فلسطين أون لاين

"أول يوم دوام" في رياض الأطفال.. "دموع واستغراب وقهقهات"

...
غزة- مريم الشوبكي

صوت بكاء الأطفال في أول يوم لهم في الروضة كان يعلو في أرجاء المكان، معلمات وأمهات يحاولن إسكاتهم، ما إن بدأ المهرجون في تقاذف الكرات الملونة تارة والدوائر الملونة و"الكلوبسات" تارة أخرى، حتى بدأ بعضهم يكفكف دموعه وينظر بدهشة إليهم.

"هي هي" تعالت أصوات الأطفال بها بعد أن قذف المهرج الكرة في الهواء، متفاعلين مع أنشودة "قومي تنلعب سوا.. نرمي طابة في الهوا.. نطي نطي يا طابة"، كسر بعضهم رهبة الخوف والتوتر، وتمددت تعابير وجههم بضحكات رنت في المكان، وآخرون تبسمت شفهاهم ولكن عيونهم كانت حائرة تبحث عن مصدر الأمان (الأم).

أمير السعودي ذو الأربع سنوات كان طفلا هادئا يجلس على كرسيه الأزرق يقفز على استحياء مقلدا المنشط، فأول أسبوع في الروضة يكون ترفيهيا بامتياز غنيا بالألعاب الترفيهية والأنشطة والفعاليات بعيدا عن الزخم الدراسي الذي يبدأ بعده.

الطفل أمير بصوته الهادئ يخبر صحيفة "فلسطين" أنه استيقظ باكرا وكله حماس طالبا من والدته الإسراع في إلباسه زي الروضة ليلتحق بصف البستان، ومع إن وصل الباص حيث يسكن في الشعف شرقي مدينة غزة ركض ليركبه ملوحا بيده لأمه مودعا إياها.

قطع حديث أمير صوت طفل آخر أخذ يبكي رافضا الجلوس على مقاعده وثلاث معلمات يحاولن تهدئته وأخرى ذهبت به إلى دورت المياه لتغسل له وجهه بالماء من الدموع التي انسكبت على خديه.

أسمى المدهون ذات العنينين الخضراوين جلست على كرسيها الزهري في صف البستان، تضحك وهي تحتضن حقيبتها زهرية اللون لتقول: "عيطت شوي أول ما ركبت الباص بعدين سكتت، لما شفت الألعاب في الروضة انبسطت، والمهرجين حبيتهم كتير".

في روضة أخرى، حان موعد استقبال أطفال الفترة المسائية، اصطف الأطفال وراء بعضهم ساروا حتى وصلوا الساحة، قدم المهرج عرضا بفقاعات الصابون فأخذ الأطفال يركضون وراءها لفقعها وضحكاتهم أشاعت البهجة في المكان.

جودي بلبل واحدة من هؤلاء الأطفال، كانت والدتها ترقبها من بعيد بنظراتها وابتسامتها، تقول والدتها: "ابنتي تتمتع بشخصية جريئة لست متعجبة من تفاعلها مع الأطفال والمهرجين، لأنها كانت متشوقة للغاية للالتحاق بالروضة، وهي التي كانت تخبر والدتها بأن تأتي لها بورقة لكي تكتب الواجب حتى لا توبخها المعلمة غدا".

ورغم ذلك فضلت والدة جودي ذات الأربع سنوات وهي بكرها أن ترافقها مع والدها وأخيها الصغير في أول يوم دراسي، لكي تتغلب على شعور الخوف والتوتر الذي كان سيلازمها طوال اليوم إن لم تطمأن على سير يوم طفلتها في الروضة.

أما رانيا عكيلة فلم تفعل كسابقتها، بل فضلت زيارة ابنتها قبل موعد انتهاء دوامها بنصف ساعة، تركتها في أول يوم تخوض تجربة الروضة بنفسها من الركوب في الباص حتى التفاعل مع زملائها ومعلمتها في الفصل.

تقول عكيلة لصحيفة "فلسطين": "خشيت مرافقة ابنتي في الصباح حتى لا تبكي ولن يطاوعني قلبي بأن أتركها وهي تبكي وحدها، لذا تأخرت حتى لو بكت سيكون الوقت قد انتهى، ولكنها خيبت ظني، حتى تركتني وتنقلت بين الألعاب تارة وتلاعب المهرج ثم تركض مقهقهة بعيدا عنه".

المعلمة دعاء العكلوك كانت تلتقط حبات العرق بمحارم ورقية عن جبينها، بعد أن تعبت وهي تركض وراء طفل يهرب من الفصل، وآخر تكفكف دموعه، وما انتهت قامت بتنشيطهم بحركات رياضية بسيطة.

تتحدث عن معاناتها في أول يوم دراسي: "متعب للغاية، كثير من الأطفال يستغربون من المكان يواصلون البكاء حتى انتهاء الدوام، والبعض الآخر يكون برفقة أخته أو ابن عمه يرفضون الافتراق في الفصول وهنا يبدأ العناد، وبذلا جهدا في إقناعهم بأنهم بمراحل دراسية مختلفة".

بعض الأطفال أيضا يرفضون الأكل في أول يوم، وهذا يزيد من أعباء "العكلوك" التي تحاول ملاعبتهم وتلطيف الأجواء، حتى تحثهم على الأكل، وتتفادى تعليقات ولوم الأهل لأن بعضهم عاد بسندويشته إلى البيت.

انتهى اليوم الأول الذي مضى كله في الترفيه والتنشيط، كسر معه خوف وتوتر الأبناء، وتلاشى قلق الأمهات من سير يوم أطفالهن، معلنا بدء عام دراسي جديد مليء بالعلم والتحديات.