أكثر من (2.5) مليار شيقل، هي القيمة التقديرية لأموال المقاصة المحتجزة لدى الاحتلال الإسرائيلي منذ خمسة أشهر، وتحاول السلطة الفلسطينية استعادتها لتغطية العجز المالي في خزينتها العامة، في الوقت الذي تواجه نفقات عالية في التعاطي مع جائحة كورونا وسط تراجع الدعم الدولي.
و"تعد تصريحات رئيس حكومة رام الله محمد اشتية وعدد من المسؤولين حول انفراجة قريبة بالأزمة المالية، جدية هذه المرة".. هكذا يقرؤها الاختصاصيون الاقتصاديون، لاسيما وأن تلك التصريحات متزامنة مع بعضها في وقت نشهد فيه تحركات عربية ودولية في هذا الإطار.
بعض الخبراء يرى أن طرفا ثالثا دخل على الخط، وهو في مرحلته الأخيرة في الوساطة بين الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية للإفراج عن أموال المقاصة مثل مصر وتركيا، والبعض الآخر يرى أن بعض الدول العربية ربما وافقت على تفعيل شبكة الأمان العربية مثل قطر.
يقول د. نصر عبد الكريم الاختصاصي الاقتصادي، إن التصريحات الأخيرة على لسان اشتية وعدد من المسؤولين في الحكومة تؤكد أن السلطة ماضية فعلاً نحو حل، وذلك بدخول طرف عربي أو دولي للتوسط بينها وبين الاحتلال.
وأشار عبد الكريم إلى أن السلطة تدرك جيداً حجم الخطورة المالية التي تواجهها خاصة مع تراجع أموال المانحين، وبذلك تحاول أن تلتقط أي فرصة تأتيها للنزول عن الشجرة.
وأضاف عبد الكريم لصحيفة "فلسطين" أن السلطة الفلسطينية تشتري الوقت لحين التوصل إلى حل يخرجها من أزمتها المالية، وهذا الشراء هو التوجه للبنوك المحلية والوافدة للاستدانة منها ، لكن كما هو معروف أن البنوك لها سقف محدد للدين لأنها تخشى أن يؤثر ذلك على أموال المودعين.
ولفت عبد الكريم إلى أن السلطة باتت مدركة ان الدول العربية لن تمد يدها لها كما السابق، وهذا ما حدث في مخرجات جامعة الدول العربية التي لم تدن التطبيع العربي مع الاحتلال.
وكان رئيس السلطة محمود عباس أعلن في 19 مايو الماضي التحلل من جميع الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال والولايات المتحدة الامريكية ومن الالتزامات المرتبة عليها رداً على مخططات الضم الاسرائيلية لأجزاء من الضفة الغربية، وبناء على ذلك توقفت السلطة الفلسطينية عن استلام أموال المقاصة.
وايرادات المقاصة هي ضرائب تجيبها سلطات الاحتلال نيابة عن وزارة المالية الفلسطينية على السلع الواردة للأخيرة من الخارج، يبلغ متوسطها الشهري ( 700 )مليون شيقل.
ويبلغ معدل أموال المقاصة نحو ( 200 ) مليون دولار شهريا، تقتطع منها سلطات الاحتلال حوالي( 40 ) مليون شيقل أثمان خدمات تزودها للفلسطينيين خصوصا الكهرباء.
وتشكل عائدات المقاصة حوالي( 63% )من اجمالي الايرادات العامة الفلسطينية ودونها تعجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين العموميين(133.2 ألف موظف).
من جانبه قال الاختصاصي الاقتصادي د. بكر اشتية إن السلطة الفلسطينية ربما قد لاقت تجاوباً مع دول عربية في تفعيل شبكة الأمان، خاصة قطر التي قيل إنها وافقت على تجديد القرض السابق المقدم للسلطة .
ويرى الاختصاصي اشتية لصحيفة "فلسطين" أن السلطة وإن استملت أموال المقاصة او قرضا عربياً قريباً فإنها ستصرف أنصاف رواتب لمدة شهرين على الأقل، مشيراً إلى أن وضع السلطة المالي سيكون الأكثر شدة في نوفمبر المقبل.
وقدر الاختصاصي حجم الدين العام على السلطة الفلسطينية بنحو( 10 ) مليارات شيقل، غير أن هذا الرقم أكثر من ذلك لأن السلطة لا تضيف إليه حقوق الموظفين المتراكمة والقطاع الخاص وهيئة التقاعد، إذ إن الرقم سيصبح حينئذ نحو( 20 ) مليار شيقل.
ولفت الاختصاصي اشتية إلى أن الاجراءات المعمول بها في الأراضي الفلسطينية للحد من تفشي وباء كورونا كلفت الفلسطينيين ماليا، كما أنها اعاقت على السلطة تحصيل الرسوم والضرائب الداخلية حيث انخفضت تقريباً من( 350 )مليون شيقل شهرياً إلى( 180 )مليون شيقل.
وكانت السلطة دخلت بداية العام الماضي في أزمة مالية حادة بعد قرارها رفض استلام أموال المقاصة والضرائب نتج عنها صرف أنصاف رواتب للموظفين العموميين ووقتها قررت تل ابيب خصم( 11.3 ) مليون دولار شهرياً من عائدات الضرائب والمقاصة كإجراء عقابي على تخصيص السلطة مستحقات للمعتقلين وعائلات الشهداء.