تواصل سلطات الاحتلال عمليات الضم يوميا لكثير من مناطق الضفة الغربية والقدس خاصة، لقد صادروا مئات الدونمات في بيت لحم وبدؤوا بزراعة الأشجار في الأغوار ومنعوا المواطنين من الوصول الى اراضيهم، إضافة طبعا لما يقومون به في القدس عاصمتنا الموعودة ومحيطها، وكانت الحكومة الاسرائيلية قد صدّقت في اجتماعها يوم الاحد الماضي على بناء الف وحدة استيطانية في قرى عناتا وابو ديس والعيزرية والطور، وهي كلها من القدس او محيطها وذلك في سياق مخطط ما يسمونه مشروع «القدس الكبرى» كما انهم يعملون على ربط المستوطنات من خلال الطرق التي يقيمونها من جهة، وتقطيع اوصال الضفة من جهة اخرى.
هذه الممارسات ليست سرا ابدا وهي مكشوفة ومعروفة للجميع، كما ان قادة الاحتلال من نتنياهو الى اصغر مسؤول، يتسابقون للحديث عن الاستيطان و(اسرائيل الكبرى)، ورغم ان العالم كله، تقريبا يقف ضد هذه الممارسات الا انهم يعدون النقد مجرد كلام بلا اي تأثير او فاعلية ولا سيما انهم يلقون التأييد والتشجيع من الادارات الاميركية المختلفة واخرها ادارة الرئيس ترامب التي تعلن انها تقبل أن يضم نتنياهو كل المستوطنات ولا ترى في ذلك تناقضا لما يسمونها «صفقة القرن» التي ماتت منذ زمن.
معروف ان الحركة الصهيونية منذ اتخذت قرارها بإنشاء ما يسمى وطنا قوميا لليهود في فلسطين، وهي تعمل بكل السبل وتسخر كل الطاقات والامكانات من أجل اقامة هذا الوطن المزعوم على انقاض الشعب الفلسطيني، مستعينة بالدول الاستعمارية على اعتبار انها تشكل جزءا من هذا الاستعمار، ووضعت نفسها في خدمة المستعمر خاصة خلال الحربين العالميتين الاولى والثانية.
وقد استخدمت الحركة الصهيونية ممثلة بالعصابات الصهيونية كل الوسائل من اجل تشريد شعبنا وإحلال اليهود من مختلف بقاع العالم مكانه، ومن أبرز هذه الوسائل المجازر التي ارتكبتها التي لا تعد ولا تحصى، مستعينة بما يسمى الانتداب البريطاني على فلسطين الذي هو شكل من أشكال الاستعمار، بل هو الاستعمار بعينه.
وجاء كشف صحيفة «هآرتس» العبرية قبل يومين عن الوثيقة التي تم اعدادها منذ (٤٠) عاماً، وهي خطة ارئيل شارون، رئيس وزراء الاحتلال السابق لطرد ألف فلسطيني من جنوب الخليل، تحت ستار توسيع مناطق التدريب العسكري لقوات الاحتلال، لتدلل بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الأسلوب وغيره من الأساليب المستخدمة في السابق وحاليا، هو تهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين سواء من الداخل الفلسطيني أو من الضفة والقطاع بما فيها القدس الشرقية المحتلة عام ١٩٦٧ لتبقى الارض والبلاد لهم كما يتوهمون.
وما قرار ضم الاغوار وشمال البحر الميت سوى أسلوب آخر من بين العديد من أساليب التهجير لشعبنا، حيث يمنع الاهالي من الوصول الى اراضيهم هناك، وكذلك يتم بصورة شبه يومية هدم منازل وخيام المواطنين ويقوم قطعان المستوطنين بالاستيلاء على الاراضي هناك وتسييجها بدعم من قوات الاحتلال التي ترفض اعطاء تراخيص بناء للأهالي هناك وتهدم ما يتم بناؤه، وتجرف المدارس والمساجد، حتى التي يتم انشاؤها بدعم من دول الاتحاد الاوروبي، الذي ساهمت العديد من دوله في إقامة دولة الاحتلال على الارض الفلسطينية لتكون حجر العثرة التي يحول دون وحدة العالم العربي الذي لا تريد له الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية الوحدة، ليتسنى لها استغلال موارده وثرواته وخاصة الثروة النفطية التي تحرك عجلة الاقتصاد في هذه الدول، بما فيها التي تدعي زوراً وبهتاناً الديمقراطية وحقوق الانسان.
ولكن ما غفل ويغفل عنه الاحتلال، والدول التي ساهمت في ايجاده ودعمه، ان شعبنا حي. فشعبنا الذي قدم التضحيات الجسام وأثبت وجوده على الخارطة السياسية، ما زال لديه الكثير ليقدمه على مذبح قضيته الوطنية، وان جميع هذه الأساليب التي استخدمت ولا تزال تستخدم ضده سيكون مصيرها الفشل المحتوم، ولن يبقى في الوادي غير الحجارة، والتاريخ سيثبت ذلك وما مصير الاحتلال سوى الزوال وهذه المرة الى الأبد.
ولكن ما يظل شوكة قوية وكبيرة في حلق الاحتلال واطماعه التوسعية هو وجودنا البشري وتكاثرنا وصلابة مواقفنا الرافضة لكل تطلعاتهم اللا إنسانية، إن ملايين الفلسطينيين بالضفة والقدس وغزة والداخل المحتل هم اقوى اسلحتنا الذين يؤكدون ان المستقبل لنا والارض لنا، مهما كانت احلامهم وغطرستهم وعمى العيون الذي يتحكم في سياساتهم بحيث يختارون طريق اللا سلم والغد المظلم بدل العيش وفق الحقوق والقوانين والانسانية، اننا نعاني كثيرا ولكننا صابرون والتحديات كبيرة ولكننا سنظل صامدين وكلنا ثقة بأن المستقبل لنا طال الزمان أو قصر....!!!