أجمع محللون سياسيون، على أن اجتماع الأمناء العامين الذي عُقد أمس، بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية، "خطوة مهمة" على طريق تحقيق الوحدة الوطنية والشراكة السياسية خلال المرحلة القادمة.
ورأى المحللون خلال أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين"، أن هذا الاجتماع قد يكون مقدمة لإعادة إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، بحيث تجمع كل الفصائل بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
وترأس رئيس السلطة محمود عباس اجتماع الأمناء العامين الذي جاء بعد انقطاع دام 9 سنوات، وعُقد بالتزامن في العاصمة اللبنانية بيروت ومقر المقاطعة في مدينة رام الله، بمشاركة جميع الفصائل بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
وجاء في البيان الختامي للاجتماع، أن الفصائل توافقت على تفعيل المقاومة الشعبية لمواجهة الاحتلال كخيار استراتيجي للمرحلة الحالية، والعيش بنظام سياسي واحد وسلطة واحدة وقانون واحد.
كما قررت الفصائل تشكيل لجنة لتقديم رؤية استراتيجية لتحقيق إنهاء الانقسام، وأخرى للمصالحة سيكون عملها خلال مدة لا تتجاوز خمسة أسابيع.
وجاء هذا الاجتماع بعد دعوات ونداءات من جميع الفصائل بما فيها حماس وفتح، من أجل توحيد الصف الفلسطيني لمواجهة المخاطر التي تواجه القضية الفلسطينية، وخاصة صفقة القرن والضم وصولاً للتطبيع العربي مع الاحتلال.
الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو، رأى أن البيان الختامي للاجتماع عبر لأول مرة عن جدية عالية في التعامل مع القضايا الفلسطينية، التي كانت عالقة سابقاً.
وقال سويرجو، إن هذا اللقاء يؤسس لمرحلة انتقالية جديدة، باتجاه التغيير وتجاوز النقاط الخلافية التي كانت تعرقل كل الجهود الرامية لإنهاء الانقسام واتمام المصالحة.
وأوضح أن حديث عباس عن وحدانية منظمة التحرير يعني أن حماس والجهاد الإسلامي قبلتا الاعتراف بها، بأنها ممثلة وحيدة للشعب الفلسطيني، فيما قبلت الأولى بانضمامهم لها، "وهذه خطوة متقدمة كنا نقاتل عليها منذ سنوات"، وفق تقديره.
واعتبر أن دخول حماس والجهاد لمنظمة التحرير والبدء بتنفيذ خطوات تشكيل المجلسين الوطني والمركزي شكل "اختراقاً كبيراً"، لافتاً إلى أن الفصائل نجحت بالتأكيد على حق الشعب الفلسطيني بكافة أشكال المقاومة وأساليب النضال المشروعة خاصة الشعبية، كما تنص عليه الشرعية الدولية.
ولم يستبعد أن تتحقق الشراكة السياسية الكاملة في المستقبل القريب، مستدلاً بذلك من حديث عباس في نهاية الاجتماع باتفاق الجميع على تشكيل لجان وفعاليات خاصة، سيكون لها استقلال كامل في اتخاذ القرارات دون أي اعتراض منه، و"هذا لأول مرة يتوقف عباس عن التفرد".
وبيّن سويرجو أن إعطاء أبو مازن أمرا للجان ببدء التنفيذ يعني "أننا أمام مرحلة جدية مبنية على أسس استراتيجية وطنية تضمن الشراكة الوطنية، تتجاوز كل النقاط الخلافية السابقة".
اجتماع تاريخي
بدوره، رأى الكاتب والمحلل السياسي د. ناجي الظاظا، أن الاجتماع "مهم" لبناء استراتيجية وطنية لمواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، والتطبيع العربي مع العدو، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني.
ووصف الظاظا، الاجتماع بـ "التاريخي"، خاصة أن جميع الفصائل أجمعت على ضرورة إنهاء الانقسام وطي هذه الصفحة بعيداً، والذهاب نحو الشراكة السياسية الحقيقية.
وبحسب قوله، فإن اللقاء يمهد لأن تتحول منظمة التحرير من البيت المعنوي إلى البيت السياسي للمشروع الوطني، مشيراً إلى أن اللقاء تم بجهد حمساوي- فتحاوي ونتيجة ضغط التحديات المشتركة التي تواجه القضية.
وأوضح أن تنفيذ التوصيات وتشكيل اللجان مرتبط بالإدارات التي تحكم غزة والضفة، لافتاً إلى أن صدق النوايا يتحدد في الأيام القادمة، مستدركاً "لكن هناك ضغط متواصل على كل الفصائل من جهة الاحتلال وإجراءاته، لذلك الأمر يشير لإمكانية التطبيق".
من ناحيته، اعتبر استاذ العلوم السياسية في جامعة السلطان قابون في عُمان هاني البسوس، أن الاجتماع رسم لوحة من الوحدة الوطنية، وساده أجواء إيجابية بشكل عام.
وقال البسوس: "إن هذا الاجتماع يُعقد للمرة الأولى منذ 9 سنوات، لكن أجواء الوحدة الوطنية ومواجهة الاحتلال خاصة بين أكبر فصيلين حماس وفتح كانت هي السائدة".
وبيّن أن الاجتماع يؤسس لبناء شراكة وطنية لمواجهة الاحتلال خاصة في الفترة الحالية، التي تمر به القضية بأصعب الظروف، مع محاولات تطبيق ما يُسمى صفقة القرن وقرار الضم وصولاً للتطبيع العربي مع الاحتلال.
ولم يستبعد أن يؤدي هذا الاجتماع للخروج من عنق الزجاجة، نتيجة الحاجة إلى دعم كل الفصائل في الوقت الذي تأزمت فيه الأوضاع بشكل كبير.
فيما ذكر البيان الختامي أيضاً أن الاجتماع جاء استجابة للرغبة الوطنية الصادقة واستجابة لأهدافنا الفلسطينية، مؤكداً رفضه المطلق لجميع المشاريع الهادفة لتصفية قضيتنا الوطنية وتجاوز حقوقنا المشروعة
واعتبر أن التطبيع "طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والاسلامية".