على إثر الفشل في معالجة انتشار فيروس «كورونا« والخلافات التي تعصف داخل حزب «الليكود» وبين حليفه «كحول لفان«، ومظاهرات الاحتجاج في الشارع وما أعقبها من تداعيات قد تزيد من حدة واتساع هذه الاحتجاجات على خلفية الاعتقالات وقمع الشرطة المحتجين مما أثار سخط قطاع واسع من الإسرائيليين، خرج رئيس المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، بمبادرة لتشكيل حكومة طوارئ قومية تستثني رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وتصب اهتمامها على الأزمات الاقتصادية والصحية والاجتماعية، وتضع جانباً المواضيع الشخصية والسياسية مثل الضم وغيره.
وقال لبيد إن الحكومة نفسها تعرقل جهود الإدارة السليمة للحكم، «فرئيس الوزراء يضع الإفلات من محاكمته بتهمة الفساد فوق أي اعتبار، ووزراؤه يتخبطون في إدارة الأزمات، وبدلاً من البحث عن حلول؛ يعقدون الأمور أكثر وأكثر بخلافاتهم الشخصية، والشارع يلتهب غضباً جراء غياب الحلول وانعدام الأفق والقلق على مستقبل أولادهم، صحياً واقتصادياً وتعليمياً، ولا بد من هزة في الحكم تصحح الأوضاع وتحدث التغيير».
واتهم لبيد نتنياهو بـ» الفشل وفقدان السيطرة، وعليه أن يستقيل من رئاسة الحكومة في غضون 48 ساعة، ويتفرغ لشؤونه القضائية؛ إذ لا يجوز أن يدير دولة بهذه الأزمات وهو يمضي نصف نهار في المحكمة 3 مرات في الأسبوع، ويحتاج إلى 3 أيام أخرى للتحضير للمحكمة»، مضيفا أنه « إذا استقال، فإن الأوضاع ستهدأ ويجري العمل على تشكيل حكومة الطوارئ».
آخر ما كان يتوقّعه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، هو توجيه الانتقادات لإدارته على خلفية انتشار فيروس كورونا في (إسرائيل) بعدما كان يسوّق لأدائه في مواجهة الأزمة كإنجاز له في المرحلة السابقة، وهو ما يفتح الباب على التساؤلات والدعوات لاستقالة نتنياهو ودعوة لبيد إلى تشكيل حكومة طوارئ دون نتنياهو.
خلافاً للتوقعات، اندلعت الموجة الثانية من جائحة كورونا داخل (إسرائيل) في وقت مبكر بعدما كانت مُقدّرة في أيلول/ سبتمبر المقبل. مع ذلك، ينبع تفاقم المشكلة من كونها أتت أكثر من ضعفي الموجة الأولى، وقد حُمّلت المسؤولية لإدارة نتنياهو الذي يجد نفسه بين حدّين: إغلاق شامل أو جزئي، تتفاقم نتيجته الأزمة الاقتصادية، ويزداد بموجب ذلك الضغط على الإسرائيليين، أو الإبقاء على الأسواق مفتوحة مع تعليمات متشددة تمنع انتشار الفيروس. ان تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية لم تعد تقديراً يتصل بمآلات تطور الواقع، بل باتت أمراً واقعاً، والسؤال: إلى أي مدى سيصل تردي الوضع الاقتصادي وهذا التردي يساهم بارتفاع نسب البطالة لدى مئات آلاف العاملين، وارتفاع نسب العجز، وتراجع الناتج المحلي، بما ينعكس أثره في المجالات كافة.
هذه المستجدات أحدثت حالة من الرعب ساهمت في غليان الشارع الإسرائيلي وزادت من حالة الانتقاد لنتنياهو، مما ولد قناعه راسخة لدى الخبراء الاقتصاديين بأنه في حال عدم وجود حل جذري للجائحة، ستكون (إسرائيل) مقبلة على أزمة غير مسبوقة في تاريخها. خطورة المسألة عند نتنياهو هي أن الأزمة في نظر فئات واسعة من الرأي العام ليست نتيجة واقع مفروض فقط، بل بسبب سوء الإدارة التي يتحمل مسؤوليتها بنفسه.
وعلى هذه الخلفية، يمكن تسجيل هذه المرحلة على أنها قد تكون بداية تقويض مكانة نتنياهو الشعبية، بعد أكثر من عقد في رئاسة الحكومة، مع ما يرافق ذلك خلاف حاد حول الميزانية، وفي حال عدم التصديق عليها بحلول الخامس والعشرين من الشهر المقبل، ستؤدي إلى اعتبار ولاية الكنيست منتهية، ومن ثم يلزمون بإجراء انتخابات مبكرة أو الشروع في محادثات لتشكيل حكومة طوارئ بدون نتنياهو اذا تخلى الليكود عن رئيسه اذعانا لمطالبات المحتجين الاسرائيليين.