فلسطين أون لاين

الإصابة بفيروس كورونا ليست "وصمة"

...
غزة- مريم الشوبكي:

بينما يخوض غزيون مصابون بفيروس كورونا معركة لهزيمته، يشكو بعضهم من كلمات، أو تصرفات تعرضوا لها، تُصوّر الإصابة بهذا الفيروس وكأنها "وصمة".

تعتقد الاختصاصية النفسية إكرام السعايدة أن هذه "الوصمة" تعامل بها بعضٌ منذ إعلان تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا داخل المجتمع في قطاع غزة "بطريقة مؤذية".

وفي حديث مع صحيفة "فلسطين" تضيف السعايدة: "إن بعض الأشخاص، بذريعة الشعور "بتهديد الأمن والسلامة الشخصية"، يصبون غضبهم واتهاماتهم على المصاب بالمرض دون ذنب منه، حتى أصبح حاملو الفيروس في نظر بعضٍ "مستباحين" للغضب والازدراء والتنمر، ولم يقتصر الأمر عليهم بل طال أهاليهم".

وعن تأثير التنمر والازدراء على المصابين، تجيب: "عند وصمهم بألفاظ قبيحة شعروا بالعزلة، وأنهم منبوذون مجتمعيًّا، وهذا ضاعف معاناتهم؛ فإضافة إلى التعب الجسدي صار لديهم إنهاك نفسي، وكذلك تجنبهم الأصدقاء والمحيطون أيضًا".

وتلفت السعايدة إلى أن هذه الوصمة دفعت بعض المصابين إلى التكتم على إصابتهم بالمرض، وهذا يهدد بانتشاره بصورة أكبر، وعدم الكشف عن بعض المصابين أو بؤر المرض، لأنهم تجنبوا الخضوع للفحص خوفًا من تكرار تجربة غيرهم.

وتشدد على ضرورة خضوع المصابين بالفيروس للعلاج النفسي بالتزامن مع تلقيهم العلاج الطبي.

وعن دور المجتمع في دعم المصابين بـ"كورونا" تقول السعايدة: "ينبغي إبداء التعاطف معهم، واحترام خصوصيتهم، وعدم نشر بياناتهم، فهذا عنصر محفز للعلاج ليتشافوا من المرض والأذى النفسي في آن واحد، والتوقف عن نشر الإشاعات والأكاذيب".

وتطالب المؤسسات المعنية بتقديم خدمات الدعم النفسي للمصابين عن بعد.

وتنصح بالاطلاع على المعلومات من مصادرها الموثوق فيها، مثل وزارة الصحة، ومنظمة الصحة العالمية، ونشرها لتصحيح المفاهيم الخطأ.

وتؤكد السعايدة أهمية دعم العاملين في الخدمات الصحية والأمنية، وشكرهم على مجهوداتهم، مع بث الرسائل الإيجابية عبر وسائل الإعلام المختلفة.

التوقف عن "التنمر"

من جهته طبيب الأسرة والأمراض الباطنية والصدرية‏ لدى ‏وزارة الصحة ‏‏د. بسام أبو ناصر يقول: "هذا المصاب ربما يكون قد التزم بكل وسائل الوقاية ولكن الفيروس تمكن منه في النهاية، لذا علينا ألا نلقي اللوم على شخص معين بل يجب أن نلوم أنفسنا".

ويضيف أبو ناصر لصحيفة "فلسطين": "يجب أن نتوقف عن التنمر ونلتزم إجراءات الوقاية من عدم الاحتكاك المباشر، ولبس الكمامة والقفازين عند الخروج من البيت والتنقل، ويجب أن نهتم بعدم نقل العدوى بالتوقف عن ملامسة الأسطح".

ويدعو إلى أخذ العبرة من المصابين، فالمصاب أصبح في انعزال صحي عن المجتمع، وقد يكون أي شخص آخر مصابًا ولم تظهر عليه أي أعراض.

ويشدد أبو ناصر على ضرورة استقاء المعلومات من مصادرها المتمثلة في وزارة الصحة، وليس من وسائل التواصل الاجتماعي، بشأن هذا الفيروس أو غيره من الأمراض؛ مبينًا أن الحديث عن ماهية "فيروس كورونا" ما يزال شائكًا، ولم يكتشف بعد أي تطعيم أو علاج له، مع وجود نقص حاد في المعلومات عن الفيروس حتى لدى منظمة الصحة العالمية، وفق قوله.

ويؤكد أهمية تطبيق التعليمات الصحية بحذافيرها، فمثلًا عند شراء بعض السلع من الأسواق يجب غسلها بالماء والصابون ثلاث مرات، والتوقف عن إخراج الأطفال إلى الشوارع.

وينصح أبو ناصر بتعقيم الأماكن التي يدخلها الشخص، ومطالبة أصحابها بتطبيق إجراءات السلامة، وتبليغ الجهات المعنية في حالة عدم الالتزام وعدم التغاضي عن الأمر، فعدم المبالاة هذه يترتب عليها خطورة كبيرة.

ويدعو إلى تجنب دخول الأماكن المغلقة تمامًا، والتوقف عن تناقل المعلومات الخطأ والسلبية حتى لا تُستغل بالسلب، ما يثير القلق لدى الناس.

وعن نجاح الجهات المختصة بقطاع غزة في تأخير وصول الفيروس إلى داخل المجتمع، قبل إعلان أولى الحالات الشهر الماضي، يقول: "إن ذلك بفضل تعلمنا من أخطاء الآخرين، وتأجيل العدوى الداخلية لاكتساب خبرات من التجارب الخارجية، مع الاستمرار بالتحذير من عدم المبالاة، وما حذرنا منه قد وقع".

ويختم حديثه: "يجب أن نجعل بداخل كل واحد فينا شرطيًّا، مصلحة الجماعة تعلو مصلحة الفرد في الوقت الحاضر، ومن يشك بإصابته أو أنه خالط مريضًا، أو يعرف شخصًا يرفض الإبلاغ عن إصابته؛ يجب أن يبلغ الجهات المختصة".