تشهد الحلبة السياسية الإسرائيلية حالة من الصراعات والخلافات بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الجيش بيني غانتس، على خلفية إقرار الميزانية لدولة الاحتلال واتهامات الأخير لنتنياهو بعدم قدرته على إدارة الأزمة الحالية خاصة في ظل تفشي "كورونا".
ويطالب نتنياهو (زعيم حزب الليكود) بإقرار ميزانية لعام واحد، في حين يطالب غانتس زعيم حزب "أزرق أبيض" إقرارها لعامين، وهو ما يؤجج الخلافات بين الطرفين، وقد يدفع باتجاه سيناريوهات جديدة خاصة مع اقتراب انتهاء مهلة إقرار الميزانية التي تصادف 25 آب/ أغسطس الجاري.
وفي حال تعذر التوصل إلى تفاهم بين أقطاب الائتلاف الحكومي، وطرح الميزانية للتصديق عليها في الكنيست، فإن ذلك يعني التوجه إلى انتخابات برلمانية جديدة.
وتقول وسائل إعلام إسرائيلية، إن غانتس يصر على إقرار ميزانية لعامين، لكونه لا يثق بنتنياهو، ويخشى أن "يغدر" به، ولا ينفذ الاتفاق الذي أبرماه، وينص على التناوب في رئاسة الحكومة.
وتأتي خلافات إقرار الميزانية، في الوقت الذي تواجه (إسرائيل) ارتفاعًا كبيرًا في أعداد المصابين بفيروس كورونا منذ يونيو/ حزيران الماضي، تسبب أيضًا بتراجعها اقتصاديًا.
وإزاء هذه المتغيرات في الساحة السياسية الإسرائيلية، واشتداد وطأة الخلافات بين الطرفين، يبرز السؤال الأهم حول السيناريوهات المتوقعة التي قد تحدث في دولة الاحتلال خلال الفترة القادمة.
ورأى الخبير في الشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، أن الخلاف كبير بين نتنياهو وغانتس حول الميزانية العامة في الوقت الحالي، ولم يتوصلا إلى حل حتى اللحظة.
وأوضح شلحت خلال اتصال هاتفي مع "فلسطين"، أن القانون الإسرائيلي ينص على حل "الكنيست" تلقائيًا حال عدم الاتفاق على الميزانية في 25 أغسطس، بالتالي يتم الذهاب لإجراء انتخابات رابعة.
وبحسب قوله، فإن الأنظار تتجه إلى هذا التاريخ، بحيث سيتفق الطرفان على حل المشكلة وإقرار الميزانية وفق الاتفاق، أم أن (إسرائيل) ستكون على أبواب انتخابات رابعة خلال أقل من سنة.
واستبعد شلحت، الذهاب لانتخابات رابعة في الوقت الراهن، بل سيذهب الطرفان لحل الخلاف واستمرار أداء الحكومة الحالية.
رفض التناوب
ورأى شلحت، أن إصرار نتنياهو على سن ميزانية لسنة واحدة يأتي في إطار عدم رغبته تطبيق اتفاق التناوب مع غانتس، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يضمن الذهاب لانتخابات رابعة دون التناوب.
وبيّن أن التقديرات الإسرائيلية تُشير إلى أن نتنياهو أبرم اتفاقًا مع غانتس لضمان البقاء على رئاسة الحكومة وعدم رغبته بتسليهما لغانتس حتى يتمكن من مواجهة محاكمته بشبهات الفساد التي تلاحقه.
وأوضح أن نتنياهو يسعى للتهرب من المحاكمة على قضايا الفساد التي تلاحقه بالاستناد إلى أمرين الأول بدء محاكمته وهو على رأس عمله في الحكومة، لتشكيل ضغط على المحكمة وحماية نفسه.
أما الأمر الثاني وفق شلحت، هو محاولته لتأجيل المحاكمة إلى ما لا نهاية حتى لا تصل لقرار حاسم بإدانته من خلال الضغط على المستشار القانوني وجهاز القضاء.
وهذا ما ذهب إليه المختص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي، حيث رأى أن كل الانتقادات والخلافات التي تجري في الوقت الحالية "شكلية"، مشيرًا إلى أن القضية الجوهرية لدى نتنياهو هي كيفية التخلص من المحاسبة على شبهات الفساد.
وأوضح مجلي في حديثه لـ"فلسطين"، أن نتنياهو يخشى أن يكون مصيره السجن، خاصة بعد الحديث عن تشكيل لجنة للتحقيق بدوره حول مشاركته في قضية الغواصات التي تُعد أكبر قضية فساد في (إسرائيل).
وقال: "رغم رغبة نتنياهو القوية سابقًا بالذهاب لانتخابات رابعة إلا أنه لم يعد متحمسًا لإجرائها بسبب تراجع شعبيته نتيجة فشله في التعامل مع وباء "كورونا" وخروج مظاهرات تطالبه بالاستقالة".
وأكد أن نتنياهو يمر في أزمة لا يعرف كيف يخرج منها، لذلك يبذل كل ما بوسعه للخروج من هذا المأزق حتى لو بشن حرب، في سبيل عدم زجه في السجن.
وأشار مجلي، إلى أن نتنياهو يسعى لسن قانونٍ شبيه بالقانون الإسرائيلي الذي ينص على "أنه لا يجوز لمحكمة أن تحاكم رئيس حكومة ما دام أنه يؤدي مهامه".
وبيّن أن سيناريو إجراء انتخابات رابعة "وارد" لكن لا أحد يُفضله خاصة نتنياهو بعد الحديث عن هبوط شعبيته في الآونة الأخيرة.
وكانت صحيفة معاريف الإسرائيلية نشرت مقالًا قبل عدة أيام، تساءلت فيه: "هل سيؤدي الخلاف داخل الحكومة حول الميزانية إلى دفع (إسرائيل) إلى صناديق الاقتراع في مثل هذا الوقت الصعب، إذا لم يتم اقرار الميزانية بحلول الخامس والعشرين من أغسطس".
لكنّ وزير المالية في حكومة الاحتلال يسرائيل كاتس (من حزب الليكود) قال، الاثنين الماضي، إن إعداد ميزانية لعامين سيتطلب عدة أشهر.
وكانت ثلاث جولات انتخابية عامة قد جرت في (إسرائيل) منذ إبريل/نيسان 2019 آخرها في شهر مارس/آذار الماضي.