قائمة الموقع

في "عوفر الموت".. القسم (14) "مصيدة للإصابة بكورونا"

2020-09-21T13:19:00+03:00

إهمال إجراءات الوقاية، وحالات الإصابة بفيروس كورونا بين الأسرى في ازدياد، والأخبار منقطعة عن الأهالي، وإعلان حالات الإصابة يسير بوتيرة "غامضة"، واقتحام واعتداء ورش الغاز المسيل للدموع، ضغط نفسي يعيشه الأسرى بسبب كل هذه التحديدات ومن قبل "حجرهم القهري" الذي لم تجربه البشرية، مشهد قديم الجديد فيه، تسلل فيروس "كورونا" إلى الأسرى خلف قضبان الاحتلال؛ أو إدخاله إليهم، وفي كلتا الحالتين يحيط الموت والخطر بهم من كل جانب.

يعيش الأسرى في "حجر قسري" بزنازين الاحتلال، كالأسير نائل البرغوثي الذي أمضى 40 سنة داخل غرفة صغيرة، منعزلين عن العالم الخارجي، في حين لم تستطع البشرية تحمل "الحجر المنزلي" خطوةً وقائيةً من الفيروس، شهرًا أو شهرين.

معلومات شحيحة

مر شهر، ولا تزال أخبار الأسير حسن شحادة (20 عامًا) المصاب بفيروس "كورونا" منقطعة عن أهله، تصل إليهم المعلومات "شحيحة" من طريق المحامين ووسائل الإعلام أحيانًا؛ في حين يغيب صوته عنهم.

في 17 آب (أغسطس)، أسر الاحتلال الشاب شحادة في سجن "عتصيون"، وبعد 16 يومًا نقل إلى سجن "عرفر" بالقسم رقم (14)، وفيه أعلنت إصابته بفيروس "كورونا".

"الخامسة فجرًا في 17 آب، أفقنا على صوت انفجار باب المنزل، بعد أن وضع جنود الاحتلال عبوة مخصصة لفتح الأبواب والجدار، ودخلوا حرمة المنزل فجأة، واعتلقوا ابني، في سلسلة اعتقالات عشوائية نفذها الاحتلال في مدينة بيت لحم" يقول والده لصحيفة "فلسطين" عبر الهاتف.

يعرب عنه خوفه على مصير ابنه: "لا يوجد معلومات؛ ولا اتصال، إلا من طريق محام استطاع زيارته مرة واحدة، وأفاد أنه أصيب بسجن عوفر بعد ستة أيام من دخول السجن، ثم نقلوه إلى القسم 19 والقسم 20 في سجن "هداريم" معزولًا عن باقي الأسرى".

"إحنا خايفين عليه وعلى الأسرى الموجودين، في النهاية هذا سجان، قد يكون نقل الفيروس أو معنيًّا بإصابة الأسرى" هذا الاحتمال لا يراود والد شحادة فقط، بل يراود عائلات الأسرى الفلسطينيين الذين يبلغ عددهم نحو خمسة آلاف في سجون الاحتلال.

"كيف بده ينتقل الفيروس إلى داخل السجون؟" سؤال يحير شحادة، لكن تبدو إجابته معروفة له: "لا يمكن إلا من طريق السجانين فقط (...) بذلك الاحتلال يتحمل المسؤولية عن حياة الأسرى داخل السجن".

على مدار أسبوعين متواصلين وحتى الآن لم تصل أي معلومات جديدة عن حسن، لا مكالمة هاتفية ولا زيارة محام، معه يزداد خوف وقلق عائلته.

أسر الاحتلال الشاب محمود الغليظ من مخيم "الجلزون" شمال رام الله في 20 تموز (يوليو)، وبعد أيام من الأسر أعلن الاحتلال أنه مصاب بفيروس كورونا، واتخذ ذلك ذريعة لزجه في زنزانة عزل انفرادية مدة شهر وثمانية أيام متواصلة في سجن ريمون، وحيدًا تجرع مرارة عزلته عن الأسرى، ليفرج عنه مطلع أيلول (سبتمبر) الجاري.

والده يروي لصحيفة "فلسطين" ما جرى مع نجله: "ابني لم يشكُ من أعراض، في البداية أسره الاحتلال في سجن "عوفر" وأعلن إصابته، ثم نقل إلى ريمون، كان ممنوعًا من التواصل مع أحد هاتفيًّا أو على أرض الواقع، ولم يقدم الاحتلال أي علاج له، فقط كان يمضي وقته في قراءة القرآن والصلاة، وكنا نراه فقط خلال جلسة المحاكمة عبر شاشة التلفاز لنطمئن عليه".

توتر وقلق

ليس فقط الخوف يسيطر على عائلات الأسرى المصابين بفيروس كورونا، بل هذا حال جميع عائلات الأسرى، تغريد سهلب زوجة الأسير موسى الخطيب المعتقل منذ كانون الآخر (يناير) 2019م، مدة عامين ونصف، قلقة كذلك على حال زوجها.

"نحن خائفون عليهم في هذه المدة، يوميًّا نسمع بوجود مصابين، وإجراء فحوصات، فضلًا عن اقتحام السجون كل شهر أكثر من مرة وقمع الأسرى، ونقلهم إلى أكثر من قسم" تتحدث زوجة الخطيب، التي هي بعيدة عن زوجها لكنها تستمع لكل خبر يصدر من السجون، تعيش "على أعصابها" وهي ترقب هذه الأخبار.

"ماذا نقول؟!" -تحار في وصف معاناة الأسرى بصوت المتألم- "الأجواء حارة، وضغط نفسي نتيجة الأسر، من كل شيء يعانون، يعيشون في المكان نفسه ويرون الوجوه نفسها على مدار الوقت، ربما تهون علينا مدة اعتقال زوجي، فما بالك بأصحاب المؤبدات والأحكام العالية؟! (...) أكثر شيء يؤثر بي هو فقدان أطفالي الثلاثة والدهم وهم يرون أبناء الأقارب والجيران في أحضان آبائهم".

ووفقًا لإفادة نادي الأسير إن أسرى سجن "عوفر" -ويبلغ عددهم قرابة 850 أسيرًا- يواجهون ارتفاعًا في أعداد المصابين بفيروس "كورونا"، إلى جانب عمليات القمع.

ومنذ نهاية آب (أغسطس) سُجلت (14) إصابة بالفيروس في سجن “عوفر”، على الأقل، وهم من (24) حالة سُجلت في صفوف الأسرى منذ بدء انتشار الوباء، منهم أسيران اكتشفت إصابتهما عقب الإفراج عنهما بيوم، وفقًا لما ذكر نادي الأسير.

إضراب احتجاجي

المختصة في مجال الأسرى، المحررة بشرى الطويل تقول: "إن الوضع الحالي في سجن "عوفر" صعب جدًّا، وإن الأسرى يعتزمون الشروع في إضراب بسبب تفشي فيروس كورونا، ولديهم مطالب، منها توفير وجبات للأكل جيدة، وإدخال الملابس، والسماح بتنقلهم وزيارة الأقسام الأخرى، وهذا متعارف منذ سنوات أن الأسرى يحبون التزاور، لكونهم في حجر قسري أصلًا".

تضيف الطويل لصحيفة "فلسطين": "يا للأسف!، لا يوجد أي متابعة للأسرى المصابين بالفيروس، وإن الاحتلال يمنع عنهم فيتامين c، وكذلك هناك سوائل متعددة يحتاج لها المريض غير متوافرة، وهناك خطورة في تفشي الفيروس في "عوفر" الذي يضم العدد الأكبر من الأسرى كبار السن، والشيوخ والقيادات، كوالدي الشيخ جمال الطويل، وأسرى مرضى".

"الخطورة كذلك في نقل الأسرى إلى ما يسمى "معبار" (مركز توقيف للأسرى الجدد)، وإمكانية نقل العدوى إلى أسرى آخرين" تتابع، مبينة أن الفيروس انتقل إلى سجن عوفر من طريق السجانين، وأن الوضع داخل كل السجون خطير، لأن أي أسير سيخالط جيش الاحتلال لحظة الاعتقال، ثم ضباط مخابراته، ثم سجانيه، وهذه مراحل خطيرة تهدد الأسرى مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا داخل الأراضي المحتلة سنة 1948م".

 

 

اخبار ذات صلة