قائمة الموقع

مصنع أسفلت وزفت على بعد مئات الأمتار.. حياة أهالي بيرزيت في خطر!

2020-07-26T10:11:00+03:00
صورة جوية لمصنع الأسفلت

منذ 3 أشهر يصارع أهالي مدينة بيرزيت صناع القرار في الضفة الغربية، مع بدء العمل في إنشاء مصنع لـ"الأسفلت والزفت"، عقب نجاح مالكيه في الحصول على تراخيص رسمية لإنشائه على أراضي بلدة جفنا الواقعة على بُعد 1.5كم شرق بيرزيت، وعلى الطريق منها إلى عين سينيا.

ويشتكي المواطنون من إنشاء المصنع الذي واصل عمله رغم اعتراض أهالي البلدة والقرى المجاورة، واعتصموا مرات عديدة أمام المؤسسات الرسمية رفضًا لذلك وتأكيدًا لخطورته الصحية على أهالي البلدة.

والمصنع الذي سيقام على أراضي بيرزيت تعود ملكيته لشركة "هوت بلند" لصناعة الأسفلت والمواد الإنشائية، والذي يعد من "الصناعات الثقيلة"، وهو ما يخالف التصنيف الذي تصنف به البلدة بأنها "منطقة صناعات خفيفة وحرفية"، وقد حصل على موافقة من بلدية بيرزيت للبدء في إنشاء المصنع.

وارتبطت قضية المصنع بكيفية منحه التراخيص لإقامته في بلدة بيرزيت شمال رام الله، الذي تشتكي منه 3 قرى وبلدات مجاورة للمصنع وهي: جفنا وعين سينيا ودورا القرع، وطالب سكانها بوقفه ونقله إلى منطقة بعيدة "نظرًا لخطورته الصحية".

خلل في الموافقة

المدير العام للجنة السياسات العمالية في وزارة العمل، يوسف زغلول وأحد سكان القرى المجاورة للمصنع، أكد وجود خلل وسهولة في إعطاء الموافقة والتراخيص الرسمية الحكومية لمالكي المصنع لإقامته واستجلاب معداته إلى مقره الذي يقام حاليًّا في بيرزيت.

وقال زغلول في حديث لصحيفة "فلسطين": "في ظل استمرار عمل المصنع رغم قرار المحكمة العليا، يشير ذلك إلى وجود أصحاب مصالح ومتنفذين في صنع القرار على علاقة مع مالكي المصنع".

وأكد أهمية وضرورة احتجاج أهالي بيرزيت والقرى المجاورة لها، بحثًا عن مستقبل واضح لأبنائهم، قائلًا: "لا يمكن التهاون في مستقبل الوطن ومستقبل الأبناء أمام جشع رأس المال وأصحابه الذي لا حدود له".

أما الناشط ليث قسيس دعا رئيس الحكومة في رام الله محمد اشتيه، ووزير الحكم المحلي مجدي الصالح، الأمين العام لمجلس الوزراء أمجد غانم، للاستماع لأصوات ومناشدات أهالي بيرزيت والمنطقة.

وأضاف: "نطالب بالعمل على نقل مصنع الزفت من بين البيوت السكنية رأفة بنا وبأولادنا، وصحة أولادنا أهم من رأس المال".

وكان زغلول كتب على صفحته في موقع "فيس بوك": "أخبار غير مؤكدة تشير إلى تراجع بعض الجهات الرسمية عن معارضتها لإنشاء مصنع الأسفلت على أراضي بيرزيت لأسباب يتوقع أنَّ لها علاقة بشبهات فساد ورشوة، على الرغم من أنَّ الدراسة الموضوعية والمحايدة والمهنية لتقييم الأثر البيئي لجامعة بيرزيت (معهد الدراسات البيئية والمائية) و(معهد الصحة العامة والمجتمعية) أثبتت وجود المخاطر الحقيقية (الصحية والفزيائية والبيئية والمرورية) للمصنع".

حالة طوارئ

وعلى الرغم من الاحتجاجات التي توالت طيلة الأشهر الثلاثة الماضية بسبب أزمة "كورونا"، رصد الأهالي تحركات ميدانية لمالكي المصنع بدؤوا خلالها أعمال إنشاء المصنع، موثِّقين بالفيديو مرور شاحنات الباطون و"الزفت" إلى منطقة إنشاء المصنع، في مارس/ آذار الماضي، ما دفع أهالي المدينة والبلدة إلى الاحتجاج أمام بلدية بيرزيت ومؤسسات حكومية أخرى.

وعلى الرغم من حصول أهالي البلدة على قرار من المحكمة العليا في الضفة الغربية بوقف العمل في المصنع؛ فإنَّهم رصدوا أول من أمس، شاحنات تتوجه إلى مكان بناء وإنشاء المصنع، واصفين ما يقوم به مالكو المصنع بأنهم "ضربوا بقرار المحكمة العليا عرض الحائط".

وقالت الحملة الشعبية لنقل المنطقة الصناعية من بيرزيت ووقف "مصنع الزفت"، إنه "وعلى الرغم من صدور أمر من محكمة العدل العليا بوقف أعمال البناء والعمل في المصنع فإنَّ أصحاب المصنع يضربون بقرارات المحاكم وجميع المناشدات لإزالة مصنع الموت عرض الحائط".

وطالبت الحملة في رسائل لها، اطلعت عليها صحيفة "فلسطين" بلدية بيرزيت جهات الاختصاص بالوقوف أمام مسؤولياتها والتدخل فورًا لإخلاء أي معدات أُدخلت إلى الموقع وعدم التذرع بعدم المسؤولية".

وأكدت الحملة التي تشكلت من نخب وأكاديميين وأهالٍ ومرجعيات مجتمعية في مدينة بيرزيت، أن تقاعس البلدية عن التدخل وتبليغ الشرطة لفرض القانون، هو تواطؤ مفضوح، قائلة: "نحن بدورنا سنقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة على الأرض ومنع الحركة بمحيط المصنع وأيضا الاعتصام المفتوح أمام البلدية في حال عدم الاستجابة".

وفي خطوات تصعيدية، نظم الحراك حركة احتجاج ووقفات من أجل ضمان تنفيذ القانون ورفض التقاعس في تنفيذ القانون وقرارات المحاكم، ومن المقرر تنظيم سلسلة فعاليات أخرى.

وطالبت الحملة، الحريصين على سلامة الناس والسلم الأهلي والعقلاء في بيرزيت، بالتدخل الفوري لوقف "هذه المهزلة؛ لأنَّ عدم تنفيذ قرارات المحاكم هو اعتداء صارخ على المواطن، وحقوقه التي كفلها القانون"، وأوصوا رئيس الوزراء اشتية، ومدير جهاز الشرطة في الضفة الغربية اللواء حازم عطا الله، بسرعة التدخل وضمان سيادة وتنفيذ القانون.

دراسات علمية

وحول المصنع وسلبياته، هاتفت صحيفة فلسطين د. راشد الساعد مدير معهد الدراسات البيئية والمائية في جامعة بيرزيت، وأكد ما جاء في دراسته التي خلصت إلى أنَّ "مصانع الأسفلت من الصناعات الثقيلة يجب عدم إنشائها في مناطق مخصصة للصناعات الخفيفة كما هي الحال في المنطقة الصناعية في بيرزيت التي تصنف للصناعات الخفيفة والحرفية".

وقال راشد في دراسته العلمية التي شاركت فيها الباحثة في معهد الصحة العامة والمجتمعية في الجامعة ميساء نمر: "إنَّ إنشاء مصنع الأسفلت في بيرزيت يشكِّل خطورة على الصحة والبيئة".

وذكرت الدراسة أنَّ التعليمات الدولية أكدت ضرورة "توفير مسافة لمنطقة آمنة بين موقع المصنع والمناطق المأهولة بالسكان، وتختلف هذه المسافة حسب نوع الصناعة والمواد الكيميائية الناتجة عنها وسرعة ومدى انتشار انبعاثات الهواء الملوثة في الجو، حيث تتراوح ما بين 3-3.5 كم هوائي".

وأوضحت أنه تكونت لدى اللجنة مجموعة من الأدلة العلمية والموضوعية تدلل على جسامة الأضرار الصحية والبيئية التي ستنجم عن بناء مصنع الأسفلت في المكان الذي يُبنى حاليًّا بجميع أصولها من مناولة ونقل وإنتاج وتخزين والتخلص من آثارها السلبية المحتملة في الحيز البيئي المقترح للمشروع في بلدة بيرزيت.

وحذرت الدراسة من أن "مصنع الأسفلت يبعد 150 مترًا عن أقرب منزل يعيش فيه الناس في بيرزيت وجفنا، كما أنه يقع على بعد حوالي 1.5 كيلومتر من بلدية بيرزيت وحوالي 2.5 كيلومتر من حرم جامعة بيرزيت. إضافة إلى زيادة انبعاثات ملوثات الهواء وتراكمها في المنطقة بوجود المصنع وقربه لمصانع موجودة كمسلخ بلادي للدواجن، ومصنع للرخام والطوب والأسمنت الجاهز في أبعاد لا تزيد على 150 مترًا".

وفي تعقيب لسلطة جودة البيئة، اعتبرت أن تقرير جامعة بيرزيت "يفتقر للأسس العلمية ولا يعد سببًا كافيًا للتراجع عن الموافقة، وفق ما بينه المستشار القانوني للسلطة مراد المدني.

وقال المدني في تصريح صحفي له نشرته صفحة شركة "هوت بلند" على "فيس بوك": "في اللحظة التي تتولد لدى سلطة البيئة قناعة بأن هذا النشاط يؤثِّر في البيئة، فلن تترد في وقفه بموجب الصلاحيات القانونية التي منحها إياها القانون".

وأوضح المدني أن دراسة تقييم الأثر البيئي للمصنع مرّت على لجنة قانونية مختصة مؤلفة من 10 مؤسسات ووزارات، وأخذت قرارها ضمن شروط مقيدة صارمة، على أن يكون التصنيع مغلقًا وآليًّا، ويضمن عدم وجود انبعاثات ويلزم وجود نظام لمعالجة النفايات الصلبة وشروط أخرى تضمن سلامة الصحة والبيئة.

دراسة ميدانية واقعية

من جهته أكد المدير العام للجنة السياسات العمالية في وزارة العمل يوسف زغلول، في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن الدراسة التي أعدها معهد الدراسات البيئية والمائية في جامعة بيرزيت، وهي جهة محايدة، كانت دراسة علمية ميدانية واقعية، واختلفت عن الدراسة التي تقدم بها مالكو المصنع إلى الجهات الحكومية، والتي كانت لصالحهم وأصدر لهم بناءً عليها تراخيص الإنشاء.

وجدد زغلول تأكيده "وجود خلل في الموافقات وطريقة الموافقات التي حصل عليها أصحاب المصنع، الذين أعدوا دراسة كانت نتائجها لصالحهم".

وبعد قرار المحكمة الذي قرر إيقاف عمل المصنع، دعت الحملة إلى المشاركة في مسيرة سلمية بالسيارات أمام مركز شرطة بيرزيت أمس، للاعتراض على إغفال الأجهزة الأمنية والقوة التنفيذية قرار محكمة العدل العليا على الرغم من تسلمهم مراسلات رسمية من المحكمة والمحامي وبلدية بيرزيت والنائب العام، وفق الحملة.

وأكدت الحملة أن "المسيرة من أجل إيصال رسالة للحكومة والأجهزة الأمنية أنه بات واضحًا وجليًا تحكم رأس المال بالقرارات وأصحاب القرار وقدرة المتنفذين على مخالفة أعلى قرارات وأنظمة "الدولة" وعلى رأسها قرارات محكمة العدل العليا، ولنؤكد رفضنا تطبيق القانون على الضعفاء واستثناء المتنفذين من الأمر".

اخبار ذات صلة