بينما تفرض حصارا مطبقا على قطاع غزة منذ أكثر من 10 سنوات، سعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، إلى التنصل من مسؤوليتها عن أزمات المياه، والكهرباء، وغيرها، من خلال إطلاق تحذير للأمم المتحدة تلقي فيه اللوم على جهات فلسطينية.
وأورد الموقع الإلكتروني لصحيفة "معاريف" العربية، مؤخرًا، أن سلطات الاحتلال حذرت الأمم المتحدة من "أزمة إنسانية حادة" ستواجه القطاع بسبب "النقص الخطير" في المياه الصالحة للشرب.
ويرى العضو العربي في "الكنيست" الإسرائيلي، عبد الله أبو معروف، أن سلطات الاحتلال لا تدق بهذا الإعلان ناقوس الخطر، وإنما تريد أن تحمل السلطة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" المسؤولية، لكي تتنصل من مسؤوليتها، مستغلة بذلك الظرف الفلسطيني وحالة الخلاف الموجودة بشأن قرار السلطة الخصم من رواتب موظفيها في القطاع.
"هذا هو ما يسمى دموع التماسيح، تذرفها (إسرائيل) وكأنها يهمها صحة أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة والمياه"؛ يتابع أبو معروف كلامه، مبينا أنه "يجب أن نكون حذرين في كيفية التعامل مع الأمور، فالمسؤول الأول والأخير عن أي أزمة صحية، غذائية، مياه، أو كهرباء لدى أهلنا في غزة، (إسرائيل)".
ويشدد لصحيفة "فلسطين"، على أن (إسرائيل) هي المسؤول الأول والأخير عن هذه الأزمات، بصفتها مستمرة في فرض الحصار على قطاع غزة بكافة الأساليب، وغير ذلك من أشكال التفسير غير مقبول بالمرة.
وعن تزامن هذا التحذير مع قرار السلطة الخصم من رواتب موظفيها في القطاع، يوضح أبو معروف أنه "يجب ألا نخلط الأوراق"، مردفا: "هذه قضية أخرى نتعامل معها بشكل موضوعي وننتقدها.. لكن المسؤول الأول والأخير عن أي أزمة مياه أو غذاء أو كهرباء هو فقط الحصار الإسرائيلي لغزة".
ومن أهداف سلطات الاحتلال من هذا التحذير أيضًا، بحسب أبو معروف، "استمرار دق الإسفين" بين السلطة الفلسطينية في الضفة، والمسؤولين في القطاع.
ويشير إلى أن محاولة الاحتلال التنصل من المسؤولية، هي "مجرد ادعاءات سياسية وتصريحات بهلوانية لا تمت إلى الواقع بصلة، ولكي تغض النظر عن أن القطاع مُحاصَر باستمرار من قبل (إسرائيل) التي تريد فقط أن تدخلنا في متاهات ونقاشات ليست هي الموضوعية وليست هي الصحيحة".
وتساءل أبو معروف: "هل نحن ننتظر من (إسرائيل) أن تقول لنا: نحن نحذركم؟"، محملا الأخيرة المسؤولية عن الأزمات القائمة.
لكن العضو العربي في "الكنيست"، يؤكد أن على سلطات الاحتلال فك الحصار نهائيا وبكل أشكاله عن قطاع غزة، مشددا على حق الغزيين في التصرف "بحرية تامة في جميع الاتجاهات".
ويطالب أبو معروف الأمم المتحدة بالقيام بواجبها بتوفير العون الكافي للغزيين، والسماح بدخول كل ما يلزمهم من احتياجات، وإدانة (إسرائيل) التي تستمر في فرض الحصار.
مشاريع التسوية
من جهته، يقول المتخصص في الشؤون الإسرائيلية د. مأمون أبو عامر، إن سلطات الاحتلال "تستغل الظروف الحالية في قطاع غزة خاصة مع قرار السلطة الفلسطينية خصم أكثر من 30% من رواتب موظفيها"، موضحاً أن الاحتلال يحاول تسويق نفسه على أنه يهتم بالشعب الفلسطيني.
وفي نفس الوقت، يُبيِّن أبو عامر، لصحيفة "فلسطين"، أن سلطات الاحتلال "لا تأتي بشيء جديد" عندما تتحدث عن أزمة مياه، ولكنها تريد أن تلفت نظر العالم إلى هذا الواقع لأنها لا تريد أن ينفجر قطاع غزة في وجهها، وتسعى إلى مطالبة العالم بتحمل مسؤولياته عن الوضع في القطاع حتى تتجنب تبعات أي مواجهة يمكن أن تندلع معها في حالة "انفجر الموقف" في القطاع.
كما يشير إلى أن من السيناريوهات الواقعية لتفسير تحذيرات الاحتلال من أزمة مياه في غزة، أن يكون الأخير يسعى إلى "وضع سكان القطاع في حالة مأساوية صعبة جدا" لدفعه للقبول بمشاريع تسوية، وتحركات سياسية في هذا الصدد.