فلسطين أون لاين

بـ"جهوزية كاملة يخوضون المعركة"

تقرير فرسان "الرداء الأبيض" في خط الدفاع الأول لمواجهة كورونا

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

أسبوعان متواصلان غاب فيهما عن زوجته التي وضعت مولودهما الأول ولم يكن بجانبها في تلك اللحظة، كما لم يشاركها فرحة استقبال عيد الأضحى، فقد كان على رأس فريق طبي لاستقبال الحالات المصابة بفيروس كورونا داخل مراكز الحجر بمستشفى الصداقة التركي الفلسطيني، والآن استدعي لبرنامج طوارئ آخر بعد ظهور حالات مصابة بالفيروس من داخل قطاع غزة، فلبى نداء الواجب بـ"صدر رحب"، ليكون في خط الدفاع الأول في مواجهة فيروس كورونا.

"استدعيت مباشرة لجدول الطوارئ؛ وهذا واجب على الجميع فعله ما دمنا نعيش في أزمة وحالة طوارئ (...) وهذا الحق عندي لي لا يسقط لأني خدمت في علاج مصابي كورونا مدة أسبوعين المرة الماضية" هكذا يوظف طبيب الباطنة د. بلال الجمل في مستشفى غزة الأوروبي نفسه لخدمة "الوطن والمرضى".

خطة بدأ العمل بها منذ ثلاثة أيام معدة سابقًا لهذا اليوم، وتعتمد على تخصيص مستشفى غزة الأوروبي لاستقبال حالات فيروس كورونا من جميع  أنحاء القطاع، وفقًا لقول الجمل.

 

عبور الأزمة

ينتظر الجمل طبيب تخصص باطنة مهمة "كبيرة وشاقة"، لكنه سيقابل ذلك بـ"الصبر والتحمل"، لأجل عبور جسر الأزمة، بأقل خسائر ممكنة، يزيد: "يقع على عاتقنا الكثير، إذ فرّغ أطباء استقبال الجهاز التنفسي، وأطباء للعمل في قسم الطوارئ والأقسام الداخلية ضمن بروتوكولات دخول وخروج معينة، وخصصت حافلات لنقل موظفي وزارة الصحة إلى المستشفيات وإعادتهم لبيوتهم".

كغيره من الأطباء، أخضع الجمل لدورات طبيبة متعددة للتعامل مع فيروس كورونا منذ شهر آذار (مارس) الماضي، وكذلك زادت خبرته بعد ترأس طاقم لعلاج المصابين بفيروس كورونا من 12 تموز (يوليو) حتى 10 آب (أغسطس) الماضيين، والآن يستعد إلى العودة للعمل واستقبال المصابين والمشتبه بإصابتهم.

في أوقات الطوارئ تعمل المستشفيات كخلية نحل، تقدم خدماتها للمرضى العاديين وللمصابين بفيروس كورونا، كلٌّ في المستشفيات المخصصة لاستقبالهم، وهذا ما أشعر المريض حسام النحال بارتياح تام بعدما تضاعفت حالته الصحية، ما اضطره إلى الذهاب لمستشفى ناصر بخان يونس.

بصوته المتعب الذي بصعوبة يستطيع التنفس، ينقل النحال لصحيفة "فلسطين" انطباعه عن سير العمل، بعدما التقط بعضًا من أنفاسه مختصرًا الحديث: "لدي مشكلة قديمة في القلب، وليلة أول أمس شعرت بارتفاع ضغط الدم، ولا أستطيع التنفس، فأجرى الأطباء قياس الضغط لي، ثم الحرارة وتخطيط القلب".

كان استقبال الأطباء له "رائعًا" كما يصف: "أجروا كذلك تحاليل طبية، وصور أشعة، وغادرت بسلام مطمئنًا على نفسي".

صوت دراجة نارية يتسلل إلى مشهد هدوء الصباح الباكر، ناصر الكتناني الذي يعمل ضابط إسعاف بالخدمات العسكرية الطبية يستعد للانطلاق والذهاب إلى العمل، تاركًا أطفاله ومنضمًّا لصفوف "الجيش الطبي" في معركته مع "عدو غير ظاهر"، المهمة هنا صعبة، لكن هؤلاء المسعفين والأطباء والممرضين حملوا لواء المواجهة.

أطفأ المحرك قبل الانطلاق، بعدما استأذناه للحديث قليلًا، فيقول لصحيفة "فلسطين": "نحن طواقم الخدمات الطبية العسكرية استنفر جميع كوادنا الفنية إلى جميع المستشفيات التابعة للخدمات الطبية، أعمل بالمستشفى الجزائري العسكري في بلدة عبسان شرق خان يونس، والآن سأذهب إلى هناك".

"نحن على قدر جهوزية كاملة نستعد لأي طارئ" -يضيف- "مستنفرون على مدار الساعة، ولو اشتدت الأزمة أكثر فلن يكون هناك وقت للراحة، لذا نوجه رسالتنا للمواطنين أن التزموا بيوتكم، فنحن نخاطر بحياتنا من أجلكم، والآن عليكم أن تبقوا في بيوتكم لأجلنا".

"تعامل مع الناس على أنهم مصابون، وتعامل مع نفسك على أنك مصاب" بهذا ينصح الكتناني المواطنين في التعامل مع الأزمة وعدم مخالطة الناس.

 

استعدادات وجهوزية

يقول رئيس قسم الباطنة مسؤول ملف "كورونا" بمستشفى غزة الأوروبي د. محمد الشيخ علي: "إن الاستعدادات تُطوَّر كل يوم لتحسين الخدمة الصحية، ونكون على قدر التحدي".

يضيف الشيخ علي لصحيفة "فلسطين": "وُضِعت خطة شاملة بـ"المستشفى الأوروبي" مستشفى عزل صحي، ودُرِست الاحتياجات من طاقم بشري ومستلزمات طبية".

يوضح أن وزارة الصحة شكلت لجنة لدراسة الوضع بالمستشفى وإمداده بالطواقم والتجهيزات الطبية، فكان العمل "مضنيًا ومرهقًا وطويلًا"، لأنه يختلف عن العمل في الظروف العادية.

يتابع الشيخ علي: "نحن نعمل في ظروف استثنائية، آخذين بالحسبان الحصار وقلة الميزانية والدعم والإمكانات، وهذا جعل الحمل على الوزارة والطواقم العاملة بالمستشفى ثقيلًا"، مؤكدًا أن المشفى على أهبة الاستعداد من حيث الكوادر البشرية والاحتياجات الأساسية، من طواقم وتجهيزات لبداية استقبال حالات الإصابات بالفيروس من داخل المجتمع.

وعن أجهزة التنفس يتحدث: "لا أقول إنها كافية، لأن هناك قلة في الإمكانات والمتطلبات كبيرة، وإننا في وزارة الصحة بذلنا كل ما نستطيع توفيره، لا أعتقد أن أجهزة التنفس كافية بأي بلد في العالم ونتمنى ألا نحتاج لها، كذلك نحن ليس لدينا مشكلة بالكادر الطبي البشري"، مؤكدًا أن عبور الأزمة يتعلق بوعي المجتمع