جاءت عمليات كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، بالتسلل خلف خطوط العدو خلال العدوان العسكري الموسع على غزة صيف 2014، لتربك حسابات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتجبره على تغيير خططه وتوجهاته العسكرية ضد القطاع الساحلي المكتظ سكانيًّا، كما يقول خبيران عسكريان.
ويؤكد الخبيران في حديثين منفصلين لـ"فلسطين"، أن العمليات التي تمكن خلالها القسام من اقتحام مواقع عسكرية متاخمة لقطاع غزة شرقًا وشمالًا، أثبتت صلابة المقاومة وقوة تدريب عناصرها، وارتفاع معنوياتها.
ونجحت القسام خلال العدوان الذي امتد 51 يومًا، في تنفيذ سلسلة عمليات تسلل خلف خطوط جيش الاحتلال، كان أولها اقتحام قوة من الكوماندوز البحري موقع "زيكيم" العسكري شمال قطاع غزة، وبعدها جاءت عملية "موقع صوفا" شرق رفح، ومن ثم عملية "موقع أبو مطيبق" شرق المحافظة الوسطى.
كما نفذت القسام عملية "موقع 16" شرق بيت حانون، ولاحقًا نفذت عملية "ناحل عوز" شرق الشجاعية التي صادف ذكراها أمس الثلاثاء.
وبحسب بيان للقسام، فإن تشكيلًا قتاليًّا من قوات النخبة تمكن من تنفيذ عملية إنزال خلف خطوط العدو، وهاجموا برجًا عسكريًا محصنًا تابعًا لكتيبة "ناحل عوز" بداخله عدد كبير من جنود العدو، وأجهزوا على جميع من فيه، كما حاولوا أسر أحد الجنود، ولكن ظروف الميدان لم تسمح بذلك، وقد أكد المقاومون أنهم تمكنوا من قتل 10 جنود، واغتنموا قطعة سلاح من نوع "Tavor".
وكانت القسام قد نشرت على موقعها الإلكتروني أمس، تفاصيل كاملة عن عملية "ناحل عوز" تحت عنوان "بكاميرا القسام HD.. الطريق إلى (بيل بوكس)"، ووثقت على صفحتها بالفيديو اقتحام عناصرها الموقع وإجهازهم على جنود الاحتلال المتمركزين بداخله قبل العودة إلى قواعدهم بسلام.
و قال خبير الشؤون العسكرية اللواء يوسف الشرقاوي: إن عمليات التسلل خلف خطوط العدو التي نفذتها كتائب القسام، تعد أحد أشكال سير يوميات المعركة بين فصائل المقاومة وجيش الاحتلال، وأيضًا تشكل قفزة في جوهر المقاومة من الدفاع للهجوم، وتدلل على تدريب جيد ومعنويات عالية لدى عناصر المقاومة، وتخطيط دقيق.
وأضاف: "عمليات خلف خطوط العدو، لا بد منها خلال المعركة، لأنها تشكل إرباكًا إستراتيجيًّا لقوات العدو المتمركزة أو التي تنوي دخول المعركة"، منبهًّا إلى أنها تربك حساباته وتجبره على تخيير خططه الهجومية.
ورأى الشرقاوي أن الاحتلال يحاول الالتفاف على غزة والمقاومة الفلسطينية التي تعد بالنسبة إليه هدفًا قريبًا، من خلال التركيز على هدف بعيد، في إشارة إلى الاهتمام الإسرائيلي الزائد بالملف الإيراني، مضيفًا: "أعتقد أن الاحتلال جمَّد الوضع حاليًا في غزة وجنوب لبنان وسوريا، وهدفه الآن تحطيم إيران".
من جهته قال الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية العميد رفيق أبو هاني: إن "عمليات التسلل خلف خطوط العدو تشكل حالة الاشتباك الطبيعية بين الاحتلال والمقاومة، وهي مشهد من مشاهد الإبداع الفلسطيني في المقاومة المسلحة المحاصرة من كل مكان".
وأضاف أبو هاني: "في العِلم العسكري، تشكل عمليات التسلل خلف الخطوط هذه معجزة من المقاومة المحاصَرة (...) لقد استطاعت التسلل وضرب قوات العدو من الخلف في مواقع محصنة جدًا وفي ظل منظومة أمنية متكاملة لدى العدو الصهيوني".
وأكمل: "ظن العدو أنه عندما يحاصر قطاع غزة ويضربه برًا وبحرًا وجوًا من خلال تشكيلات عسكرية متكاملة الأركان، أنه سيهزم الشعب الفلسطيني، لكن المقاومة كانت له بالمرصاد بعقيدتها القتالية التي تمترست عليها المقاومة وحققت نجاحًا باهرًا".
وأكمل: إن عمليات خلف خطوط العدو مثلت معركة المقاومة الفلسطينية ومشهد الصراع والاشتباك مع الاحتلال، وإرباك جيش الاحتلال ومفاجأته في أكثر من محور ومكان.
وتابع: "المقاومة الفلسطينية بتخطيطها وإرادتها القتالية استطاعت الوصول إلى زيكيم وناحال عوز، وغيرها من المواقع العسكرية لجيش الاحتلال (...) استطاعت المقاومة أن تمرغ أنف الجندي الإسرائيلي الذي يصوره جيشه للعالم أنه (سوبر مان)، ونجحت المقاومة في تقزيمه ووضعه في مكانه الصحيح".