فجر الـ21 من آب/ أغسطس لعام 2014، لا يمكن أن ينساه الفلسطينيون، بعدما سمعوا غارات مقاتلات جيش الاحتلال الإسرائيلي على هدف في محافظة رفح، جنوبي قطاع غزة، خلال عدوانها العسكري الموسع الذي امتد طيلة 51 يومًا.
وما إن أزاحت الرياح غبار القصف الإسرائيلي حتى أعلن عن استشهاد القادة في كتائب القسام، رائد العطار ومحمد أبو شمالة ومحمد برهوم.
وزفت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، آنذاك، الشهداء الثلاثة مؤكدة أنهم من كبار قادتها، وقالت إنهم: "ارتقوا في قصف منزل عائلة كلاب في حي تل السلطان برفح".
وبحسب تقارير إخبارية آنذاك، فإن القصف استهداف مجموعة منازل متلاصقة في حي تل السلطان غرب مدينة رفح، وارتقى في ذات الغارة 7 فلسطينيين وأصيب 25 آخرون بجراح مختلفة.
والشهيد رائد صبحي أحمد العطار "أبو أيمن" (40 عامًا) عضو المجلس العسكري الأعلى لكتائب القسام والقائد العسكري للواء رفح، ويعتبر من أبرز المطلوبين لـ(إسرائيل)، ولد عام 1974 وهو متزوج وأب لولدين.
وكانت (إسرائيل) تصفه بأنه "رأس الأفعى"، وذلك لترأسه وحدة الكوماندوز القسامية، وأنه يقف خلف تهريب الأسلحة من سيناء إلى غزة وأسر جندي المدفعية الإسرائيلي جلعاد شاليط في عملية "الوهم المتبدد" صيف 2006م.
وكشفت كتائب القسام أنه كان رفيق درب الشهيد محمد أبو شمالة في كل المحطات الجهادية منذ التأسيس والبدايات، حيث شارك في العمليات الجهادية وملاحقة العملاء في الانتفاضة الأولى ثم تطوير بنية الجهاز العسكري في الانتفاضة الثانية، ثم قائدًا للواء رفح في كتائب القسام وعضواً في المجلس العسكري العام.
وأكدت أن لواء رفح شهد تحت قيادته الجولات والصولات مع الاحتلال وعلى رأسها حرب الأنفاق وعملية "الوهم المتبدد" وغيرها من العمليات البطولية الكبرى، وكان له دوره الكبير في (معركة الفرقان 2009م)، و(معركة حجارة السجيل 2012م) و(معركة العصف المأكول 2014م).
وصفه جيش الاحتلال بأنه الوريث الفعلي لرئيس أركان القسام آنذاك الشهيد أحمد الجعبري، ووصفته بأنه "صائد الجنود" الذي جعل هدف حياته خطف الجنود من أجل تحرير الأسرى الفلسطينيين.
وفي المعركة الأخيرة، اتهمته (إسرائيل) على لسان صحيفة "يديعوت أحرنوت" بأنه الشخص الوحيد الذي يمكن أن يعرف مصير الضابط الإسرائيلي المفقود هدار غولدن، وقالت: "إذا كان هناك شخص يعرف أين الضابط غولدين فسيكون (العطار) لأنه المسؤول عن جميع الأنشطة العسكرية لحماس في رفح.
وفقد جيش الاحتلال، في عدوانه الذى دام 51 يوما، الضابط غولدن، الذي ما يزال مصيره مجهولا .
الشهيد أبو شمالة
أما محمد إبراهيم صلاح أبو شمالة "أبو خليل" ( 41 عاما)، قائد لواء جنوب القطاع، ويعد من أبرز المطلوبين لأجهزة مخابرات الاحتلال منذ العام 1991. وأمضى في سجون الاحتلال 9 أشهر، أما في سجون السلطة الفلسطينية فأمضى 3 سنوات ونصف.
ونجا أبو شمالة من ثلاث محاولات اغتيال، كان أخطرها عندما اجتاح جيش الاحتلال مخيم يبنا وحاصر منزل أبو شمالة قبل أن يدمره بمتفجرات وضعت بداخله في مطلع صيف العام 2004.
وفي العام 2003 أصيب بجروح جراء غارة جوية استهدفت مركبة قفز من داخلها قرب المستشفى الأوربي شمال شرق رفح.
كما قامت طائرات الاحتلال بقصف منزله بمنطقة الشابورة وسط رفح أكثر من مرة، كان آخرها خلال العدوان صيف 2014. وأعلنت كتائب القسام بعد استشهاده أنه من مؤسسيها في منطقة رفح.
وقاد العديد من عمليات المقاومة وعمليات ملاحقة وتصفية العملاء في الانتفاضة الأولى، وشارك في ترتيب صفوف كتائب القسام في الانتفاضة الثانية.
وعُين قائداً لدائرة الإمداد والتجهيز، وأشرف على العديد من العمليات الكبرى مثل عملية "براكين الغضب"، و"محفوظة" و"حردون" و"ترميد" و"الوهم المتبدد".
الشهيد برهوم
أما القائد الشهيد محمد حمدان برهوم "أبو أسامة" (45 عاماً)، من الرعيل الأول للقسام، ومن أوائل المطاردين في الكتائب، وهو رفيق درب الشهيدين محمد أبو شمالة ورائد العطار.
وطورد برهوم من قوات الاحتلال في عام 1992، ونجح بعد فترة من المطاردة من السفر إلى الخارج سرًا وتنقل في العديد من الدول، ثم عاد في الانتفاضة الثانية إلى القطاع ليلتحق من جديد برفاق دربه وإخوانه في معاركهم وجهادهم ضد العدو.
وقالت الكتائب في بيان نعيها الشهداء الثلاثة: "إننا إذ نودع شهداءنا إلى حيث يتمنى كل مجاهدٍ حر أبيٍّ لنعاهد المولى ونعاهدهم وكل أبناء شعبنا ألا تنحني الراية التي رفعوها مع إخوانهم وضحوا بدمائهم من أجلها".
وبعد استشهادهم، طمأنت القسام أمتنا وشعبنا أن "كتائبها لا يفت في عضدها ولا في عضد مجاهديها استشهاد أي من قادتها بل يزيدها ذلك إصرارًا وعزيمةً على حمل الراية ومواصلة الطريق، وسيدفع العدو ثمنًا غاليًا لهذه الجريمة وجرائمه المستمرة بحق أبناء شعبنا".