يبدو أن اتفاق تطبيع دولة الامارات مع الاحتلال، دفع السلطة لتغيير بعض مواقفها السياسية والتحول عنها، نتيجة تجاوز الأولى الاتفاقيات والبند الذي نصت عليه "المبادرة العربية للسلام" بأنه لا تطبيع دون تحقيق ما يُسمى بعملية التسوية.
ومن أبرز المواقف التي تحولّت عنها السلطة، ما صرّح به رئيس الحكومة برام الله محمد اشتية خلال جلسة مجلس الوزراء أمس، أن "الصلاة في المسجد الأقصى تحت السيادة الإسرائيلية أمر مرفوض"، علماً أن السلطة الفلسطينية كانت تدعو الدول العربية لزيارة المسجد في ظل استمرار سيطرة الاحتلال.
الكاتب والمحلل السياسي في رام الله صلاح حميدة، قال إن السلطة كان ترفض أن يتم التطبيع مع أي من الدول العربية قبل وجود ما يُسمى باتفاق تسوية يمنحها السيادة على الأراضي المحتلة عام 67 وضمنها شرقي القدس والمقدسات الفلسطينية.
وأوضح حميدة خلال حديثه مع "فلسطين"، أن عدم التزام الامارات بما نصت عليه بنود المبادرة العربية، بأن التطبيع يسبق التسوية بدلاً أن تسبق التسوية التطبيع، هو الذي جعل السلطة تتحول في مواقفها.
ورأى أن هذا المسار الذي اتبعته السلطة أوصل لهذه الكارثة الحاصلة في الوقت الحالي، والذي يتعلق بإدارة التنازلات العربية وكذلك الفلسطينية لمسألة التنازل عن الحقوق الفلسطينية أملاً بإقامة دولة فلسطينية على أراضي الـ 67.
وبيّن أن التنازل عن الحقوق أو جزء منها شجع دولة الاحتلال والأطراف الدولية الداعمة لها على الطمع أكثر بكثير من خلال ما يعرف بمبادرات التسوية سابقاً.
وأكد ضرورة أن تذهب قيادة السلطة ومنظمة التحرير باتجاه مصالحة حقيقية وفق برنامج وطني مشترك يضع محددات وخارطة طريق خاصة مسألة التحرر الوطني من الاحتلال بدلا من الاستمرار في المناورة في نفس المكان.
ويتفق مع ذلك المحلل السياسي د. ناجي الظاظا، إذ أكد أن السلطة تشعر أن البساط انسحب من تحت أقدامها فيما يتعلق بالعلاقات العربية الاسرائيلية.
وأوضح الظاظا خلال حديثه مع "فلسطين"، أن السلطة كانت تراهن قبل ذلك بأن أي تطبيع للعلاقات كان يمر عبر السلطة، لافتاً إلى أنها تشعر أن الامارات تجاوزت حدود العلاقة.
وبيّن أن المسألة ليست مبدئية من حيث تجريم أو تحريم الزيارة وطنياً إنما مرتبطة بالدور السياسي الذي تريده السلطة في أي علاقة بين (اسرائيل) وأي من الدول العربية.
ورأى أن الأساس ليس "تحولاً استراتيجياً" ولكن هذا مبنى على موقف السلطة من تطبيع العلاقات بين دولة الإمارات والاحتلال، معتبراً الموقف جاء كردة فعل السلطة على الاتفاق.
وشدد الظاظا على أن "المطلوب من السلطة تقديم نموذج مقنع للعرب جميعاً بان تطبيع العلاقات الذي سارت عليه مع الاحتلال مسار خاطئ".
وقال "يجب أن تتجرأ السلطة بإعلان موقف صريح بتنفيذ ما تم إقراره في اجتماعات المجلسين المركزي والوطني وحتى مقررات السلطة ومجلس الوزراء بوقف العلاقات مع الاحتلال وانهاء تطبيق اتفاق أوسلو أو التحلل منه لأنه أكثر خطورة من تطبيع العلاقات مع الإمارات".
وبيّن أن الشعب الفلسطيني يعاني من ويلات أوسلو أكثر مما سيعاني من ويلات اتفاق تطبيع العلاقات بين الامارات و(إسرائيل).