فلسطين أون لاين

​ حواليك "ورطة".. هل تتدخل أم لا تبالي؟

...
صفاء شنيورة
غزة - فاطمة أبو حية

تعطلت سيارته في الطريق، وطلب المساعدة في إصلاحها أو دفعها، فهل تعطيه ما سأل؟، وأخرى سُرقت حقيبتها وما زالت الفرصة قائمة لملاحقة السارق، هل أنت مستعد للإمساك به؟، وطفل يسير بمفرده في الشارع تعثّر وأصيب، هل تنقله إلى المستشفى؟.. كثيرة هي المشاكل التي يقع فيها الناس في أماكن عامة، وكثيرون هم الذين يبادرون لتقديم المساعدة، ولكن هل تكون المساعدة في أي زمان ومكان؟ وما دوافع من يبادر بها؟

بلا تردد

التقينا الحاج جهاد أبو لبن بينما كان يجلس إلى جوار بضائعه، ممسكا بنسخة من صحيفة "فلسطين" يطالعها، سألناه عن رأيه في المبادرة للمساعدة، وكانت إجابته: "الواجب الديني يحتّم على الإنسان القيام بهذا العمل الإنساني".

ويقول: "يوميا تمر علينا، بحكم وجودنا في السوق، الكثير من الحالات لأشخاص تورطوا ويحتاجون لمن يساعدهم، وحسب ما أراه فأغلب الناس تتحرك على الفور وبلا تردد لمساعدة الآخرين أيا كانت طبيعة مشكلتهم".

وعن أمثلة المشاكل التي يتعرض لها الناس ويتدخل أبو لبن لمساعدتهم فيها، تعثر ضرير في الطريق، أو خلاف بين شخصين من المارّة، لكن الأصعب بالنسبة له التحرش اللفظي الذي تتعرض له الفتيات أحيانا من قبل بعض الشباب، "وفي هذه الحالة لا أستطيع السكوت، أنصح الشاب بكلمات طيبة لعله يتوقف عن تكرار فعلته هذه، وإن لم يقبل نصيحتي، فأنا أكون قد قمت بدوري ولن أخسر شيئا"، على حد قوله.

لأني فتاة

صفاء شنيورة تؤمن بأهمية تقديم المساعدة، لكنها لا تتمكن من تقديمها دوما، وتقول: "مساعدة الآخرين أمر بديهي، ولكن لكوني فتاة فثمة قيود، وغالبا ما تكون مبادرتي للمساعدة مقصورة على الفتيات فقط".

وترى أن مساعدة الآخرين واجب يجب أن يبادر له الجميع، لأن الدين يحثّ على ذلك، ولأن لها قيمة كبيرة بالنسبة لمن يكون في أمس الحاجة لها، مبينة: "لا شك أن من يساعد الناس من حوله، سيرسل الله من يقف إلى جواره في محنته".

مساعدة محسوبة

الشاب محود السقا يُقبل على المساعدة ولكن بطريقة محسوبة، فلا بد أن تكون مساعدته في الخير، وأن يكون قادرا على تقديمها، ولذا فهو في بعض الأحيان يرى المشكلة ولا يتدخل لحلّها.

يقول: "بحكم عملي في السوق، يقع الكثير من الناس في مشاكل أمامي، ولا مشكلة عندي في تقديم المساعدة بشكل عقلاني، فإن طلب شخص المساعدة في إصلاح سيارته المتعطلة على الطريق لا أتردد في تقديمها له".

ويضيف: "هنا تقع الخلافات بين الشباب بكثرة، ولكن لا أتدخل دوما، فمثلا إذا كانت المشكلة بين مجموعتين من الشباب فينطبق المثل القائل (هواية الفزّيع رايحة)، أي أن تدخلي لن ينتج عنه سوى ضربة أتلقاها، وقد تكون تبعاتها صعبة، أما إذا كان الخلاف بين شابين اثنين فلا بد من العمل على إنهائه، وأحيانا لا نكتفي بإنهاء الخلاف فقط، بل نصلح بينهما أيضا".

ويتابع: "المساعدة مبدأ أصيل في ديننا، بالإضافة إلى أن من أساسيات الحياة فكرة (كما تدين تُدان)، فمن يقدم المساعدة لغيره، سيجد من يساعده عندما يحتاج".

كرم النفس البشرية

ومن جانبه، يقول رئيس مجلس إدارة مركز التدريب المجتمعي وإدارة الأزمات الدكتور درداح الشاعر: "المبادرة تعبر عن كرم النفس البشرية، والأصل أن من يجد إنسانًا في ضائقة يُقدم له المساعدة التي يحتاجها، لكن شريطة أن تكون مدروسة ومحسوبة، لأنها إن لم تكن كذلك فربما يترتب عليها بعض المشاكل، كحمل مُصاب في حادث سير بطريقة خاطئة تزيد من خطورة إصابته".

ويضيف الشاعر لـ"فلسطين": "تتوقف المبادرة للمساعدة على أمرين، هما كرم النفس البشرية وإيثار الاخر على الذات، ومستوى الذكاء والمستوى العقلي لدى الفرد، لأن من يبادر ويتدخل عقله يعمل بطرق ذكية".

ويوضح أن الإقدام على المساعدة مرتبط بالشعور بالانتماء للإنسان والارض والوطن والمجتمع، لأن هذا الشعور هو الذي يدفع الفرد لمساعدة غيره، لأنه يشعر أنه جزء لا يتجزأ من محيطه، وبالتالي يقدم الخدمة لمن يحتاجها.

ويبين: "الأصول التربوية عامل مهم في تحديد درجة إقدام الفرد على المساعدة، لأنه خلال عملية التربية يتلقى قيم التماسك وتقديم الخدمة، بالإضافة إلى النظام العقائدي الذي يحثنا على التماسك والتعاون"، لافتا إلى أن النظام التربوي والعقائدي يحدد نمط شخصية الفرد، وهذا النمط يدفعه للمساعدة أو يمنعه من تقديمها.