بعد أن فرِح (71%) من طلبة الثانوية العامة في جميع الفروع الدراسية بنجاحهم، بدأ هاجس الدراسة الجامعية يراود الكثير منهم، في ظل أزمة مالية خانقة تضرب أطناب المجتمع الفلسطيني بفئاته كافة، والتي تزداد قسوتها في ظل انتشار جائحة "كورونا" في المجتمع الفلسطيني وعالميًّا.
ويحمل الطلبة ثقل تلك الأزمات على كاهلهم وكاهل ذويهم، لا سيما المتفوقون منهم، الذين ينتظرون على أحرِّ من الجمر منحًا دراسية تصعد بآمالهم وطموحاتهم بتخصصات علمية نوعية ومتنوعة.
وبعد أسبوع على إعلان النتائج لا يزال أمر المنح الفلسطينية مجهولًا، ازدادت في ظله تساؤلات الطلبة حول مصير المنح الدراسية الداخلية والخارجية التي يعلن عنها كل عام.
وتتنوع المنح الداخلية التي تطرحها وزارة التربية والتعليم العالي والهيئات والشركات الفلسطينية المحلية، إلا أنه لم يُعلن حتى اللحظة عن أي منها، لا سيما المنح التي تطرحها رئاسة السلطة أو مجلس الوزراء.
وحول تلك التفاصيل أوضح شادي الحلو المدير العام للمنح والخدمات الطلابية في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن الأزمة المالية التي تعيشها الحكومة الفلسطينية في رام الله ستنعكس على المنح الداخلية الممنوحة لطلبة الثانوية العامة سنويًّا.
وقال الحلو في حديث لصحيفة "فلسطين": "لا يوجد أي قرار بإلغاء أي منح داخلية حتى اللحظة"، مؤكدًا أنه سيُعلَن عنها لاحقًا، وسيكون الصرف مباشرًا للطلبة بعد الانتهاء من الأزمة المالية.
تفاصيل المنح
وتنقسم المنح الدراسية لطلبة الثانوية العامة إلى قسمين: خارجية، وداخلية، وتشمل الأخيرة منحة رئيس السلطة الفلسطينية لأوائل الثانوية العامة على مستوى الوطن، ومنحة مجلس الوزراء، ومنح الوزارة من الجامعات الفلسطينية، ومنح المؤسسات الوطنية.
أما المنح الخارجية فهي تلك التي تقدمها الدول الشقيقة والصديقة للسلطة الفلسطينية مثل: (المغرب، تونس، الجزائر، روسيا، الصين، ايطاليا، تركيا، سلوفاكيا، التشيك، اليونان، الباكستان، السعودية، اليمن، كوريا، قبرص، اليونان، رومانيا، اليابان، المجر، فنزويلا، كوبا...)، يُضاف إليها منحة المقاعد الدراسية، التي تقدِّمها المملكة الأردنية الهاشمية للطلبة الفلسطينيين سنويًّا.
ولم تُعلِن أيٍّ من تلك الدول -حتى اللحظة- عن أي منح للطلبة الفلسطينيين، باستثناء دولة كوبا للحصول على درجة البكالوريوس في الطب البشري لعام 2020-2021م، وفق ما أفاد الحلو لـ"فلسطين".
ورغم أن موقع الرئاسة الفلسطينية ووكالة الأنباء الفلسطينية التابعة للسلطة "وفا" لم يعلنا عن منح "رئاسة السلطة" للطلبة الأوائل، فإن الحلو أكد أن المنح ستوفَّر للطلبة، داعيًا إياهم للاحتفاظ بسندات التسجيل.
وأوضح الحلو أن منحة رئيس السلطة تُعطى للأوائل العشرة على فلسطين في الفرعين العلمي والأدبي، والأوائل الثلاثة في الفرع الصناعي والتجاري، والأول على كل فرع من الفروع المهنية الأخرى، والأول على كل مديرية في كل من الفرعين العلمي والأدبي.
وأشار إلى أن المنحة المقدَّمة إلى الطلبة المتفوقين تغطي الرسوم الدراسية كاملة طيلة سنوات الدراسة، بالإضافة لمبالغ مالية مقطوعة لهم، باستثناء الأول على كل مديرية، فيوفَّر له فقط المصاريف الدراسية، بشرط أن يزوِّد الطالبُ أو الجامعة الوزارةَ بجميع وثائق التسجيل فصليًّا.
وطالب مدير عام المنح والخدمات الطلابية جميع الطلبة المعنيين بالتسجيل في الجامعات الفلسطينية بضرورة استكمال إجراءات التسجيل، والاحتفاظ بإيصالات الدفع الرسمية الصادرة عن الجامعات، إلى حين الإعلان عن المنح الداخلية.
وأكد الحلو أن الإعلان عن تلك المنح سيكون في منتصف شهر سبتمبر/ أيلول القادم.
وأوضح أن المنح الخارجية مرتبطة بما تقدمه الدول، وأن جائحة كورونا أثَّرت في ما يقدَّم للطلبة الفلسطينيين من منحٍ خارجية.
توقعات بضعف الإقبال
من جهته قال المختص في الشؤون التعليمية محمد الحطاب: "إنَّ عدم وجود منح داخلية وخارجية في الوقت الحالي، سيؤثِّر في إقبال طلبة الثانوية العامة والمتفوقين منهم على التعليم الجامعي عمومًا، والكليات العلمية والطبية خصوصًا.
وأضاف الحطاب في حديثه لصحيفة "فلسطين": "حرمان الطلبة من هذه المنح، سيؤثِّر في الخبرات التي يطمحون للوصول إليها في دول خارجية".
وأضاف: "نتمنى ألا يستمر الوضع على ما هو عليه الآن، فطلابنا المتميزون بحاجة للابتعاث من أجل دراسة علوم البرمجة، والتحكم عن بعد، والتخصصات التقنية التي لها رواج كبير عالميًّا، وباتت مطلبًا أساسيًّا لأسواق العمل العالمية".
ولفت الحطاب إلى أنه في ظل الأزمة المالية التي يعيشها المجتمع الفلسطيني، ومؤسسات التعليم العالي من جامعات وكليات عديدة، فإن كليات الطب في الجامعات كانت تؤكد وتستوضح خلال مقابلة الطلبة المتقدمين عن إمكانية دفع الرسوم التعليمية للدراسة الجامعية.
وذكر أن غلاء الساعات الدراسية وعدم قدرة الطلبة، سيؤدي إلى عزوفهم عن الدراسة، أو تأجيلها.
ودعا الحطاب إلى ضرورة صياغة خطة مرنة لإدارة الأزمة المالية التي تعيشها الجامعات الفلسطينية، بحيث تعطي طلبة الثانوية العامة فرصة للالتحاق والانتظام بمقاعد الدراسة.
كما شدَّد على أهمية توجيه الطلبة المتفوقين إلى تخصصات غير الطب والهندسة، "فهاتان الكليتان ليستا درة التاج، والعالم يتجه نحو البرمجيات والتقنية، حاجتنا لهذا المجال ماسة جدًّا، في ظل انتشار العمل عن بُعد والتطور التكنولوجي الكبير عالميًّا".