الثالث والعشرون من مارس/ أذار 2017م، سجل جديد يكتسي بلون الدماء، ويدون بصفحة جديدة ضمن مسلسل جرائم الاحتلال الإسرائيلي البشعة ضد الأطفال والفتيان الفلسطينيين العزل.
في ذات اليوم، وأمام أحد أبراج الاحتلال المقامة على مقربة من مدخل مخيم الجلزون شمال رام الله، تعرض الفتى جاسم نخلة( 17 ) عاماً ورفاقه الثلاثة الذين كانوا يستقلون مركبة لإطلاق نار من تلك الأبراج.
كانت تلك الرصاصات كفيلة باختراق المركبة من اتجاهات مختلفة وكذلك أجساد هؤلاء الفتية الصغار، أدت إلى استشهاد الفتى محمد محمود حطاب (17عاما) على الفور، وإصابة ثلاثة، أخطرهم إصابة جاسم بالرأس والصدر والقدمين، فيما نجا سائق المركبة، وذلك بزعم إلقائهم زجاجات حارقة تجاه البرج.
بعد ذلك نقل جاسم إلى قسم العناية المركزة بإحدى مستشفيات رام الله، فيكمل والده محمد نخلة الحديث لصحيفة " فلسطين "، بأن نجله بعد أربعة أيام من مكوثه بالمستشفى برام الله، استجاب للطبيب الذي كان يتابع حالته الصحية الحرجة وبدأ بالتحسن، بتحريك يده و قدمه وفتح عينه.
وهكذا بدأت العائلة رحلة صعبة استغرقت مدة ثلاثة أسابيع بين صعوبة أوضاع المستشفيات الفلسطينية، وامتناع جيش الاحتلال عن تحويل جاسم إلى المستشفيات الإسرائيلية.
طلب الطبيب الفلسطيني من والد الشهيد الإسراع في إجراءات التحويل، والضغط بما يمكن لإنقاذ حياة جاسم، مواصلا: " إصابة نجلي كانت خطرة، لأنه تعرض لإطلاق ناري كثيف أدى لاختراق خمس رصاصات لجسده من مناطق الرأس والصدر والقدم ".
لكن تلك الرصاصات أيضا، والكلام يبقى لوالد جاسم، سببت فشلا والتهاباً بالرئة لنجله، ومع مماطلة جيش الاحتلال المتواصلة في تحويله، وافقت مستشفى " إيخلوف " الإسرائيلي على استقباله بعد مكوثه أربعة أيام في قسم العناية المكثفة بالمستشفى الفلسطيني برام الله.
بنبرة صوت ممزوجة بالحسرة، يواصل والده: " رغم صعوبة وضعه الصحي، وطول المسافة التي قطعناها إلى مستشفى " إيخلوف "- حيث إن الإسعافات الفلسطينية ليست بالمواصفات المطلوبة لنقل الحالات الخطرة لمسافات طويلة- إلا أننا تفاجأنا لحظة وصولنا وفي أول يوم لنجلي بالمستشفى برفضهم استكمال علاجه ".
وبعد برهة من الوقت أضاف قائلا: " تفاجأنا أن المستشفى الإسرائيلي رفض طلب علاجه بناءً على توجيهات وتعليمات مباشرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي (..) عانينا كثيرا في محاولتنا انقاذ حياته فجيش الاحتلال كان يقف عائقاً أمام ذلك ".
ومع زيادة حالة الفتى الصغير تردياً ، استطاعت العائلة تحويله إلى مستشفى " هداسا " لدى الاحتلال، فيقول والده: " مكثنا في هداسا خمسة أيام .. كنت لا أنام الليل لشدة قلقي على صحة ابني ".
لكن حالة جاسم الصحية وصلت إلى مرحلة متدهورة ، ليرتقي في العاشر من إبريل/ نيسان الجاري شهيدا متأثرا بإصابته السابقة ،علما أن ميلاد الشهيد في الثامن من ذات الشهر.
يقول الوالد:" كان جاسم طيب القلب، يطيعنا حتى أنني بمجرد ما أحدثه يبكي على الفور، ويحب الضحك والمزاح كثيرا ".
ويضيف: " أعمل في مجال " دهان جدران " بمستوطنة " بيت إئيل " شمال رام الله التي ادعى الاحتلال بأن نجلي ورفاقه ألقوا الحجارة تجاهها.
وهذه المستوطنة- كما يصفها نخلة-، محاطة بسور ضخم لا يمكن أن يؤثر إلقاء الحجارة عليها من الداخل، مؤكداً أن الفتية لم يشكلوا خطراً على جيش الاحتلال، وأن ما تم جريمة وإعدام بدم بارد، كان يمكن السيطرة عليها بطرق ووسائل مختلفة دون اللجوء إلى الإعدام وإطلاق النار.
ولم تكن هذه الإصابة الوحيدة التي تعرض لها جاسم في حياته، بل سبقتها إصابة بقدمه على أعتاب ذات المستوطنة أثناء عودته من المدرسة، وبنفس الذريعة " محاولة إلقاء حجارة ".