بعد إعلان اكتشاف حالات مصابة بفيروس "كورونا" المستجد، وصل الحال ببعض إلى حد التشاؤم من الأشخاص المصابين به، والتطير بمن يُعتقد أنهم كانوا سببًا في إدخال المرض إلى القطاع.
ويمكن أن يصل بهم التشاؤم إلى حد الكراهية والسخرية والتهكم، والامتعاض منهم، فما حكم ذلك في الشريعة الإسلامية؟
يقول أستاذ الفقه الإسلامي وأصوله بكلية الدعوة الاسلامية د. عبد الباري خلة: "الإسلام دين وسطي، يدعو أتباعه إلى الخير، ويربيهم على التفاؤل، ويبعث في نفوسهم الأمل وحسن الظن بالله، وينهاهم عن التشاؤم والتطير، وعن الخرافات والأوهام، ويدعوهم إلى الأخذ بالأسباب وعدم الاعتماد عليها؛ ليصل بهم إلى سعادة الدنيا والآخرة".
ويضيف خلة لصحيفة "فلسطين": "بعض الناس يتشاءمون من بعض الأيام، والشهور، والأعداد، والأمراض، والأشخاص".
ويعرف التشاؤم أنه حالة نفسية تبعث في النفس اليأس، وتوقع حصول الشر من شيء تراه أو تسمعه، وجاء القرآن الكريم والسنة النبوية بالنهي عن التشاؤم والتطير، وكان النبي (صلى اللهُ عليه وسلَّم) يحب التفاؤل، وكان يعجبه (عليه الصلاة والسلام) الفأل الحسن (الكلمة الطيبة).
ويتابع خلة: "مما يُؤسفُ له في أيامنا هذه حالة التشاؤم التي أصيب بها بعض المسلمين، جراء ظهور وباء كورونا، فترى بعضهم يظهر حالة من السخط، وعدم الرضا، والكراهية لهذا الفيروس المستجد".
ويكمل: "بل إن بعضهم قد يتشاءم من المناطق والأحياء التي ظهر فيها هذا الوباء، وبعضهم قد يتشاءم من الأشخاص الذين أُصيبوا بهذا المرض، أو كانوا سببًا في دخول المرض إلى بلدنا (حسب اعتقادهم)، وبعضهم صرح بهذا في مواقع التواصل الاجتماعي".
ويشير خلة إلى أن هذا الأمر يدل على "فساد في العقيدة، وخلل في الفهم، وسوء ظن بالله"، ومن فعل ذلك فقد "اتصف بصفات أهل الجاهلية، ووقع في وحل الشرك الأصغر"؛ وفقًا قوله.
ويحذر: "التطير أيضًا يقضي على معاني المحبة والإخاء بين أبناء المجتمع الواحد، ويزرع الضغينة والبغضاء بينهم، وهذا -لا شك- من الكبائر".
بدوره يؤكد المحاضر في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية د. محمد الفرا أنه لا مُسوغ لإطلاق الطُّرف السمجة، والنكات الفجة، التي تتضمن استهزاء بالمرض، أو اعتراضًا على قضاء الله وقدره، أو تشاؤمًا، فإنها تشي بضَعف الإيمان، والأصل بالمؤمن أن يزيد تعلقه بالله، وفراره إليه عند البأساء والضّراء.
ويحذر الفرا التنمر على المصابين بفيروس كورونا، وإلقاء اللوم عليهم، أو الاستهزاء بهم وبذويهم وأحيائهم، فإنه حرام وإثم؛ فلا يسخر قوم من قوم، ولا يغتب المسلم أخاه، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
ويختم: "إن دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجاب، والملائكة تؤمن عليه، وتقول: ولكَ بالمِثلِ، فاحرص على الإكثار من الدعاء لمن عرفت ومن لم تعرف من المصابين، فأنت بحاجة لهذا الدعاء كأخيك، لتحصين نفسك وأهلك وذويك، والدعاءُ لب العبادة، ولا يرد القضاء إلا الدعاء".