فلسطين أون لاين

زيارات أهالي الأسرى.. قطعة من العذاب توثقها الهواتف الذكية

...
قلقيلية- مصطفى صبري

تحاول عائلات الأسرى خلال رحلتها لزيارة أبنائها في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ ساعات الصباح الأولى، توثيق رحلة العذاب منذ انطلاق الحافلات بالأهالي حتى وصولها إلى أعتاب بوابات السجون.

وتحتفظ تلك العائلات بصور ومقاطع فيديو تم تسجيلها من خلال كاميرات الهواتف الذكية، تظهر معالم الطرق التي تسلكها الحافلات وصولاً إلى سجون الاحتلال، حيث يقبع أكثر من 6500 أسير فلسطيني.

ويقول الفتى مقداد حوتري: "رحلة زيارة والده الأسير منصة مهمة تستحق التوثيق فهي رحلة شاقة مليئة بالأحداث، تستغرق نهارا كاملا، فهي تجسد جزءا مهما من حياتنا".

وتقول عائلة الأسير رائد حوتري من مدينة قلقيلية: إن توثيق الرحلة مهم لنظهر للعالم أن الاحتلال الإسرائيلي لم يسلبنا أبناءها فقط، وإنما يجعلنا نعيش الألم مضاعفاً على الحواجز العسكرية وإجبارنا على سلك طرق التفافية في انتهاك صارخ للمواثيق الدولية، واتفاقية جنيف الرابعة.

وتقول العائلة: إن نجلها يقضي حكماً بالسجن (23 مؤبداً) وهو الأعلى بين أسرى المدينة، مشيرة إلى أن الطرق التي يسلكونها تجعلهم يصلون إلى السجون منهكي القوى من مشقة الرحلة.

ويخوض 1500 أسير فلسطيني إضراباً مطلبياً مفتوحاً عن الطعام لليوم الخامس احتجاجاً على سياسات إدارة سجون الاحتلال.

تفاصيل الرحلة

ويشير رئيس لجنة أسرى القدس أمجد أبو عصب، إلى توثيق الرحلة يهدف لأرشفة ذكريات العائلة لدمج أبنائهم حال خروجهم في أدق تفاصيل الحياة التي عاشوها بعيدين عن بعضهم البعض.

ويوضح، أن التسجيلات المصورة تتضمن لحظات تجمع العائلات في الصباح الباكر في منازلهم، ومواقف تجمع العائلات لصعود الحافلات، والأهازيج والشعارات التي يرددها الأهالي دعماً للأسرى ومقاومة للاحتلال ليؤكدوا له أنهم أقوياء رغم كل التنكيل الذي يطالهم.

ويشير "أبو عصب"، إلى أن التصوير يتوقف عن بوابة السجن، وأحيانًا يستمر خلسة حتى الوصول إلى قاعة الزيارة ومن ثم تسحب الجوالات ويتم احتجازها.

ويرى بأن الفلسطينيين نجحوا في جعل المعاناة التي يعيشونها في رحل الزيارة إلى السجون ملموسة لمن لم يعش التجربة، لافتاً إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت في ذلك من خلال نشر الفيديوهات، وتسجيل المواقف التي تحدث خلال الزيارة عن طريق كتابة القصص والروايات الأدبية والقصائد الشعرية.

ويستدرك "أبو عصب" قائلاً: "لكن التسجيلات المصورة هي الأقوى والأكثر تعبيراً، حيث يشعر كل شخص يشاهد الفيديو أنه داخل هذه المعاناة وينسجم معها بفكره ومشاعره".

ويضيف "التوثيق بالصورة والصوت يساعد على نشر ثقافة الأسير لدى المجتمع، فكلمة زيارة تعني المشقة لعائلة الأسير سهر قبل يوم الزيارة، وانتظار أمام الحواجز العسكرية، وعند بوابات السجن وقبل الدخول بقاعة الزيارة، والعديد من الإجراءات الأمنية الاحتلالية المتنوعة وهذا كله يندرج تحت بند "زيارة".

ويؤكد رئيس لجنة أسرى القدس، أن الاحتلال يعاقب كل عائلة أسير توثق مراحل زياراتها "فالكثير من العائلات عوقبت بغرامات مالية أو الاعتقال أو الحرمان من الزيارة لفترة طويلة، بعد تصويرها لمشاهد عند بوابات السجن وفي ساحته الخارجية.

ويقول: "الاحتلال يعلم أن هذه المنصة الإعلامية التي تمتلكها عائلة الأسير تفضحه أمام العالم".

قيمة تاريخية ومعنوية

بدوره يقول المحرر نواف العامر: إن لحظات الأسر لا يكتوي بها الأسير فقط بل عائلته كذلك، وتوثيق رحلة الزيارة بالصوت والصورة "له قيمة تاريخية ومعنوية".

ويلفت الاعلامي العامر، إلى أن تسجيل مسار الزيارة وما يتكبده الأهالي من عناء يظهر قوة ورباطة جأشهم، وقدرتهم على تحدي الاحتلال وإجراءاته العنصرية التي تهدف للنيل من كرامتهم ودفعهم إلى التخلي عن هذا الحق، أو جعل يوم الزيارة حربا نفسية يعيشها أهل الأسير في كل لحظة تتوقف فيها الحافلة أمام حاجز أو تخضع أم الأسير للتفتيش.

وتطالب اللجنة الوطنية المشتركة للتفاوض مع إدارة سجون الاحتلال بإلغاء سياستي العزل والاعتقال الإداري، وزيادة عدد الزيارات، وتركيب خط هاتفي عمومي يسمح للأسرى بالتواصل مع ذويهم وزيادة مدة الزيارة والسماح بالالتقاء جسدياً معهم، وتركيب أنظمة تبريد في السجون لا سيما الصحراوية مثل سجني نفحة والنقب، والسماح بعودة الدراسة الجامعية في الجامعة العبرية، وغيرها من المطالب الأخرى.