أصبحت هواية السيدة أم محمد الغماري (72عاما) في فن التطريز وإجادتها له منذ طفولتها، مصدر رزق لها ولعائلتها اليوم في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة منذ نحو عشر سنوات.
الغماري من سكان حي الشجاعية شرق مدينة غزة، تنحدر من قرية الكوفخة المحتلة الواقعة إلى الشمال الشرقي من مدينة غزة، هاجرت مع عائلتها إلى مدينة غزة عام 1948.
أهلها كان لهم منزل في غزة هاجروا إليه وسكنوه، وهاجرت معهم عائلة من قرية قطرة، تعلمت على يد احدى سيداتها فن التطريز.
الغماري قالت في حديثها لصحيفة "فلسطين" التي قابلتها على هامش معرض تراثي في مدينة رفح جنوب قطاع غزة: "كانت السيدة تغزني في يدي بالإبرة، وتقول لي اذهبي للنوم حتى تكبر يدك"، وكنت أطاوع كلامها، حيث حينها كنت صغيرة في السن.
وتابعت: "منذ طفولتي كنت أمارس هواية التطريز، حتى التحقت بالمدرسة وأنهيت دراستي، إلى أن جار علينا الزمن، فعدتُ إلى التطريز"، مضيفةً: "بداية الأمر كنت أعتبر التطريز هواية، أنجز المطرزات والقطع الجميلة وأهديها وأوزعها على الأحباب، لكن الهواية اليوم أصبحت مهنة، أقتاتُ منها".
وأردفت: "منذ 15 عاما، يعيش عيالي وأبنائي من وراء هذه المهنة، سيما أن أحد أبنائي لديه إعاقة، لا يجد من يعيله بعد وفاة زوجي".
وأكدت الغماري أن الأمر ليس مقتصراً على أنه مصدر رزق، لكنه أيضاً "تراثنا الفلسطيني المتجذر في عقولنا وذاكرتنا، وهويتنا التي نعتز بها ونحافظ عليها،.. من أجله بذلنا الدماء، كما أنه ماضينا الجميل، ومن لا يملك ماضياً لا يملك حاضراً ولا مستقبلاً".
وقالت: "كنا زمان نحيك الجلابيات للأطفال والشالات للنساء والثياب، أما اليوم نُحَبّب الصبايا والنساء والشباب بتراثنا من خلال إدخاله في المحافظ والأساور والعقود والسابوهات والحقائب والصور، والتحف والهدايا".
وفي زاويتها من المعرض التراثي عرضت قطعاً واكسسوارات تراثية جذبت كل من نظر إليها بألوانها الزاهية، منها أساور وعقود وخواتم وأثواب وأعلام فلسطين وقطعة قماشية حَاكت عليها قبة الصخرة، ووجوه وسادات جميعها مزينة بغرز تطريزية مميزة.
وتلجأ الغماري إلى المشاركة في المعارض لجذب الزبائن، خصوصاً أنها كانت تبيع المنتجات في أحد المحلات التجارية في منطقة الرمال، لكن مع غلاء الأجور والركود الاقتصادي، اقتصر الأمر على العمل والبيع في المنزل.
وتعتقد أنه من الواجب المحافظة على التراث الفلسطيني والهوية الفلسطينية بكل أشكالهما، خاصة أن اليهود والأجانب يحاولون سرقتهما، حتى وصل الأمر بهم إلى سرقة "الفلافل"، وفق حديثها.
وتجيد الغماري النقشات التراثية الخاصة بكل بلد وقرية فلسطينية، والتي تحيكها بيديها الخشنتين والمجعدتين على الأقمشة والأثواب، وتفرق بين كلٍّ منها بسهولة وتعرف دلالة كل واحدة منها و رمزيتها.