فلسطين أون لاين

​السماعة الطبية والكاميرا لا يفارقانه

شادي عوض حوّل عيادته لمتحف

...
غزة - هدى الدلو

ما أن تطأ قدماك عتبة عيادته الخاصة حتى تشعر أنك دخلت إلى معرضٍ للصور، وزاوية أخرى للمقتنيات الأثرية، مما يجعل المريض ومرافقه ينسيان أنفسهما في التعمق بكل صورة، وملامسة تلك المقتنيات التي تعيد الذكريات للزمن الماضي الجميل.

الدكتور شادي عوض (40 عامًا) أخصائي بالأمراض الصدرية حوّل عيادته الطبية الخاصة به إلى متحفًا للصور والقطع الأثرية القديمة.

وقال: "التصوير هوايةٌ طفولية، لكني لم أستطع ممارستها لانشغالي بالدراسة خاصة أن الطب يحتاج إلى وقت وتركيز، ومتطلباته الكثيرة وخاصةً دراسة الماجستير"، وبعدما صنع لنفسه اسمًا التفت لتنمية هوايته وممارستها بكل أريحية.

فلم يعتمد على معلوماته البسيطة في التصوير؛ بل التحق بدوراتٍ خاصة لتعلم التصوير الفوتوغرافي، ومتابعة آخر إبداعات المصورين المحترفين، واقتنى كاميرا حديثة لينقل بها المشاهد الإنسانية والجمالية في مدينة غزة، فعكس من خلال عدسته كل ما هو واقعٌ وصادق ومغيب عن أعين الآخرين.

فاستطاع في عيادته المتخصصة بالأمراض الصدرية أن يجمع بين الطب وما تنقله عدسته، ففي الجمعة يوم عطلته يستغله في نقل معاناة الناس وتسليط الضوء على القضايا الإنسانية، وأخرى من ناحية جمالية، موضحًا بأنه وجد أن عدسة الكاميرا هي أكثر شيء يترجم الواقع وينقل كل شيء على حقيقته، فالكتابة والرسم لا تصل لمرتبة التصوير.

وأضاف د. عوض: "ما أقوم به جعلني أخرج عن نطاق المألوف كما هو معمول في باقي العيادات، كما أني أجد في هوايتي للتصوير مداعبة للمرضى من خلال تصويرهم وطباعة الصورة، وخاصة فئة كبار السن الذين رسمت السنين خطوط التجاعيد على وجوههم بسبب الحياة القاسية التي كابدوها بعد التهجير".

كما أنه يسعى من خلال ما يقوم به إلى السيطرة على معنويات المريض التي تعد أهم جزء في مرحلة العلاج، فبدلًا من أن يرى فقط السرير الأبيض والأجهزة والمعدات الطبية وتعتريه حالة من الخوف والقلق وهو يجلس في صالة الانتظار، يشغل نفسه في مشاهدة الصور المعلقة والقطع الأثرية.

ولفت د. عوض إلى أن فكرة اقتنائه للقطع الأثرية شغف قديم، فلديه زاوية في البيت تحتوي على بعض القطع، وقام بتطبيق الأمر في عيادته الطبية، فتتملكه السعادة باقتناء هذه القطع، كما أنه لا يهمه ثمنها، وبعضها تم شراؤها من خارج غزة أثناء سفره للدراسة.

وبين صور هنا وأخرى هناك معلقة على جدران العيادة نقلتها عدسته، شعر أنه خرج عن نطاق المألوف في تصميم ديكور عيادته، بدلًا من النمط التقليدي المنتشر في تصميم العيادات، فالتميز والاهتمام في هذا المجال من شأنه أن يحسن نفسية المرضى، وكسر للروتين السائد.

الكاميرا والسماعة الطبية صديقاه اللذان لا يفارقانه أينما ذهب، متجاهلًا نظرة الناس ومن حوله بأنه كسر "برستيج" الطبيب في تلبية رغبته في التصوير، ودعا الأطباء إلى كسر الحاجز التقليدي، وممارسة هوايتهم وتطبيقها في حياتهم، كالفنان في الرسم على الجدران، أو يخط كتاباته عليها.

ويطمح د. عوض في أن يصل إلى مستوى احترافي في التصوير، ويشارك في مسابقات عالمية ومعارض.