فلسطين أون لاين

المسجد الإبراهيمي.. والتوظيف الصهيوني لكارثة بيروت

...
المسجد الإبراهيمي (أرشيف)

كعادته الاحتلال الصهيوني يوظف كل كارثة طبيعية أو إنسانية أو عسكرية أو وبائية من أجل تنفيذ مخططاته، مستغلًّا انشغال الإعلام العالمي بتغطيته الإنسانية لتلك الحوادث المأساوية، لينفذ مخططاته دون ضجيج يفضح طبيعته العنصرية وممارساته الإجرامية تجاه المقدسات، خاصة المسجد الإبراهيمي الشريف، من أجل استكمال سرقة ما تبقى من هذا الحرم الإسلامي الفلسطيني المقدس، بعد وضع اليد على نصفه عقب المجزرة الإرهابية التي ارتكبها المستوطنون يقودهم الإرهابي باروخ جولدشتاين عام 1994م.

فقد باشر الكيان الصهيوني تنفيذ القرار القاضي بنقل إدارة المسجد الإبراهيمي، من بلدية الخليل إلى إحدى المؤسسات الاستيطانية، مع أن السيادة على المسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة في الخليل فلسطينية خالصة، باعتراف دولي، بعد إدراجهما ضمن قائمة التراث العالمي وفقًا لقرار «يونسكو» في يوليو من عام 2017م.

لقد حذرت دائمًا في معظم مقالاتي السابقة (..) من المحاولات الصهيونية المستمرة والممنهجة والمستدامة لطمس الهوية الإسلامية لتلك المقدسات، وإلحاقها بالأساطير الصهيونية التي تفتقد التاريخ والمرجعيات، وتحاول اختلاق براهين على كذبتهم الكبرى وروايتهم الخيالية عن حقوقهم المزعومة.

في الوقت نفسه أطلقت قوات الاحتلال الصهيوني الرصاص على شابة فلسطينية في جنين وهي في داخل منزلها، ما أدى إلى استشهادها على الفور، وكل تلك الممارسات غائبة عن الإعلام؛ فدم اللبنانيين في بيروت توظفه حكومة الكيان الصهيوني من أجل التغطية على وحشيتها، وعلى نهجها في تطبيق سياسة الضم الناعم دون ضجيج، لوضع العالم أمام أمر واقع نتيجة لتلك السياسة، إضافة إلى الرصاص المعدني والمطاطي الذي تطلقه دون تحفظ يذكر على المصلين الفلسطينيين الذين يصرون على إقامة صلواتهم في تلك الأراضي المهددة بالمصادرة ضمن إطار مشروع الضم، كل ذلك يحدث ضمن إطار المواجهات اليومية للشعب الفلسطيني العظيم، الذي ما يزال يمارس دوره الطليعي والنضالي في الدفاع عن المقدسات الإسلامية المهددة بطمس هويتها الدينية والعربية.

إنه توظيف للمآسي والآلام والدم والحزن الذي يخيم على لبنان والعرب جميعًا بسبب كارثة مرفأ بيروت، من أجل مكاسب سياسية «قذرة» تعكس مدى أزمة الكيان الصهيوني، وما يتسرب من معلومات عن نية رئيس وزرائه تشكيل حزب سياسي والخروج من حزبه ليكود، من أجل زيادة حجم المتطرفين اليمينيين في الكنيست المشؤوم، والخروج من دائرة الضغط، لتنفيذ مخططه الإجرامي الذي تجسده «صفقة القرن»، دون انتظار للانتخابات الأمريكية التي تؤشر استطلاعاتها على خسارة خليفة وعراب «صفقة القرن» الدولي الوحيد دونالد ترمب، الذي مسته أيضًا لعنة فلسطين فحولته من مرشح وحيد إلى خاسر مطلق.

المصدر / د. فايز الدوايمة- الرأي الأردنية