فلسطين أون لاين

استعداد إيجابي تصنعه حواء بتجليد كتب أبنائها

...
غزة- هدى الدلو:

تجمع الأطفال حول والدتهم في غرفة المعيشة التي أصبحت وكأنها ورشة عمل، وكل واحد منهم يضع أمامه الكتب والدفاتر التي يود تجليدها، فهذه الجلسة مقامة في أغلب البيوت التي يوجد فيها طلبة في المدارس، لتتولى الأم مهمة تجليد الكتب وتغليف الدفاتر للحفاظ عليها طوال العام بشكل مرتب.

وفاء عطا الله أم لأربعة أبناء أصغرهم في مرحلة رياض الأطفال، تقول: "أحاول في تلك الفترة أن أعزِّز مبدأ التشارك في العمل بين أفراد أسرتي الصغير منهم قبل الكبير، وكل واحد منهم يتولى مهمة معينة، فمثلًا ابني أحمد في الصف السادس تقع عليه مهمة تدبيس الكتب في إحدى المكتبات، وأخته الأكبر منه تساعدني في التجليد والتغليف".

وتضيف أن تلك العملية تمر بعدة مراحل من قص الورق المناسب ووضع اللاصق لكتابة الاسم والمدرسة وغيرها وتنتهي بوضع النايلون للحفاظ على دفتي الكتاب من التلف والبلل.

الثلاثينية عائشة سلطان وهي أم لثلاثة أطفال جميعهم في مراحل مختلفة بالمدرسة، تقول: "أستقبل وأبنائي العام الدراسي باحتفال تجليد الكتب المدرسية وهو احتفال سنوي يحتاج إلى نوع من التنظيم والترتيب من خلال شراء الأدوات والمعدات بوقت سابق كاللاصق وأوراق التجليد بأشكاله وألوانه وغيرها التي يقوم بهذه المهمة والدهم وفي الغالب يصطحبهم ليشتروا ما يحلو لهم".

وتعد هذه الحفلة ضيفًا ثقيلًا عليها رغم أنه يأتي مرة واحدة، ففي أغلب الأحيان يحتاج إلى أسبوع كامل ما بين تجليد الكتب وتجهيز الدفاتر، ولكنها تدخل الفرحة والبهجة على قلوب أبنائها.

وتشير سعاد سالم وهي تلتف هي وأبنائها حول طاولة بلاستيكية لتقوم بالمهمة الموسمية التي تقع على عاتقها إلى أن تجليد الكتب والدفاتر اليوم اختلف عن السابق، فقد أصبح كل شيء جاهزًا ولكن الأمر يحتاج إلى بعض الدقة، بينما في الماضي كانت التجاليد عبارة عن أوراق كبيرة تحتاج إلى قص وفق المقاسات المطلوبة.

بدوره يقول الاختصاصي النفسي زهير ملاخة: إن أي تفاعل ومشاركة أسرية تعزز معاني المحبة والسعادة، وتعتبر تهيئة واستعدادًا إيجابيًّا عند أفراد العائلة، وبالتالي الإعداد إلى المدرسة من قبل الوالدين وبمشاركة الأبناء يمهد لاستقبال عامهم الدراسي بكل رغبة وسعادة وتفاؤل.

ويلفت إلى أن ذلك يعد من عوامل التحفيز والتشجيع للدراسة والمتابعة، وينعكس على اهتمام الطالب بنفسه ونشاطه داخل المدرسة، وتفاعله داخل الحصة ومع مدرسيه، ومتابعته النشطة في البيت.

ويقول: "بالتالي رُبّ أشياء بسيطة يفعلها الوالدان بالمنزل من مشاركة وجدانية وسلوكية تنعكس بالإيجاب على حياة أبنائنا في محطات مختلفة ومتعددة".

ويوضح ملاخة أن هذه المهمة التي تقع على عاتق الأم لا بدّ أن تستثمرها وتوظفها بشكل جذاب وشيق لتوجد الحماس في نفوسهم، وتخلق بيئة تنافسية وتحصيلية بينهم، والحرص على القيام وإظهار أفضل ما يمكن بتزيين الدفاتر ومستلزمات المدرسة.

وينبّه إلى أنه يمكن للأم من خلال أدائها لهذه المهمة أن تعزز ثقة أبنائها بأنفسهم بشكل كتابة الاسم، واختيار الألوان المحببة، والصور الصغيرة التحفيزية داخل قرطاسية الطفل.

ويبيِّن ملاخة أن حالة الرتابة والجمال والتنظيم له أثره النفسي للتشجيع والمنافسة، وأيضًا الاعتزاز بذاته والاهتمام بالشكل الايجابي الإثرائي.

ويرى إلى جانب ما سبق، أهمية المداومة والاستمرار بحالة الاحتضان خاصة من قبل الأم، والمتابعة المدرسية داخل وخارج المنزل والاهتمام بالجوانب المادية بما يتعلق بمستلزمات العملية التدريسية بالشكل الذي يدفع بهم نحو الانتماء، والجذب نحو أهداف التعليم وأهميته على حياتهم، لتستثمر قدرات الأبناء لأبعد حدٍّ وإنمائهم ببيئة أسرية وتعليمية ومجتمعية سليمة ومحفزة ومرنة وجذابة لا تهمل أي جانب إنساني، ولا تهدر حقًا له من الحقوق.