قائمة الموقع

إغلاق "نادي الأسير" مقراته.. واقع مأساوي لسياسة التجاهل الرسمي

2020-07-27T09:28:00+03:00

أكد مسؤولان فلسطينيان سابقان أن قرار إدارة نادي الأسير الفلسطيني إغلاق أغلب مقراته بالضفة الغربية بسبب الأزمة المالية التي يعانيها، جاء بسبب سياسة الاستهداف المتعمدة للنادي من جانب "متنفذين" في السلطة الفلسطينية برام الله بدأت منذ ثلاث سنوات.

ويرى المسؤولان أن هذا القرار يأتي ليضاف إلى سلسلة الاستهدافات التي طالت قضية الأسرى سواء بتحويل وزارة شؤون الأسرى إلى هيئة أو قطع رواتب عدد كبير من الأسرى والمحررين.

كان مجلس إدارة نادي الأسير قد قرر إغلاق جميع فروعه في المحافظات الشمالية باستثناء الفرع الرئيس في محافظة رام الله، وفرعه في قلقيلية بحكم أنها مملوكة للجمعية.

وأوضح نادي الأسير في بيان له مساء السبت، أن قراره جاء نتيجة الأزمة المالية المتواصلة التي تعصف بالجمعية، والناتجة عن وقف السلطة الفلسطينية الموازنة التشغيلية لها منذ عامين.

أمر معيب

وزير الأسرى السابق وصفي قبها، عدَّ إغلاق أغلب مقرات نادي الأسير "أمر جِدُّ معيب بحق السلطة الفلسطينية، حيث يُعد النادي تراثًا نضاليًا وكفاحيًا وجهاديًا في تاريخ الشعب الفلسطيني؛ لأنه أنشئ قبل قدوم السلطة أصلا، وقام بدور وطني مميز في متابعة شؤون الأسرى ورفع صوتهم عاليا ونقل معاناتهم لكل أنحاء العالم".

وقال لـ"فلسطين": "فكرة النادي ولدت من رحم المعاناة وداخل السجون وأقبية التحقيق وآلام القيد وبطش السجان ومعاناة السجن، حيث يقوم بدوره الوطني منذ مطلع الثمانينيات".

وأبدى أسفه أنه "بعد حوالي أكثر من 35 عامًا من المتابعة والعطاء، لا توفي السلطة بموازنة هذه المؤسسة النضالية الكفاحية التي هي ليست بالمبلغ الكبير (قرابة 75 ألف شيقل)".

وأعرب قبها عن اعتقاده بأن "ما جرى مع نادي الأسير يأتي في إطار حلقات التآمر على النضال الفلسطيني والأسرى الفلسطينيين، حيث بدأت بخضوع السلطة لإملاءات الاحتلال وتحويل وزارة الأسرى لهيئة، ومن ثم غابت قضية الأسرى عن الاجتماعات الدورية لمجلس الوزراء؛ نظرًا لغياب الوزير".

وكانت حكومة رامي الحمد الله السابقة قد حولت في عام 2014 وزارة شؤون الأسرى لـ"هيئة" تتبع منظمة التحرير.

وتلت تلك الخطوة، بحسب ما يسرد قبها، "الخطوة الثانية للاحتلال، باحتجاز أموال المقاصة الفلسطينية بغرض اقتطاع رواتب الأسرى والجرحى والشهداء منها، ووقتها صرحت السلطة بأنها لن تتسلم قرشًا واحدًا ما دامت أموال المقاصة منقوصة مليمًا واحدًا، ولكنها بعد تسعة أشهر تسلمتها مجتزأة بحوالي ستين مليون شيقل، وهي مستحقات الأسرى والشهداء والجرحى".

وأشار إلى أن الخطوة الثالثة تمثلت في مايو الماضي بحق المصارف الفلسطينية، وإلزامها تسليم أموال الأسرى "للحاكم العسكري الإسرائيلي"، حيث خضعت لأوامر الاحتلال وضربت بعرض الحائط سياسات السلطة وسلطة النقد بالتعاطي الإيجابي مع قضايا الأسرى وأغلقت حساباتهم.

أما بخصوص نادي الأسير، فبيّن قبها أن استهدافه كان ممنهجًا، رغم أنه عندما قدِمَت السلطة لأرض الوطن وَفق اتفاق أوسلو لم تكن هناك أيّ مؤسسة تتابع الأسرى ومعاناتهم ومحاكمهم سوى هذا النادي، فاتفقت معه السلطة على تخصيص موازنات وتفريغ كادر إداري ووظيفي على قيود السلطة وعقود لـ"قرابة 32 محاميًا".

وقال: "تلا ذلك محاولات لإضعافه وتفريغه من دوره الوطني عبر إلغاء عقود المحامين، فأصبح النادي أمام معضلة بشأن كيفية متابعة قضايا الأسرى التي منها: الإهمال الطبي والمحاكم الإسرائيلية العسكرية ومحكمة العدل العليا وغيرها، رغم أنه كان للنادي الدور الأبرز في إعداد ملف لمحكمة الجنايات الدولية لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم".

وأرجع تاريخ محاربة النادي لثلاث سنوات خلت عندما وقف مع القائد مروان البرغوثي في إضرابه عن الطعام عام 2017م، متسائلًا: "لماذا لم تكُن قبلها هناك أزمة مالية؟ حيث تعرض النادي بعدها للملاحقة وقطع المخصصات والتنكر للاتفاق بين النادي والسلطة، بتوفير ميزانية محترمة للنادي لدوره النضالي والوطني".

وكان نادي الأسير قد تعرض لتوقيف ميزانيته في شهر يوليو من عام 2018 م، ما اضطره لتسريح عدد كبير من المحامين بنظام العقد على إثر خلافات بينه وبين قيادات من السلطة، بسبب دعمه لإضراب الأسرى الذي استمر أكثر من أربعين يومًا في أبريل- نيسان ومايو- أيار من 2017، وكان بزعامة القيادي في حركة فتح الأسير مروان البرغوثي.

وأضاف قبها: "الآن اضطر نادي الأسير لتسريح عدد كبير من موظفيه على دفعتين، خاصة من أصحاب العقود، وبقي في النادي مَن هم موظفون رسميون بالسلطة، اليوم تأتي المشكلة الجديدة، وهي عدم قدرة النادي على دفع إيجارات مقراته، لذلك اضطر النادي إلى إغلاق نحو ثمانية مقرات له".

وأعرب عن اعتقاده أن الحلقة القادمة في محاربة الأسرى ستكون بإغلاق هيئة شؤون الأسرى والمحررين؛ "لأن قيادات السلطة لا تريد أي مؤسسة تتابع قضايا الأسرى الذين يصنفهم الاحتلال  بالإرهابيين، ويوظف كل إمكاناته لمحاربتهم محليًا ودوليًا ومحاربة النضال الفلسطيني".

خطأ كبير

في حين عدَّ الرئيس السابق لهيئة شؤون الأسرى والمحررين، عيسى قراقع، أن إيصال النادي لمرحلة إغلاق مكاتبه خطأ كبير، قائلًا: "يفترض الاهتمام والعناية بمؤسسات الأسرى لا سيما في هذه الأوضاع، فالنادي جمعية تاريخية أعطت وقدمت، ولها دور مميز في متابعة شؤون الأسرى، فيجب إعادة النظر في إيصاله لمرحلة الأزمة وإغلاق المكاتب".

ووجه قراقع نداءً لأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لـ"فتح" ورئيس السلطة محمود عباس، بأن يساندوا هذه المؤسسات لا أن تُغلَق ويُجمَّد عملها، عازيًا السبب في ذلك "لتصرفات رعناء من بعض المتنفذين بالسلطة الذين بطشوا بنادي الأسير بطريقة غير محترمة منذ ثلاث سنوات رغم الحوارات والمناشدات والنداءات".

وقال: "كان يجب أن يوضع حد لتصرفاتهم، فهذه مؤسسة ملك للشعب الفلسطيني وليست ملك أشخاص يريدون الهيمنة والسيطرة عليها"، مضيفًا: "منذ تحويل الوزارة إلى هيئة وهناك حالة بلطجة من البعض في ممارساتهم تجاه قضية الأسرى أدت لهذه الأزمات على حساب قضية وطنية ومؤسسة وطنية مهمة".

وتابع قراقع: "هذا أمر مؤسف وكان يجب أن يوضع حد فوري وحازم لهذه التصرفات الغريبة عن أخلاقنا وتقاليدنا وعاداتنا، فما يحدث تصرفات شخصية ونوع من الهيمنة ليس أكثر، ورغبة في الاستعراض تسيطر على عقلية وسلوكيات بعض الأشخاص الذين اعتقدوا أن هذا البلد مزرعة لهم".

وشدد على أن "قضية الأسرى لا يمكن أن تكون ملك أحد ولا تحت مزاج شخص، فهي قضية وطنية وإستراتيجية وقضية الشعب الفلسطيني كله، لا يستطيع أحد أن يتجاهل معاناتهم وآلامهم".

اخبار ذات صلة