أطلقت قوى الأمن الفلسطيني النار تجاه أمين سر حركة (فتح) عماد دويكات وتسببت بإصابة آخرين في منطقة حي بلاطة، وبحسب الرواية التي أفصح عنها شهود العيان، فإن الحدث جاء على خلفية رغبة الأجهزة الأمنية بإغلاق محل تجاري، وقد تم إصابة دويكات أثناء محاولة اعتقال صاحب المحل، وقد كان دويكات قد سمح وبحكم موقعه الحركي لبعض المحال التجارية بفتح محالهم لمدة ساعتين لتمكين المواطنين من التبضع، الأمر الذي لم يرق للأجهزة الامنية فقامت باستخدام القوة المميتة من خلال فتح النار على المتواجدين فور حدوث مشادة كلامية، لتستهدف وبرصاصة غادرة أحد مناضلي حركة فتح والذي فارق الحياة متأثرا بإصابته، صورة مفجعة يرسمها سلاح الأمن الفلسطيني في الضفة الغربية.
لينضم المغدور إلى قوائم طويلة ممن أزهقت أرواحهم غدرا في حالات مشابهة، وتحت ذرائع ومبررات مختلفة يسقط ضحايا جدد، لكن هذه المرة يجب أن تقف السلطة الفلسطينية وحركة فتح مع نفسها وتراجع حساباتها، فالحدث وإن كان حلقة ضمن مسلسل القتل بدم بارد تمارسه هذه الأجهزة، إلا أنه يعكس مدى الانحراف الوطني الذي أصاب هذه المنظومة، ويعطي قراءة لحالة الفوضى التي تعيشها الضفة الغربية، لطالما تحدث الجميع عن سطوة الأجهزة الأمنية وحالة القمع والإذلال التي تمارسها بحق المواطنين، والعربدة ضد أي عمل نقابي أو احتجاجي سلمي، فضلا عن العمل المقاوم، فهذه البنادق أصبحت محشوة كراهية، ومعبأة حقدًا على أبناء شعبنا، وفي مفارقة عجيبة لدور الاجهزة في الضفة فإنها تراعي ضبط النفس، وتتحلى بأعلى درجات الانضباط أمام العدوان المستمر على شعبنا والتي تمارسه القوات الاسرائيلية الاحتلالية، وفي ذات الوقت تتسلط على شعبنا لممارسة دور بطولي وهي تغتال الشباب الفلسطيني لفرض سيادة زائفة داستها أرتال الدبابات الاسرائيلية.
وفي المحصلة كل من يناهض سلوك الأجهزة ويعترض على دورها، وسلوكها تجاه الكل الوطني، يتم شيطنته واتهامه، لكن ما الحل؟ هل المطلوب الرضوخ لهذا الواقع وتبرير الجرائم وحالة القمع؟! فالسلاح لم يكن يستهدف فئة إجرامية بل يستهدف شعبنا وكل من يرفع صوته من الأحرار في مواجهة سياسات السلطة، فالمراهنات على تغيير الوضع القائم من خلال معالجات وتحقيقات تجريها السلطة هي مغامرة لا تفضي لنتائج حقيقية، خصوصا وأن قرار الرئاسة بفتح تحقيق لتطويق الأحداث يأتي في سياق تهدئة روع المواطنين، وامتصاص الغضب المتنامي داخل صفوف حركة فتح، وتطويق الأحداث في ظل حالة الاحتجاج والتظاهر في الضفة، وتفويت الفرصة أمام أي محاولات وطنية لتغيير عقيدة هذه الاجهزة وتصويب أوضاعها لتتناسب مع توجهاتنا الوطنية.
فمع كل جريمة تُشكَّل لجان متعددة، وتتراكم التقارير، دون اطلاع الجهات الحقوقية أو حتى مشاركتها الفعلية، ويجري كل ذلك بعيدا عن الاعلام، فإنه من غير المسموح الاطلاع على سير التحقيقات، أو حتى معرفة تفاصيل القرارات التي أخذت، وفي النهاية يمر الحدث مرور الكرام بتحميل الضحايا جل المسؤولية، فلا أحد يريد تحمل مسؤولياته، بدءا من قيادة السلطة التي انفردت بالقرار الوطني، وصولًا للأجهزة الأمنية التي تعيث فساداً في محافظات الضفة، فهناك ممالك خاصة لا يصح محاسبتها، ولا يملك أحدًا مراجعتها، تعودوا على تدفيع المواطن الثمن دون أن يكون في حسبانهم انتظار المحاسبة، إن شئت فقل متنفذين داخل حركة فتح، أو متسلطين داخل السلطة، أو أصحاب الأيدي الطويلة، أو غير ذلك من المسميات السوداء في سجلات الفوضى.
اليوم الكل يقف مشدوهًا ويضع يده فوق رأسه بعد أن اغتال الفتحاوي فتحاويًا مثله بسلاح الشرعية التي شرعت لنفسها قتل الناس في وضح النهار لأتفه الاسباب، اليوم تسيل دماء مناضل فلسطيني بيد مقدرات فلسطينية ضحى الناس طويلًا لبنائها، كي ينعم في كنف حمايتها، ليتفاجأ بها وهي تصول وتجول لنشر الخوف والإرهاب ليس في وجه المستوطنين أو قوات الاحتلال، بل في وجه شعبنا الذي أصبح حائرًا بين بندقية فلسطينية غادرة، وبين احتلال إجرامي، فكلاهما يؤدي لذات النتيجة بكلِّ أسف، فمن يفلت من قبضة الاحتلال يقع في قبضة السلطة ومن يتعذر تصفيته من قبل العدو تغتاله أجهزة غير وطنية متوحشة بزي فلسطيني.
فيا كل المناضلين من أبناء فتح جرحكم اليوم عميق، والجريمة بشعة، والحساب يجب أن يكون متناسبا مع الفعل، فالضابط الصغير ليس المجرم وحده، بل من أعطى التعليمات، ليس ذلك فحسب بل من عبأ هؤلاء بهذه التوجيهات من قادة الاجهزة، صدقوني إن لم تتحركوا لتغيير الوضع القائم الذي تحاول هذه الأجهزة فرضه عليكم فستنالوا ذات المصير، واسترجعوا ذكرياتكم جيدا، فبعد أن كانت سجون ومعتقلات الأجهزة حصريا لأبناء حماس والجهاد امتدت أيضا ليكون في حجراتها أبناء الشعبية وحركة فتح، فماذا تنتظروا؟ وأنتم تعلمون كيف استهدفت الحركة ومورس الخداع على مناضليها حتى أصبحت بلا مخالب، ولو كانت قوية لما تجرأت الأجهزة على تصفية أحد أبرز كوادركم، لسنا شامتين فهذا دم فلسطيني إنما نريدكم أن تضعوا النقاط على الحروف، وترسخوا ميثاقًا واضحًا بحرمة سفك الدم الفلسطيني، وتعيدوا مجدكم وبنادقكم في وجه العدو الاسرائيلي، ليكون حصنًا لأهلنا في الضفة، ورادعًا لكل من يحاول المساس بشعبنا ومقاوميه، عودوا إلى عزكم وارفعوا البنادق عاليا في وجه العابثين والمارقين حتى يتوقف هذا المسلسل الدموي.