قائمة الموقع

عمليات الولادة بغزة عزوف عن الطبيعية وإقبال على القيصرية.. هل يوجد ما يبرره؟

2020-07-25T09:05:00+03:00
فلسطين أون لاين

الصحة: ازدياد ملحوظ في إجراء عمليات الولادة القيصرية بنسبة 32%

الدحدوح: أسباب كثيرة تفرض على الطبيب إجراء العمليات القيصرية

2019 سجل 17 حالة "وفاة أمومة"، منها 10 حالات بسبب العمليات القيصرية

الكرد: نسبة القيصرية في "الشفاء" وصلت إلى 25% وفي المستشفيات الخاصة 21-22%

الخطيب: الولادة الطبيعية مهمة للأم وللجنين

 

على بوابة أحد المستشفيات الخاصة تستعد السيدة غدير محمد للدخول لإجراء عملية ولادة قيصرية لإنجاب طفلها الأول، اختيار صممت عليه على الرغم من نصائح الأطباء لها بضرورة الولادة الطبيعية، خاصة أنها لا تعاني أيَّ مشكلات صحية تدفعها للجوء للقيصري.

تقول غدير في حديث لـ"فلسطين": "منذ أن علمت أني حامل قررت أن ألد في عملية قيصرية، فأنا لا أفضل الولادة الطبيعية والإحساس بآلام الطلق الشديدة التي تصاحب الولادة وقبلها".

وأضافت غدير: "لماذا لا أتوجه إذًا لإجراء عملية قيصرية وأريح نفسي من هذا الوجع، خاصة أن حولي الكثير من السيدات اللواتي خضن تجربة العملية القيصرية دون أن تكون أي آثار جانبية، بل على العكس هن يشجعن أي سيدة أخرى على إجرائها".

وعلى الرغم من أن العمليات القيصرية وُجدت في الأساس لدواعٍ طبية هدفها الأساس إنقاذ الجنين والأم، فإن هذا لا ينفي وجود حالات تتجه للولادة القيصرية للتخلص من آلام الطلق وعدم الرغبة في خوض تجربة الولادة الطبيعية.

ففي إحصاءات صادرة عن وزارة الصحة في غزة، كشفت عن ازدياد ملحوظ في معدل إجراء عمليات الولادة القيصرية في القطاع بنسبة أعلى مما هو مسموح به عالميًّا ليصل إلى 32% من مجمل العمليات التي تُجرى.

المدير العام للمستشفيات في وزارة الصحة بقطاع غزة، د. عبد السلام صباح، بين أن النسب المسموح بها على المستوى العالمي لإجراء العمليات القيصرية تتراوح بين 17-20%، إلا أن هذه النسب ارتفعت في القطاع وفي العالم بأكمله، عازيًا الأمر إلى عدة أسباب تتعلق بالحمل نفسه، وبالمرأة الحامل وأسباب أخرى.

وقال صباح في حديث لـ"فلسطين": "إن الأمر لا يمكن أن يُقال عنه إنه يثير القلق، ولكن يجب تحليل أسبابه وأهمها طبيعة الحمل الذي يستدعي إجراء هذه العملية بسب صعوبة أو استحالة أن تتم الولادة بشكل طبيعي".

وأضاف مستكملًا الأسباب: "أن يكون "الحمل عزيزًا" وهذا المصطلح يوصف به الحمل الذي يحصل في ظروف استثنائية، كأن يأتي بعد أكثر من 10 سنوات، أو أن يكون ناتجًا عن عمليات تلقيح وزراعة أجنة، وغيرها من الأسباب التي يفضل الأطباء عدم المخاطرة بالحمل أو الأم، حيث تكون العمليات القيصرية مسيطرًا عليها أكثر من الولادة الطبيعية".

وأفاد صباح بأن من ضمن الأسباب رغبة المرأة الحامل نفسها بالولادة قيصريًّا بدلًا من خوض تجربة الولادة الطبيعية والإحساس بآلام المخاض التي قد تستمر لأكثر من 12 ساعة.

وذكر أن أحد الأسباب التي زادت من عمليات الولادة القيصرية هي المراكز والمؤسسات الطبية وبعض الأطباء الذين يفضلون العمليات القيصرية التي تتم في وقت قصير لا يزيد على الساعة بدلًا من الولادة الطبيعية التي تأخذ وقتًا طويلًا من زمن الطبيب وجهده.

من جانبها، لم يكن خيار السيدة ناريمان المغاري التوجه للعملية القيصرية منها، بل أتي لضرورة صحية وهي إنقاذ حياتها وحياة الجنين في أثناء عملية الولادة.

وقالت المغاري لـ"فلسطين": "أول ولادة لي كان يفترض أن تكون طبيعية ولكن تعبت كثيرًا وحصلت مضاعفات عند الجنين وصلت إلى ضعف نبضه وتحولت حالتي للخطر وتلقائيًّا حُوِّلت للولادة القيصرية بعد أن خضت آلام الطلق الطبيعي لساعات طويلة".

وأضافت: "لا أنكر، لقد تدمرت نفسيتي كثيرًا من جراء خوضي هذه التجربة، حيث شعرت بالوجع القاسي للطلق، لذلك عندما حملت مرة ثانية قررت منذ البداية أن تكون الولادة قيصرية في أحد المستشفيات الخاصة".

وأوضحت المغاري أن التعامل في المستشفيات الخاصة كان قمة في الاهتمام والرعاية إضافة إلى النظافة والاهتمام على الصعيد الشخصي، مؤكدة أنها ليست نادمة على تكرار تجربة الولادة القيصرية خاصة أنها كانت من اختيارها في المرة الثانية.

حالة المغاري تشبه الكثير من الحالات التي تخضع لإجراء العمليات القيصرية من أجل المحافظة على الحالة الصحية للجنين والأم، وهذا ما أكده استشاري أمراض النساء والتوليد في مجمع الشفاء الطبي، د. فتحي الدحدوح.

وقال الدحدوح في حديث لـ"فلسطين": "يفضل الأطباء أن تخوض المرأة الحامل تجربة الولادة الطبيعية رغم الألم الذي تمر به، ولكن هناك حالات تُحوَّل للولادة القيصرية في المرحلة الأخيرة بسبب تدهور حالة الأم أو الجنين أو كليهما، لذلك نجد في التوجه للعملية القيصرية أمرًا إجباريًّا في مثل هذه الحالات".

وأضاف: هناك أسباب كثيرة تُحدَّد العملية القيصرية لها منذ البداية، من أبرزها، ارتفاع حالات زراعة أطفال الأنابيب، وارتفاع حالات التحفيز أو منشطات التبويض؛ ما يزيد من عدد الأجنة، وتأخر سن الزواج عند الفتيات لأكثر من سن 32 عامًا، أو الزواج المبكر في بعض الحالات".

وأضاف: "ومن الأسباب أيضًا الوضع الاقتصادي المتردي الذي يؤثر في قدرة السيدة الحامل على المتابعة الدورية لحملها، وكذلك عدم إعطاء السيدات التثقيف الطبي والنفسي وشرح مضاعفات العمليات القيصرية على المرأة".

ونبه الدحدوح إلى أن من الأسباب الرئيسة للولادات القيصرية كذلك، ارتفاع عدد حالات الإجهاض المتكرر من مخلفات الحروب المتكررة وقصف القطاع بأسلحة محرمة دوليًّا غير معروف مدى تأثيرها في صحة الإنسان.

وأشار إلى أن منظمة الصحة العالمية تنصح دائمًا السيدة التي تخوص تجربة العملية القيصرية بعدم إنجاب أكثر من 3 أطفال حتى لا يتأثر جسمها سلبيًّا، مستدركًا: "إلا أن المجتمع الغزي لا يمكن أن يكتفي بثلاث أو حتى خمس عمليات قيصرية، لذلك تكون السيدة التي خاضت تجربة القيصري مضطرة لتكرار التجربة لما شاء الله من المرات التي يمكن أن تفوق العشر".

وفيما يخص بالتحذيرات العالمية، أعلنت منظمة الصحة العالمية عام 1985 أن معدل الولادة القيصرية يجب أن يتراوح من 5 إلى 15%، والنسبة فوق 15% تعد غير مبررة، إلا أنه بعد 30 عامًا اضطرت المنظمة لمراجعة النسبة بعد أن تخطت كل دول العالم نسبة الـ15%، وفى عام 2015 أعلنت أنه لا يوجد نسبة معينة، ولكن الأهم أن الولادة القيصرية تتم لمن تحتاج إليها فقط.

 

حالات الولادة

وعلى المستوى الحكومي ووزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، أكد استشاري أمراض النساء والتوليد في الوزارة د. عبد الرازق الكرد أن العمليات القيصرية تشكل عبئًا على وزارة الصحة والمستشفيات الحكومية، ولكنها تكون أفضل من ناحية توفير الوقت للطبيب والمستشفى.

وبين في حديث لـ"فلسطين" أن نسبة الخطر على حياة الأم من وراء العمليات القيصرية مرتفعة، حيث سجلنا العام الماضي 17 حالة "وفاة أمومة"، منها 10 حالات بسبب العمليات القيصرية، لذلك تصبح العمليات مؤشرًا عاليًا لوفيات الأمومة، مؤكدًا أنه كلما زاد عدد مرات العمليات القيصرية زادت الخطورة على الأم.

وأضاف الكرد: "نسبة العمليات القيصرية التي أجريت العام الماضي في مستشفى الشفاء وصلت إلى 25%، أما في المستشفيات الخاصة فوصلت إلى 21-22%، وهذه النسبة مقبولة على مستوى الشرق الأوسط".

ولفت الكرد إلى أن تحسن جودة العمليات القيصرية بسبب تقدم الطب والخبرة عند الأطباء، كما أنها أصبحت أكثر أمانًا من السابق، وكل هذا سهل من إجرائها وزاد من إقبال السيدات عليها.

من داخل مجمع الصحابة الخيري وهو مستشفى خاص موجود في القطاع بينت إحصائية حصلت عليها صحيفة "فلسطين" زيادة في عدد العمليات القيصرية خلال الأعوام العشرة الماضية.

وبلغ عدد العمليات القيصرية التي أجريت في عام 2010 في مجمع الصحابة، 34 عملية مقابل 1703 ولادة طبيعية، وفي عام 2015 ارتفعت العمليات القيصرية إلى 82 عملية وتراجعت الولادة الطبيعية في المستشفى إلى 1099 ولادة.

وبينت الإحصائية استمرار التوجه للعمليات القيصرية حيث وصلت في عام 2019 إلى 303 عملية، مع عودة الارتفاع في معدلات الولادة الطبيعية إلى 1518 ولادة.

طبيبة النساء والولادة في مستشفى الصحابة الطبي، د. ألفت الخطيب أكدت وجود حالات عديدة لسيدات حوامل يطلبن منذ بداية حملهن إخراج الطفل بواسطة الولادة القيصرية وأنها لا ترغب في خوض تجربة الولادة الطبيعية.

وقالت في حديث لـ"فلسطين": "نتعامل مع هذه الحالات بمراعاتنا حالتهن النفسية حيث يكون الخوف من الولادة الطبيعية بسبب سماع تجارب مخيفة لها، ونحاول دائمًا توضيح مدى أهمية الولادة الطبيعية وتأثيرها في المرأة الحامل والجنين، حيث إن التي تلد قيصريًّا قد تحرم نفسها وطفلها من احتضانه بمجرد الولادة والإحساس به، كما أنها لن تكون قادرة على إرضاعه بعد مدة قصيرة، وهو أمر في غاية الأهمية لتعزيز رابطة الأمومة بين الأم والطفل".

وبينت الخطيب أن بعض السيدات يستجبن لهذه النصائح ولكن بعضهن الآخر يصررن على الولادة قيصريًّا، غاضَّاتٍ الطرف عن أي أوجاع يمكن أن يصبن بها بعد ذلك من جراء العملية القيصرية.

ونبهت الخطيب إلى أن التطور الطبي في مجال التوليد مكن الأطباء من التغلب على كثير من المشكلات، حتى أن عميات الولادة يتم خياطتها تجميليًّا، كما تعطى المرأة بعد ولادتها الأدوية والمسكنات التي تجعلها لا تشعر بشيء من الآلام التي كانت تشعر بها السيدات في سنوات سابقة.

اخبار ذات صلة