بعد ظهور فيروس "كورونا" داخل المجتمع الغزي، تعالت بعض الأصوات التي تنادي بتطبيق مناعة القطيع، ورفع حظر التجوال المفروض، وعودة الناس إلى ممارسة حياتها طبيعيًّا.
فهل يمكن تطبيق هذه الإستراتيجية في قطاع غزة عمليًّا، وهو ذو الكثافة السكانية الأعلى في العالم؟، وما المخاطر التي يمكن أن تترتب على ذلك؟
يبين طبيب الأسرة والأمراض الباطنية والصدرية لدى وزارة الصحة الفلسطينية د. بسام أبو ناصر أن مناعة القطيع هي طريقة ترتكز إستراتيجيتها على العودة إلى ممارسة الحياة طبيعيًّا في أثناء انتشار الوباء, لكي يصاب معظم أفراد المجتمع بالفيروس، وبذلك ستتعرف أجهزتهم المناعية إلى الفيروس، ثم تحاربه وتقضي عليه إذا ما حاول مهاجمتها مرة أخرى.
ولكن عمليًّا هل يمكن تطبيق إستراتيجية مناعة القطيع على قطاع غزة كما ينادي بعضٌ؟، يجيب أبو ناصر صحيفة "فلسطين": "هذا يعني إغراق الشوارع والبيوت والمستشفيات بالمرضى، وهي ليست طريقة مجدية بخصوص فيروس "كورونا"، مع عدم وجود التطعيمات المناسبة له، وعدم المعرفة الكافية لكينونة وعمل وتطور الفيروس، وأيضًا عودة الفيروس للشخص المصاب بعد الشفاء منه".
ويرى أن تطبيق مناعة القطيع في المجتمع الغزي "كارثة بامتياز"، لكثافته السكانية العالية وطبيعة عاداته الاجتماعية.
ويدعو أبو ناصر إلى العمل على إبطاء انتشار فيروس "كورونا"، وحماية الأفراد الذي هم عرضة لخطر الإصابة بأعراض شديدة، ومنهم كبار السن، والأطفال, والنساء والحوامل، والمجتمع بأسره، للحد من خطره وحمايتهم من العدوى، حتى تطوير لقاح لـ"كوفيد-19"، مشددًا على أن المجتمع ليس بحاجة للتجارب و"المجازفات المهلكة"؛ وفقًا لتعبيره.
"لم نقدم على خطوة التعايش"
وأخيرًا قال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة د. أشرف القدرة: "نحن نقف اليوم في مرحلة الاستجابة والتعامل المتزن مع تطورات الحالة الوبائية في قطاع غزة وتلبية احتياجات المواطنين, ولم نقدم على خطوة التعايش".
وفي بث مشترك لإذاعات محلية، أضاف القدرة: "حالة التعايش تحتاج إلى تعزيز وعي المواطن ليصبح التزامه إجراءات الوقاية والسلامة سلوكًا، إضافة إلى وجود منظومة صحية قادرة على التعامل مع حجم وطبيعة الإصابات في حال التعايش، وكذلك تكون حالات التعافي أكثر من الإصابات اليومية".
ونبه إلى أن مناطق قطاع غزة مكتظة واستثنائية في تداخلاتها الجغرافية والاجتماعية، وهذا يزيد من أعداد الإصابات ومنحنى التفشي.
وشدد على أنه يجب على الجميع -وخاصة الشباب- الحذر وعدم التراخي لحظة واحدة بإجراءات الوقاية، حتى لا نتفاجأ بأعداد كبيرة من الإصابات المختلفة التي قد تصل إلى الوفاة بسبب عدم المبالاة.
ولفت القدرة إلى أن كبار السن والأطفال والمرضى وضعاف المناعة أكثر عرضة للإصابة، ولذلك يجب على الجميع تشكيل مظلة أمان بتشديد الإجراءات الوقائية لحمايتهم وضمان عدم خروجهم من المنازل.
وجدير بالذكر أن إستراتيجية "مناعة القطيع" تقوم على فكرة أنه عند إصابة أكبر عدد ممكن من الناس بمرض معين مثل كورونا، فإن معظمهم سيتماثلون للشفاء -رغم الوفيات الكبيرة المحتملة- ثم ستكون لديهم مناعة ضد الفيروس، وهو الأمر الذي سيساعد على تحجيم المرض في النهاية.
ولعل أقرب تشبيه لإستراتيجية "مناعة القطيع" هو السماح للفيروس بأن "يتغذى" على أكبر عدد من الناس، ما يكوّن مناعة ضده لدى المجتمع، والنتيجة تراجعه وهزيمته بعدما يصاب بـ"التخمة".
وبناء على التقييم المستمر للحالة الوبائية في قطاع غزة، قررت وزارة الداخلية والأمن الوطني تخفيف إجراءات حظر التجوال في عدد من مناطق قطاع غزة، لكنها أكدت ضوابط لذلك، هي: يمنع التحرك في جميع المحافظات والمناطق الخاضعة لقرار تخفيف إجراءات حظر التجوال، بعد الساعة 8:00 مساء حتى الساعة 7:00 صباحًا، وستُتخذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.
تحرك المواطنين خلال الساعات المسموح بها يكون وفقًا لإجراءات السلامة والوقاية، وستوقف الأجهزة الشرطية والأمنية المخالفين لإجراءات السلامة، وفي مقدمتها ارتداء الكمامة.
استمرار قرار منع التجمعات في جميع المحافظات وفقًا لما أُعلن سابقًا.
السماح بحركة المركبات داخل نطاق المناطق المسموح بالحركة فيها، ويمنع استخدام الحافلات بأنواعها.
السماح لأصحاب الحرف بالعمل والتنقل ضمن إجراءات السلامة والوقاية، ومنع الازدحام.
استمرار قرار الفصل بين المحافظات، ومنع الحركة والتنقل بينها.
استمرار الإغلاق الكامل لشاطئ البحر أمام المصطافين في جميع المحافظات.