في الثالث من شهر مايو/ أيار المقبل، سيلتقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، وتدور حول اللقاء المرتقب العشرات من التساؤلات، فالإدارة الأمريكية لم تحسم موقفها حتى اللحظة إذا ما كانت ستدعم حل الدولتين الذي تطالب به السلطة الفلسطينية ويدعمه اليسار الإسرائيلي، أم ستدفع باتجاه حل الدولة الواحدة الذي يفرضه اليمين الحاكم ويدعمه ترامب، وفقاً لمحللي الشؤون السياسية.
"الأبيض فوضوي"
فمن جهته، أشار أستاذ العلوم السياسية، عمر جعارة، المختص في الشأن الإسرائيلي، إلى أن إعلام الاحتلال ركز في الآونة الأخيرة على بث صور من داخل البيت الأبيض للملفات المبعثرة والمستشارين الأمريكيين وقوفا وجلوساً يتكلمون، ليظهر أن البيت الأبيض بات "فوضوياً" في ظل وجود ترامب.
ويفسر في حديث لصحيفة "فلسطين": "الإعلام الإسرائيلي يرد بالقول إنه غير مرتاح من وجود ترامب في البيت البيضاوي وبسببه قامت هذه الفوضى".
وكان الرئيس الأمريكي قد وجه في مارس/ آذار الماضي دعوة إلى رئيس السلطة لزيارة البيت الأبيض، دون أن يحدد موعد اللقاء قبل أن تعلن الرئاسة الفلسطينية قبل أيام عن يوم الثالث من الشهر المقبل موعدًا للقاء المفترض.
وأوضح جعارة لصحيفة "فلسطين"، أن حكومة الاحتلال شعرت بـ"الحرج" من دعوة ترامب لـ"أبو مازن، وأنبرت منابرها الإعلامية للحديث عن ضرورة أن يزور ترامب القدس المحتلة أو (تل أبيب) في مقابل هذه الدعوة، من قبيل الضغط على الإدارة الأمريكية لتحقيق مزيد من التقارب مع (إسرائيل).
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية، أن ذهاب عباس إلى البيت الأبيض في ظل الأزمة التي تعصف بالسياسة الداخلية الفلسطينية "سيضعف موقفه لأنه لا يملك أية مقومات للضغط على واشنطن، التي ستملي بدورها على عباس رؤيتها للصراع".
وقال: "شأن عباس في ذلك، شأن باقي منظومة النظام العربي"، منبهاً إلى أن الإدارة الأمريكية لم تحسم موقفها من حل الدولتين الذي يريده عباس واليسار الإسرائيلي، ولا من حل الدولة التي يضغط باتجاهها اليمين الإسرائيلي المسيطر على الحكومة القائمة حالياً.
وكان الرئيس الأمريكي، قد صرح في 15 شباط/ فبراير الماضي، خلال مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في واشنطن: إن التوصل لاتفاق سلام بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي "سيرجع إلى الطرفين، وحل الدولتين ليس الطريق الوحيد، هناك شرطان للسلام، الأول اعتراف الفلسطينيين بالدولة اليهودية، والثاني هو أنه يجب أن تحتفظ (إسرائيل) بالسيطرة الأمنية على المنطقة الكاملة الواقعة غربي نهر الأردن في إطار أي اتفاق للسلام".
خلاف أمريكي
بدوره، يرى المحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات، أن ترامب وجه دعوة لرئيس السلطة رغم الخلافات القائمة داخل الإدارة الأمريكية وتوجهاتها السياسية بشأن الحلول المطروحة للقضية الفلسطينية.
وقال لصحيفة "فلسطين": "الإدارة الأمريكية القائمة هي من أكثر الإدارات الأمريكية تطرفاً، وفاقت سابقاتها في الانتقاص من الحقوق الفلسطينية والميل لطرف الاحتلال الإسرائيلي".
وتابع: "إدارة ترامب تريد أن تهبط بسقف حل الدولتين ولذلك توجد خلافات داخلها حول مدى هذا الهبوط"، شارحاً أن اللوبي الصهيوني الأمريكي يسعى إلى تمرير مشروع سياسي يبحث عن حل للقضية الفلسطينية في إطار اقليمي لا سيما بعد عمليات التطبيع العربية مع إسرائيل سواء كانت معلنة أو سرية.
وأشار عبيدات إلى أن "النقاش السياسي الإقليمي يدور حول ما يسمى الناتو الأمريكي المشكل من الدول العربية مثل السعودية ومصر والأردن والإمارات بهدف الضغط على القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني للبحث عن خيارات حل بديلة تقوم على أساس مشروع نتنياهو للسلام الاقتصادي".
وبين أن مشروع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الاقتصادي "يهدف إلى شرعنة الاحتلال في مقابل تحسين ظروف حياة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وبالتالي قبر حل الدولتين".
ولفت عبيدات، إلى أن الإدارة الأمريكية مثل موقف الإدارة الإسرائيلية ( نتنياهو – ليبرمان – بينت) يصرون على انفاذ هذا المشروع لأنه باختصار يقضي على حل الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
وأضاف "لهذا فإن عدم تحديد الإدارة الأمريكية لموعد الزيارة ليس ذا أهمية لأنها غير مستعجلة، وتريد انضاج مشروع السلام الاقتصادي الإسرائيلي".
ومنذ تنصيب ترامب في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي أعطى الاحتلال الضوء الأخضر لبناء أكثر من ستة آلاف وحدة سكنية استيطانية في الأراضي المحتلة، وهو ما قرأه مراقبون بأنه رهان إسرائيلي كبير على الإدارة الأمريكية الجديدة.