أظهرت العديد من الدراسات أن النظام الغذائي المتوسطي أو ما يطلق عليه أحيانا «حمية البحر الأبيض المتوسط» يمكن أن يسبب فقدان الوزن، ويساعد على منع النوبات القلبية والسكتات الدماغية والوفاة المبكرة، ويحسّن السكري من النوع الثاني.
يعتمد النظام الغذائي المتوسطي على الأطعمة التقليدية التي اعتاد الناس عليها، وتشمل كميات صغيرة من اللحوم والدواجن والأسماك غير الدهنية، جنباً إلى جنب مع الحبوب الكاملة، مثل الأرز البني والخبز الكامل والدهون غير المشبعة، مثل المكسَّرات وزيت الزيتون، والكثير من الفاكهة والخضار.
يحظى النظام الغذائي المتوسطي المعترف به منذ فترة طويلة لوقف تطور أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم والخرف أيضا بشعبية في دول مثل اليونان وأسبانيا وإيطاليا.
وهذا يعني أن النظام الغذائي يلعب دورا أساسيا في صحة الدماغ. إن أمراض التمثيل الغذائي - مثل أمراض القلب والسكري - مسؤولة عن نصيب الأسد من حالات الخرف في المملكة المتحدة كما أوردت صحيفة ديلي ميل البريطانية.
ومن المثير للاهتمام أن تناول الطعام بهذه الطريقة يبدو أن له تأثيراً أكبر على صحة الدماغ من النظام الغذائي التقليدي لفقدان الوزن، ووجدت دراسة Predimed أن الأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن ويتبعون نظاما غذائيا متوسطا يتضمن زيت الزيتون والمكسرات كل يوم لمدة ست سنوات كانوا أقل عرضة للإصابة بالخرف من أولئك الذين لديهم خطط تشمل دهوناً منخفضة.
ووجدت الأبحاث السويدية التي شملت أكثر من 2000 شخص فوق الستينيات أن الالتزام بهذا النوع من النظام الغذائي مرتبط بمعدل أبطأ من التدهور المعرفي ومهارات التفكير.
الفاكهة والخضروات
ويعتقد بعض العلماء أن الدهون الصحية الوفيرة في النظام الغذائي المتوسطي، الموجودة في المكسرات والأسماك وزيت الزيتون وبعض اللحوم، قد تقلل من الجزيئات الالتهابية في الدماغ التي تؤثر في قدرتنا على معالجة المعلومات. لكن الحقيقة البسيطة هي أن تناول الكثير من الخضار والفاكهة والحبوب الكاملة والبروتين الخالي من الدهون يساعد على التحكم في الجزيئات ويقلل من خطر السمنة، والتي تعد واحدا من أكبر عوامل الخطر لسوء صحة القلب والسكري، وبالتالي الخرف.
ارتفاع ضغط الدم هو أحد الأسباب الرئيسة الأخرى للخرف، فهو يتلف الأوعية الدموية الصغيرة التي توفر الأكسجين للدماغ.
ويعرف معظم الناس العلاقة بين تناول الملح وارتفاع ضغط الدم، ولكننا ما زلنا نأكل في المتوسط نصف ملعقة صغيرة يومياً أكثر من الحد الموصى به، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تراكم السوائل الزائدة في مجرى الدم، ما يزيد من الضغط على الأوعية الدموية المؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.
ويمكن أن تساعد الخضروات التي تحتوي على نسبة عالية من البوتاسيوم، مثل البطاطا الحلوة والبازلاء والبروكلي، في استعادة توازن السوائل في مجرى الدم، والحفاظ على استقرار ضغط الدم.
مقاومة الخرف والزهايمر
أظهرت الدراسات أن النظام الغذائي المتوسطي، أو حمية MIND، قللت من خطر الإصابة بأكثر أشكال الخرف شيوعا، ومرض الزهايمر، وتباطؤ التدهور المعرفي. أولئك الذين تناولوا الكثير من الخضار الورقية وبعض أنواع التوت لديهم مخاطر منخفضة بشكل خاص.
بالإضافة الى أن الأنظمة الغذائية الغنية بالأسماك الدهنية، مثل التونة والسلمون والماكريل، ترتبط بانخفاض خطر الإصابة بمجموعة من الأمراض، بما في ذلك أمراض القلب والسكري من النوع الثاني، وحتى الخرف.
ضرورة الكربوهيدرات
غالباً، ارتفاع مستويات السكر في الدم من النوع الثاني يرتبط بشدة بالخرف، إلا أن المشاكل قد تبدأ في وقت أبكر مما كان يعتقد في السابق، حتى مع ارتفاع السكر في الدم بشكل طفيف، فالأمر مرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والدماغ. ولكن على الرغم من المعتقدات الشائعة، فليس من الضروري قطع الكربوهيدرات بشكل كبير لتحقيق مستوى صحي من السكر في الدم.
في الواقع، قد تكون فكرة سيئة، حيث قالت اختصاصية تغذية متخصصة في إصابات الدماغ الدكتورة ليزا جاتنبي: «من الخطأ اتهام الكربوهيدرات كمذنب رئيس، فلممارسة التمارين الرياضية بانتظام وفقدان الوزن تأثير أكبر على المدى الطويل.
وعلى الرغم من أن الأنظمة الغذائية المنخفضة الكربوهيدرات تؤدي بالفعل إلى فقدان الوزن على المدى القصير، فهي ليست أفضل على المدى الطويل من الأنظمة الغذائية الأخرى، مثل المنخفضة الدهون أو المنخفضة السعرات الحرارية».
وأضافت جاتنبي أن «منع تناول الأطعمة مثل الخبز، والقمح، والشوفان، بالكامل يمكن أن يكون ضارا بصحة الدماغ، حيث يوصى بتناول الحبوب الكاملة كجزء من كل من صحة القلب ومنع الالتهابات»، موضحة أن «الألياف لا تقلل فقط من خطر الإصابة بسرطان الأمعاء، من خلال مساعدة الطعام المهضوم على الانتقال إلى داخل الجسم وخارجه، فقد ثبت أيضاً أنها تساعد في منع تراكم الدهون في الشرايين التي تنقل الدم من القلب إلى بقية الجسم، كما أنها تحافظ على ضغط الدم ثابتا، ما يوفر إمدادا أفضل بالأكسجين والمواد الغذائية للدماغ».