فلسطين أون لاين

من اللحظة.. ابدئي بتهيئة طفلك الذي سيدخل المدرسة هذا العام

...

غزة - فاطمة أبو حية

قد يكون التحاق الطفل بالصف الأول الابتدائي سببًا في سعادة الأب والأم، وهذا أمرٌ طبيعي، لكن السعادة يجب ألّا تأتي وحدها، بل يجب أن تسبقها المسؤولية في تهيئة الطفل لهذه المرحلة الجديدة في حياته، وذلك قبل أن يبدأ بها فعليًا، إذ لا بد من تهيئته نفسيًا ليقبل على المدرسة ويحبّها، لا أن ينفر منها، وكذلك تعليمه بعض ما سيحتاجه في الدراسة، ولأن الوقت المتبقي لبداية العام الدراسي القادم ليس طويلًا، فينبغي البدء بالتهيئة من الآن.

"فلسطين" أعدت التقرير التالي عن كيفية استثمار الشهرين القادمين.

لا مفرّ

تقول "نوال عبد الله", إنها لم تكن مهتمة كثيرًا بتدريس ابنها البكر في فترة الروضة، على اعتبار أنه ما يزال صغيرًا، وأنه سيتعلم كل شيء في المدرسة، وحرصت على أن تكون شهور الإجازة بين نهاية مرحلة الروضة وبداية الدراسة في الصف الأول الابتدائي فترة نقاهة وراحة قبل المدرسة.

وتضيف: "عندما التحق ابني بالمدرسة، فوجئت بأن منهاج الصف الأول ليس سهلًا كما ظننت، وأن تعليم الطفل بعض الأشياء كالحروف والأرقام قبل هذه المرحلة أمرٌ لا مفر منه ليتمكن من مجاراة المنهج، واضطررت لبذل مجهود مضاعف في تدريسه"، متابعة: "قررت التركيز في تعليم ابنتي الأصغر منه وعدم تكرار نفس الخطأ معها، وعندما دخلت الصف الأول كان الفارق واضحًا، فقدرتها على استيعاب ما تتعلمه أكبر من أخيها عندما كان بمثل عمرها".

تجربة مشابهة مرّت بها "حنان شاهين" مع إحدى بناتها، إذ تقول: "اعتدت أن أكثف تدريس بناتي قبيل التحاقهن بالصف الأول الابتدائي، وذلك ليدخلن المدرسة وهن يملكن من المعلومات ما يتناسب مع أعمارهن وما يكفي لفهم المناهج المقررة، لكن مرضي في الأشهر التي سبقت التحاق ابنتي الرابعة بالمدرسة حال دون التعامل معها بالأسلوب ذاته".

وتضيف: "تأثير عدم تدريس ابنتي قبل المدرسة كان واضحا فيما يتعلق بالفرق بينها وبين شقيقاتها في الدراسة، فمستواها كان أقل منهن، وكان يتعين عليّ العمل بشكل مكثّف لتدارك ما حدث".

الوقت كافٍ

وتقول الأخصائية التربوية سالي ياغي لـ"فلسطين", إنه بإمكان الآباء والأمهات البدء من الآن بتهيئة أبنائهم المقبلين على الالتحاق بالمدرسة لهذه المرحلة الجديدة بالنسبة لهم، وأن الوقت المتبقي حتى بداية العام الدراسي كافٍ لفعل ذلك.

وتضيف: "كل ولي أمر قادر على تقييم ابنه، وتحديد مستوى ذكائه وقدرته على التفاعل مع الناس، ومعرفة ما إذا كان نموّه طبيعيا أم لا، خاصة إذا لم يكن الابن الأول، وبذلك يمكن معرفة إمكانيات الطفل وهل بإمكانه الالتحاق بالصف الأول، أم أن مستواه أقل من أقرانه بما يستوجب تدخلا ما، وبناءً على مستوى الطفل يمكن للأهل أن يتدخلوا بتعليمه ما يتناسب مع قدراته واحتياجاته قبل الالتحاق بالمدرسة، وهذا التدخل يجب أن يشمل الجانب التعليمي والجانب النفسي".

وتتابع: "فيما يتعلق بالجانب التعليمي، فإن كل الخيارات متاحة للأهل في تعليم الطفل، ومن ذلك حفظ الحروف والأرقام والألوان وأسماء الحيوانات، وتعلم إمساك القلم للكتابة"، مواصلة: "يجب أن يتم ذلك من خلال وسائل محببة للطفل، وضمن إطار اللعب، وليس بطريقة تعليمية جامدة حتى لا ينفر من المدرسة قبل دخولها".

وتوضح أن من وسائل التعليم الممكن استخدامها في هذه الفترة الألوان والرسومات والصلصال والمكعبات، واستخدام حواس الطفل ليكون وصول المعلومة له وترسيخها في عقله أسهل، بحيث يرسم ويشكّل ما يتعلمه بنفسه، ويمسكه بيده، فتكون الحروف والأرقام وغيرها أشياء ملموسة بالنسبة له، وتجذبه للتفاعل معها، مؤكدة أن التعليم بهذه الطريقة يساعد في النمو الجسدي أيضا، فمثلا إمساك القلم يقوي عضلات اليد.

بالترغيب لا بالتهديد

أما بالنسبة للجانب النفسي من الاستعداد للمدرسة، فتوضح ياغي أنه مهم جدًّا ليدخل الطفل المدرسة وهو مقبل عليها ومحب لها، مبيّنة أن تتم "التهيئة النفسية الصحيحة بتعريف الطفل بإيجابيات المرحلة الجديدة التي هو مقبل عليها، وإشعاره بأن التحاقه بالمدرسة دليل على أنه أكبر من قبل، وإشعاره بالمسؤولية التي سيتحملها كخروجه للمدرسة وحده، وحصوله على المصروف اليومي ليتصرف كما يريد، وأنه سيكون قادرًا على القراءة والكتابة، وأن هذه المرحلة هي بداية الحصول على درجات عليا ودراسة التخصص الذي يريده عندما يكبر، وكذلك إغراؤه بالخصوصية التي سيتمتع بها مثل حقيبته الخاصة ودفاتره وأقلامه وأدواته".

وتشير إلى أنه يتعين على البيئة المحيطة للطفل أن تستخدم أساليب الترغيب، وتعزيز الأفكار الإيجابية عن المدرسة، محذرة من أساليب التخويف والتهديد الذي يتبعه بعض أولياء الأمور، كإشعار الطفل بأن المسؤوليات الدراسية ستكون ثقيلة عليه وأنه سيقضي وقتا طويلا بعيدا عن أسرته وسيكون مضطرا لحل الكثير من الواجبات.