ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة خطرة رافقت اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، حيث يعمل الحاخامات على تقديم شروحات عن "الهيكل" المزعوم قرب مبنى باب الرحمة وقبة الصخرة، وفي مناطق مختلفة من ساحات المسجد، وكأن مرافقه كنيس يهودي.
ويقول رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى د.عكرمة صبري: إن مقتحمي المسجد الأقصى تمادوا بدعمٍ من المؤسسة السياسية الإسرائيلية، فهم يحاولون تجسيد المظاهر التهويدية في ساحات الأقصى، وهذا ينذر بخطر شديد، فالجماعات المتطرفة لا تقف عند حد من الانتهاكات".
وأوضح أن جماعات المستوطنين يحشدون الطاقات من أجل تهويد المسجد الأقصى والدعوة لهدمه كما فعل المستوطن الحاقد الحاخام ايهودا اغليك، "وشاهدنا كيف يقوم حاخامات المستوطنين بتقديم دروس تلمودية في ساحات المسجد، فالاقتحام لم يعد مقتصرًا على التجوال، بل هناك فعاليات تلمودية من صلوات وتمرغ بالأرض وقراءة نصوص من التوراة وشروحات ودروس دينية ورفع شعارات حتى على كماماتهم".
وأضاف: "في كل يوم هناك سلوكيات جديدة في التهويد المتعمد بحراسة أمنية مشددة، في حين أنه لو قام مُرابط أو مرابطة بقراءة القرآن بصوت مرتفع لسارعت شرطة الاحتلال ومخابراته لاعتقاله وإبعاده وفرض غرامات مالية كبيرة عليه".
وذكر صبري أنه يُتعامل مع حراس الأقصى وموظفيه في حال اعتراضهم على سلوك المستوطنين المقتحمين بالاعتقال والإبعاد، "وهذا يؤكد أن ما يجري حرب معلنة على المصلين المسلمين، يقابلها دعم لا محدود للمستوطنين وحاخاماتهم الذين ينادون علانية بهدم المسجد الأقصى".
من جانبه يقول الخبير المقدسي د. جمال عمرو، إن فتوى الحاخامات تغيرت، ففي السابق كان محرمًا عليهم الصعود للمسجد الأقصى حتى يأتي المخلّص، أما اليوم فأصبحت فتواهم بوجوب الصعود للمسجد الأقصى وتطهيره حتى يأتي المخلّص.
وقال: "التغيير في الفتوى يعني أن المسجد الأقصى في مرحلة خطِرة من اقتحامات لها بُعد رسالي تلمودي خطِر"، مشيرًا إلى وجود (28) منظمة من جماعات الهيكل المزعوم تتنافس فيما بينها أيّها يقوم بتدنيس المسجد الأقصى ويهوده بالشكل المطلوب".
وأضاف عمرو: "أحد حاخامات جماعات الهيكل نقل مقر حاخاميته إلى الزاوية الجنوبية من مبنى الرحمة، وهناك يقوم بإعطاء الدروس التلمودية، وينتظره تلاميذه منذ ساعات الفجر الأولى ويتدفقون عند فتح باب المغاربة".
وعدّ الخبير المقدسي ما يجري في الأقصى أمر خطِر جدًا، حيث لم تعد الاقتحامات عملية سريعة، بل هناك مطالبات لتكون على مدار الساعة، وتخصيص أيام لا يدخل فيها المصلون إلى المسجد الأقصى.
وتابع: "منظمات جماعات الهيكل تدعو إلى إزالة المباني العربية حول المسجد الأقصى حتى تُقام الكنس بحرية ودون معوقات".
وبيّن عمرو أن الشروحات التي تُقدم للمستوطنين وأفراد منظمات الهيكل متنوعة، فهناك الشروحات الهندسية للهيكل وتفاصيل البناء والمرافق؛ لتُزرع هذه الفكرة الخرافية في عقول المستوطنين وتُترجم في المستقبل عمليًّا.
كذلك هناك شروحات من التوراة المحرّفة، وأخرى تحمل مواعظ تبشيرية خطِرة، تبشر بقرب موعد بناء الهيكل المزعوم، "وهذه من أخطر الدروس؛ فهي تجهز العقول والنفسيات من أجل تسريع وتيرة إقامة الهيكل، فالاحتلال يسعى للانقضاض على المسجد الأقصى من خلال الأعمال المادية، بإقامة الكنس والتلفريك وتهويد مقبرة باب الرحمة والحفريات أسفل المسجد الأقصى، وعلى الجانب الآخر تعمل منظمات الهيكل على تجييش يهود العالم من أجل هذه الفكرة".