فلسطين أون لاين

حماس تواجه تهديدات عباس بـ"وضع النقاط على الحروف"

...
محمود عباس (أرشيف)
غزة - نبيل سنونو

في ظل تلويح رئيس السلطة محمود عباس، بإجراءات "غير مسبوقة" تجاه قطاع غزة بذريعة إنهاء الانقسام، يرى مراقب أن حركة المقاومة الإسلامية حماس "وضعت النقاط على الحروف"، بشأن المصالحة الفلسطينية وواقع الأزمات في القطاع، فيما يعتقد آخر أن هناك "فجوة تزداد اتساعا" بين حركتي فتح وحماس.

وكان نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في القطاع، د.خليل الحية، تساءل خلال مؤتمر صحفي أمس، عما تشترطه السلطة لما تسميه "استلام غزة"، قائلا: "اكتبوا لنا ماذا تريدون وماذا يعني استلام غزة؟"، منبها إلى أن حركته ترحب بحكومة رامي الحمد الله، وبأن تلتزم بمسؤولياتها في القطاع.

ويرى المحلل السياسي تيسير محيسن، أن المؤتمر الذي عقده د.الحية "هو محاولة من حركة حماس لتصحيح مسار العلاقة" مع حكومة الحمد الله، والخطوات التي اتخذت من قبل عباس بشأن قطاع غزة وآخرها خطوة الخصم من رواتب الموظفين التابعين للسلطة في القطاع، التي أثارت حفيظة قطاع واسع من الجمهور في غزة.

ويقول محيسن، لصحيفة "فلسطين"، إن خطوات عباس "أوحت أنه لم يعد يتحدث عن الهموم الوطنية بل إنه يتعدى في خطواته إلى مستوى أن يعاقب الوطن بادعاء أنه لمصلحة الوطن وهذا أمر مؤسف في ظل هذه المرحلة".

ويضيف أنه كان من المفترض أن توجه كل الجهود من أجل التصدي للاحتلال الإسرائيلي على كل الجبهات المختلفة؛ إذ إن الاحتلال في الضفة الغربية يعيث في الأرض الفساد ويتغول على حقوق الشعب الفلسطيني وينتهك كل المقدسات.

ويؤكد محيسن أن الحية حاول أن يضع النقاط على الحروف، وإيضاح أن هذا الأسلوب الذي استخدمه عباس مرفوض لا ينبغي أن يكون من السلطة تجاه الشعب الفلسطيني والعقاب الجماعي لهذا القطاع الواسع من الموظفين وما يهدد به رئيس السلطة لاحقا من خطوات أخرى في موضوع ما يصفه بـ"استعادة غزة".

وينوه إلى أن الحية جدد تأكيد دعوة حماس حكومة الحمد الله لتسلم كل المؤسسات الحكومية في القطاع، مبينا أنه لم يمنع أحد مسبقا حكومة الحمد الله من استلامها، لكن لماذا تتردد الأخيرة في المجيء واستلام هذه المؤسسات وحل كل الإشكاليات العالقة؟ يتساءل محيسن.

ويشير إلى شرطين حددتهما السلطة ليحملهما وفد من اللجنة المركزية لحركة فتح، من المتوقع وصوله إلى القطاع، لمطالبة حماس باختيار أحدهما.

وأحد هذين الشرطين، بحسب المحلل السياسي، هو أن "تُسلِّم كل المؤسسات دون قيد أو شرط ودون الحديث عن أي شيء وخاصة موضوع الموظفين في غزة"، لافتا إلى أن حماس لديها إصرار على ضرورة أن يتم استيعاب والاعتراف بكل الموظفين الموجودين على رأس عملهم والذين يخدمون الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بالكامل، وهذا أمر مهم للحفاظ على الأمن الاقتصادي لهؤلاء الموظفين.

أما الآخر فهو أن "تقبل حماس بتشكيل حكومة وحدة وطنية على برنامج منظمة التحرير الفلسطينية ويتم الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني في أقرب فرصة ممكنة"، لكن محيسن ينوه إلى أن حماس لديها تحفظ طرحته مسبقًا، وهو ضرورة أن يكون برنامج الحكومة محل إجماع وطرحت وثيقة الوفاق الوطني.

ويتابع: "أما أن يصر أبو مازن (عباس) والحكومة في رام الله على أن يكون برنامج منظمة التحرير هو برنامج الحكومة فهذا يتعارض مع قناعات وتوجهات حركة حماس وخاصة في موضوع أن هذا البرنامج اعترف بـ(إسرائيل)"، منبها إلى أن البرنامج الحالي لمنظمة التحرير أعطى سلطات الاحتلال ذريعة للسيطرة على أكثر من 78% من مساحة فلسطين التاريخية، وهذا يتعارض عقائديا وسياسيا ووطنيا مع حماس.

ويرى محيسن، أن الحية حاول أن يرجع الكرة إلى حكومة الحمد الله، لكنه يعتقد أن السلطة "لن تأبه كثيرا" بما جاء في مؤتمر نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في القطاع.

ويقول: "إن السلطة مصرة على مواصلة الطريق للضغط على الواقع الحياتي في غزة من أجل الحصول على مكسب سياسي ودفع حركة حماس للاستسلام وهذا أمر مستبعد"، مضيفا: "أعتقد أن الخلاف لا يزال قائما وسيستمر وهذا سيدفع الحكومة في رام الله إلى مزيد من الضغط وأن الرئيس عباس سيستمر في تصعيد لهجته تجاه غزة".

"اتساع الفجوة"

أما أستاذ العلوم السياسية د.ناجي شراب، فيشير إلى "فجوة تزداد اتساعا بين فتح وحماس في حالة من عدم الثقة"، معتبرًا أنه "ليست هناك بوادر إيجابية لحوار فلسطيني فلسطيني".

ويفسر لصحيفة "فلسطين"، بأن هناك "مطالب وشروطا جديدة وصيغة تهديد واضحة في الخطاب السياسي"؛ قائلا: "لا أتوقع في ظل هذا الخطاب السياسي أن تكون هناك قوة دفع لإنهاء الانقسام السياسي".

ويرى شراب أنه "يبدو أن القرار السياسي لم يعد فلسطينيا، وأنه لا أمل في حوارات سواء في غزة أو خارج غزة"، متابعا: "القرار السياسي الفلسطيني لم يعد قادرا على إنهاء الانقسام السياسي والأمر يحتاج إلى قرار غير فلسطيني لفرض حالة إنهاء الانقسام"؛ وفق قوله.

وينوه إلى "لغة التهديد التي بدأت بتصريحات الرئيس عباس بخطوات غير مسبوقة وصاحبها خطاب ديني"؛ في إشارة إلى خطبة الجمعة التي ألقاها قاضي القضاة في حكومة الحمد الله محمود الهباش، وحرض فيها على غزة.

ويعتبر أستاذ العلوم السياسية، أن الخطاب السياسي والإعلامي الراهن يوسع "من فجوة عدم الثقة بين الطرفين"، معتقدًا أن "الخطورة أن هناك بعدا إقليميا ودوليا يريد استمرار حالة الانقسام وتحولها إلى أحد الحلول للقضية الفلسطينية، ويبدو ضعف القرار الفلسطيني مقابل قوة القرار الإقليمي والدولي هي التي تفسر الحالة التي نحن عليها الآن"؛ وفق تعبيره.

يشار إلى أن د.الحية، أعلن استعداد حماس للانتخابات للمجلس الوطني كما تم الاتفاق عليه، وللمجلس التشريعي ورئاسة السلطة، تجري في غضون ثلاثة شهور من الآن، منبها إلى مخرجات اجتماع بيروت في يناير/كانون الثاني الماضي، التي دعت إلى مجلس وطني جديد.

وتواجه حكومة الحمد الله التي تشكلت في حزيران/ يونيو 2014 بموجب إعلان الشاطئ الذي وقعته حماس ووفد منظمة التحرير في غزة، اتهامات بالتخلي عن القيام بواجباتها في القطاع.