انطلق موسى عليه السلام في رحلة البحث عن العلم وصاحَبه فتاهُ (يوشع بن نون) حتى بلغا مجمع البحرين فوجدا عبدًا من عباد الله آتاه الله علمًا، وهناك تغير الحال وأصبح موسى تابعًا للعالِم بعد أن كان متبوعًا..
لم يستكبر القائد أن يصبح جنديًا في حضرة صاحب العلم، بل قبِل أن يكون تابعًا له في رحلة المعرفة طالما أنه سيبحر في عالم جديد يجهل دروبه، وهو حال الشبكات الاجتماعية في عصرنا الرقمي، في لحظة أنت صاحب حساب ولديك شبكة واسعة من المتابعين والمهتمين، ثم في ذات اللحظة أنت تابع لآخرين وجزء من شبكاتهم، ومعيار انتقالك من تابع لمتابَع هو المعلومة.
المعرفة وحدها هي التي تأتيك بالمتابعين، لأن المحتوى هو الملك، والعلم هو الذي يجعل المتابِع يبحث عن حسابك ولسان حاله: "هل أتبعك على أن تعلمني مما عُلمت رشدًا؟"، وطالما أنك لست خبيرًا في متاهات هذا العالم فكل ما تحتاجه هو أن تكون صابرًا.
يقول الشافعي: ومن لم يذق ذل التعلم ساعةً تجرع ذل الجهل طول حياته
لذا لن يستنكف الكهل أن يكون متابعًا لحساب شاب في عمر أبنائه على انستجرام سبقه بآلاف المتابعين ومئات المنشورات، ولن يتكبر المدير على التعليق على منشور أحد موظفيه على فيسبوك يطرح فكرة إدارية نابغة، ولن يتوانى المسئول أن يسمع آراء الناس ويقرأ وجهات نظرهم ويشاهد أعاجيب أفعالهم، ثم يرد على طلباتهم.
هذا هو مفهوم تبادل الأدوار بين البشر، انتقال مبني على العلم والمعرفة، وهو معيار التفاضل بين الناس من لدن آدم عليه السلام، ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرًا.