من 15 ألف إلى 3 آلاف كوب يوميا.. انخفاض حاد شهدته مدينة يطا جنوب الخليل في كميات المياه التي تصل المواطنين إلى منازلهم، دفعهم منذ أشهر إلى شرائها بمبالغ مالية باهظة في ظل ظروف إنسانية صعبة، ازدادت سوءا في ظل جائحة كورونا.
تلك الكميات التي انخفضت بشكل حاد، شكلت أزمة حقيقية لقرى وبلدات جنوب محافظة الخليل، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، خاصة مدينة يطا، التي يبلغ حاليا كمية المياه التي تصلها 3 آلاف كوب لـ130 ألف نسمة.
المواطن راتب الجبور يقول إن هذه الكميات لا تكفي للمواطنين في يطا، وعدد كبير من البيوت والأحياء جنوبي الخليل لا تصلها المياه إلا مرة واحدة كل 6 أشهر، معبرا عن السخط الكبير الذي ينتاب أهالي القرى جراء جحم المعاناة المتزايدة.
وأكد الجبور لصحيفة "فلسطين" أن بعض الأهالي لا تصل المياه لصنابير المياه الخاصة في بيوتهم إلا عبر شراء المياه الخاصة بتكلفة مالية عالية تصل إلى 500- 800 شيقل لـ20 كوبا.
ولفت إلى مأساة كبيرة يعيشها سكان جنوب الخليل، فيما الأكثر شعورا بالمعاناة وأزمة نقص المياه أهالي مدينة يطا والمسافر، مشيرا إلى أن الاحتلال هو من يتحكم بتلك المياه ويوصلها بشكل يومي إلى التجمعات الاستيطانية.
ومحافظة الخليل تعد الأكبر من حيث المساحة وعدد السكان على مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة، ويسكنها أكثر من 700 ألف فلسطيني يعيشون في 96 تجمّعًا، فيما يبلغ عدد المستوطنات الإسرائيلية القائمة على أراضيها 30 مستوطنة، و25 بؤرة استيطانية ومستوطنات صناعية.
ويعيش في تلك التجمعات قرابة 20 ألف مستوطن، يبني الاحتلال لهم جدار الفصل العنصري الذي يمتد بطول 89 كيلومترًا ضمن محافظة الخليل، حيث تم إنجاز نحو 62% منه، وما زال هناك أجزاء منه قيد الإنشاء أو مخطط لها.
انسحاب الممولين
وحول مشاريع المياه التي تنفذ ميدانيا في يطا وبعض قرى ومدن جنوب الخليل، أكد الجبور وهو منسّق لجان مقاومة الجدار والاستيطان فيها، أنها لم تر النور بفعل انسحاب الممولين رغم حفر الشوارع وتركيب أنابيب المياه التي لم تجرِ فيها.
وقال إن المستوطنات وسلطة المياه التابعة للاحتلال هي المسؤولة عن فتح وإغلاق المحابس المغذية للمناطق الفلسطينية بالمياه، فيما تذهب للمستوطنات بشكل يومي، مشيرا إلى وجود سرقات للمياه يضاعف فاقد المياه في المناطق الفلسطينية، خاصة محيط مستوطنة "كريات أربع".
وحول دور سلطة المياه الفلسطينية في حل الأزمة، أوضح الجبور أن إيجاد ممولين جدد لها ضاعف الأزمة، خاصة في ظل تقصيرها المتزامن مع جائحة كورونا، وتحول ميزانيتها لصالح قطاعي الصحة والأمن.
وذكر أن الحلول المؤقتة التي يلجأ إليها المواطنون مكلفة جدا لهم، وترهقهم ماليا في ظل ضعف الدخل اليومي للمواطن في الضفة الغربية.
ووجه الجبور دعوته للسلطة الفلسطينية لإطلاق العنان لإعادة المشاريع والبدء فيها رغم كورونا "التي أصبحت شيئا طبيعيا"، والعمل يجب أن يتم بدعم المناطق التي تفتقر للمياه، حتى يشعر المواطن بالراحة والأمان.
أما المواطن خليل محاريب، الذي يقطن بلدة السموع، ذكر أن المياه تصل إلى أحياء البلدة مرة واحدة لكل حي شهريا، مؤكدا أن من لا يملك خزانات لتخزين المياه يعاني بشكل كبير في توفيرها.
وقال محاريب لـ"فلسطين" إن لديه بئر مياه يقوم بتخزين المياه فيه في اليوم الأول من كل شهر، مشيرا إلى أن عدد سكان بلدة السموع 30 ألف نسمة وأن المياه لا تصل يوميا لهم، ما يضاعف معاناتهم.
وعود بالحل
من جهته، أكد رئيس سلطة المياه مازن غنيم أن الطواقم تتابع عن كثب قضية نقص المياه التي تشهدها مناطق جنوب محافظة الخليل، والكميات الواصلة للمحافظة وجدول التوزيع الذي يضمن وصول المياه إلى الأحياء المختلفة بعدالة.
وقال غنيم في بيان صحفي، أمس، إنه أوعز لطواقم سلطة المياه بحث وترتيب آلية توزيع المياه مع رؤساء أقسام المياه لبلدية الظاهرية ودورا وريف دورا، للاتفاق على آلية توزيع ميدانيا، لضمان وصول خدمة المياه للجميع وبعدالة.
وأشار إلى أن مناطق الجنوب التي تشهد في فصل الصيف نقصا في كميات المياه تعاني من مشاكل في السرقات والتعديات التي تتسبب بفقدان كميات كبيرة من المياه، وحرمان أهالي هذه المناطق من حصولهم على حصتهم كاملة.
وشدد على ضرورة أن تأخذ الهيئات والمجالس دورها في الحد من هذه التصرفات غير المسؤولة، ومحاسبة المسؤولين عن ذلك.
وبين غنيم أن العمل جار بالمثل في المناطق التي تعاني من نقص المياه في مختلف المحافظات، حيث يزداد الطلب على المياه، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية بسبب انتشار فيروس "كورونا"، وعلى رأسها مواجهة تحديات سيطرة وتحكم الاحتلال في مصادرنا المائية، "فحاليا هناك قطع وتذبذب في كميات ضخ المياه من المصادر الرئيسة".