كن حاضرًا بالأذهان.
ولكي تترك بصمتك سهلة التذكر، يجب عليك أن تستخدم القواعد الثلاث التالية:
_ اتباع قانون الـ18 دقيقة: أثبتت الدراسات أن الإنسان يفقد تركيزه بعد 18 دقيقة، ويشعر بزخم المعلومات وبذلك تقل فرصه بتذكر ما يقال.
_ كن كما أنت: لا تقلد أحدًا، اصنع أسلوبك الخاص وطريقتك الخاصة التي تميزك من الآخرين.
_ استخدم حواس الجمهور لإيصال فكرتك: استخدم جميع الحواس لإيصال فكرتك، خاصة حاسة البصر، فالإنسان يتذكر ٦٥٪ من المعلومات في حالة استخدام الصور، أما الصوت فـ١٠٪ فقط، لذا استخدم الصور أكثر، إضافة إلى استخدام مهارات الصوت بطبقاته وقوته حسب الموقف.
ختامًا تذكر: لكي تحظى بقبول الناس عليك أن تكون شخصًا قويًّا ذا حضور بالغ مؤثر في حياتهم، ولكي تستطيع التأثير بهم عليك أن تملك الخطاب المميز الذي تخاطبهم به، والطريقة المميزة في إلقائه.