فلسطين أون لاين

وتعليم أبنائه النجارة

في غزة.. شاب يستثمر الحجر المنزلي بتدوير الخشب

...
غزة -هدى الدلو

مع ظهور فيروس كورونا في قطاع غزة وما سببه من فرض حظر التجوال وتعطل الدوام المدرسي والعمل الحكومي والخاص لمنع انتشاره بين الناس، برزت حالة من الروتين اليومي لأبناء الغزي ماهر عياش؛ فاستثمر موهبته الفنية وتميزه فيها وفراغ أبنائه ليعلمهم أساسيات في حرفة النجارة، وكيفية إعادة تدوير الخشب لصنع تحف خشبية.

عياش (32 عامًا) الذي يقطن في مخيم النصيرات أب لثلاثة أبناء، هو فنان تشكيلي اكتشف موهبته في سن مبكرة في المرحلة الابتدائية عندما بادر دون باقي زملائه الطلاب بتنفيذ طلب معلمة التربية الفنية برسم رسمة تعبيرية، وبعد تنفيذها أبدت إعجابها، الذي جر خلفه التحفيز والتكريم بجائزة لتدفعه إلى النبش عن أساس الموهبة التي لم يكتشفها إلا قدرًا رغم وجود جذور وراثية لها.

يومًا تلو الآخر بدأت تنمو وتتطور بفعل الممارسة والتجربة، وإيمانه بشعارين في الحياة: الأول "اصنع من لا شيء كل شيء"، والثاني "اختلف حتى تتميز"، ومن هنا بدأ يشق طريقه في الفن والأشغال اليدوية، وإعادة مواد مستعملة للاستفادة منها.

يقول عياش لصحيفة "فلسطين": "شغفي بالفن التشكيلي وحبي له دفعاني للعمل في جميع الخامات: الخشب والأسمنت وإطارات السيارات، وزجاجات المياه والنايلون، وغيرها من المواد التي أعمل على إعادة تشكيلها وصناعة منها ما هو جديد".

ويشير إلى أن أغلب المواد التي يستخدمها تؤدي مهام في خدمة الحياة اليومية للفرد، وتنتج عن بعض الصناعات، كالورق والكرتون والأسلاك، والعلب الفارغة والخشب، إذ تحول إلى أعمال فنية بإعادة تدويرها.

فمع حالة الملل والروتين التي أصابت ابنيه عزمي ومحمد، اقترح عليهما أن يحدثهما عن مهنة النجارة وأصولها وبعض الأساسيات فيها: "فهي حرفة جميلة، وفيها ليونة إذ يمكن لمتقنها أن يصنع منها ما يحلو له، وقد أخبرتهما بأنواع الخشب، والأدوات المستخدمة، وطبيعة الآلات".

انشدّ الابنان لمهنة والدهما وقد عكفا على مساعدته بعدما وعدهما بصناعة طقم نوم خاص بغرفتهما، فأصبحا يستيقظان قبله ويوقظانه ليتناولوا وجبة فطورهم، ثم يقضيان باقي ساعات يومهما في مراقبة والدهما ماذا يصنع، وكيف يعيد تدوير خشب "المشاطيح".

وحصل عياش على دبلوم في إدارة الأعمال، ولحقه بآخر في تصميم الديكور من أجل دعم موهبته، وقد كانت دراسته الجامعية عاملًا مساعدًا ومكملًا لأفكاره، ومكنته من إنتاج أعمال فنية ضخمة من الكرتون والورق والأسمنت.

ويلفت إلى أنه يعمل على إنتاج الصخور الصناعية مستخدمًا الزلف الموجود على شاطئ بحر غزة، إذ تظهر فيما بعد كالصخور الطبيعية، ليصمم فيها مناظر الشلالات والنافورة، خاصة في الشاليهات السياحية.

ويضيف عياش: "أثرت مدة الحظر على إكمال أعمال خارجية، لكن من يستثمر وقته يجد الفائدة إذ مكنتني من إنهاء أعمال متراكمة بداخل الورشة، ومن تعليم أبنائي بعض الأساسيات المهمة".

ومن هنا وجه رسالته للشباب الخريجين أنْ "لا تقفوا عند حدود الشهادة الجامعية، فالحياة لن تتوقف، وعليك أن تبحث عن نفسك بين مواهبك ومهاراتك لتخرج منها كل ما هو جميل".