فلسطين أون لاين

تهديدات عباس تستدعي مخاطبة منظمات دولية مؤثرة

...
غزة - صفاء عاشور

تتواصل الأزمات التي تعصف بقطاع غزة، فلم يكد ينسى المواطنون لسعات "كرة نار الخصومات" التي ألقاها عباس في قطاع غزة مستقطعاً ما بين 30% إلى 45%، حتى عادت معضلة الكهرباء للظهور مجدداً. أزمات متراكمة تترافق غالباً مع أصوات بمبادرات مدنية عنوانها إنهاء الانقسام، وهو ما يصفه مختصون بالأمر الإيجابي المفتقر للإرادة السياسية.

وكان النائب في المجلس التشريعي جمال الخضري، قد أعلن قبل أيام عن مبادرة للحل، تتضمن اعتماد جميع الموظفين في الضفة الغربية وقطاع غزة كموظفين متساوين في الحقوق والواجبات، و تشكيل حكومة وحدة وطنية، تبسط صلاحياتها على كل مناطق السلطة الفلسطينية، على أن تتكفل بجلب الدعم.

الانقسام أم الحصار؟!

وأوضح الخضري، أن مبادرته مبنية على رؤية عدم المساس بأي طيف من أطياف الشعب الفلسطيني "ونجاحها يحتاج إلى تجاوب كافة الفصائل المعنية من أجل بلورة إطار حقيقي ينهي حالة الانقسام".

وقال في حديث لـ"فلسطين"، إن الساحة الفلسطينية تشهد الكثير من المشاكل التي تكبر وتتشعب "الأمر الذي يهدد بحدوث انعكاسات خطيرة سيكون الجميع فيها خاسراً (..) فالظروف والمعطيات السياسية الفلسطينية تؤكد أن لا أحد رابح".

وتتضمن مبادرة الخضري، الإعداد لانتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بالإضافة إلى معالجة الآثار المترتبة على الحصار والعدوان والاستيطان والجدار.

ونوه النائب الخضري الذي يرأس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، إلى أن تداعيات الانقسام الفلسطيني أخطر من الآثار التي تركها الحصار على مدار العشر سنوات الماضية، لافتاً إلى أن جهوداً عديدة تبذل على المستوى المحلي على أمل أن تجد صدى مناسبا يتحقق بموجبه التوافق.

وأكد الخضري أن مبادرته تنطلق من أن إنهاء الانقسام سيذوب الكثير من مخرجات الحصار المفروض على غزة "وسيكون هناك مجال لتمثيل فلسطيني موحد يواجه الحصار في المحافل الدولية التي سيكون لها دور كبير في إسناد الشعب الفلسطيني".

ويفرض الاحتلال منذ أكثر من عشر سنوات حصاراً سياسياً واقتصادياً على قطاع غزة، وذلك إثر حصول حركة حماس على أكثر من نصف مقاعد المجلس التشريعي في الانتخابات التي جرت عام 2006.

وشدد الخضري على أن الدور المؤسساتي والبرلماني والمجتمع المدني مهم "ولكن من الصعب وضع كل هذا في بوتقة واحدة"، مفسراً بأن المسألة ليست سياسية "بل على كافة القطاعات الاقتصادية والتجارية بمختلف هوياتها أن تتوحد في رؤية تعزز الصمود، وإيجاد حلول خلاقة تخفف من معاناة شعبنا".

لجنة إنقاذ

من جهته، عد المحلل الاقتصادي نهاد نشوان، الأزمات التي يمر بها القطاع بأنها "تمثل منحى تاريخيا لأسوأ أنواع القهر مع تواصل التهديدات بإجراءات غير مسبوقة (...) بعد مجزرة الرواتب، غزة تبدو على الهامش".

وقال في حديث لـ"فلسطين" إن:" القطاع تعرض في الفترة الأخيرة إلى هجمة شرسة من قبل السلطة الفلسطينية تمثلت بإقصائه وتخفيض حصته في موازنة السلطة الفلسطينية من 40% إلى 15% من الموازنة الكلية".

ويرى نشوان، أنه في ظل هذه الأوضاع التي تعصف بغزة "مطلوب من القائمين على القطاع والشخصيات الاعتبارية وفصائل المجتمع الوطني التفكير خارج الصندوق للخروج من الأزمات قبل بدئها واستدراكها".

وطرح المختص الاقتصادي، تشكيل لجنة انقاذ وطني من شخصيات اعتبارية "تحاور الأطراف الاقليمية والدولية للمحافظة على ما تبقى من حياة، حيث يعيش 90% من السكان تحت خط الفقر، وتنعدم فرص العمل لـنحو 65% من الشباب، 85% من أهل القطاع يعتمدون على المساعدات الإنسانية".

وأشار نشوان إلى أن العديد من هيئات العمل الوطني قدمت مبادرات للخروج من الأزمة "لكن هذه المبادرات لن ترى النور طالما السلطة الفلسطينية لديها جداول وآليات لاستنزاف القطاع".

وذهب إلى القول بأن السلطة الفلسطينية لم تستجب منذ عشر سنوات لأي مبادرة ولن تستجيب الآن، هي تريد استنزاف موارد غزة (..) وهي لا تمثل نفسها في ذلك فقط، فلغة الخطاب القاسية تشير إلى أن السلطة في رام الله تمثل أجندات خارجية، ولن يكون الحوار معها مجدياً".

لكن نشوان لا يرى بأن ذلك معناه الركون إلى الإحباط، " على أصحاب المبادرات أن يستمروا في التواصل مع المنظمات الدولية ذات التأثير في السياسات الخارجية للدول الأوروبية لتضغط على حكوماتها من أجل إنهاء أزمات غزة".

إملاءات لا مبادرات

في السياق ذاته، أكد رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية محسن أبو رمضان، أنه رغم وجود العديد من المبادرات التي طرحت حلولا للمشاكل التي يمر بها قطاع غزة "إلا أن خطة عباس تجاه قطاع غزة ليست كذلك".

وأوضح في حديث لـ"فلسطين"، أن عباس يريد من حركة "حماس" "الاستجابة لشروط التخلي عن الحكم في غزة، والاندماج في حكومة وطنية، وحل اللجنة الإدارية التي تم تشكيلها مؤخراً، بالإضافة إلى ترتيبات أخرى ذات مستوى سياسي وأمني".

وبين أبو رمضان، أن المهلة التي أعطاها "عباس" لغزة هي "ليست لطرح مبادرات محلية جديدة لن تجد آذانا صاغية، فرئيس السلطة يريد حسم حالة القطاع ضمن إجراءات وترتيبات مالية وإدارية وسياسية".

وكانت اللجنة المركزية لحركة "فتح" قررت تشكيل لجنة للاتصال والبحث مع حركة "حماس" للتوصل إلى تصورات واضحة وحلول نهائية حول الانقسام بشكل سريع بما لا يتجاوز يوم 25 من الشهر الجاري.

وعلى ذلك، أكد رئيس شبكة المنظمات الأهلية، أن أي تحسن لأوضاع القطاع سيبقى منوطاً بإنهاء الحصار وتفعيل حكومة وحدة وطنية مبنية على قاعدة الشراكة واستجابة المانحين لاحتياجات القطاع لإنجاز عملية الإعمار "وغير ذلك فسيبقى القطاع يعاني مشاكل اقتصادية وتنموية".