في قسم عناية مركزة يضم عشرة أسرَّة وثلاثة أجهزة تنفس تلقي جائحة "كورونا" ثقلها على مستشفى "دورا" الحكومي بمحافظة الخليل، مئات الإصابات تصل يوميًّا، وسط مناشدات مستمرة من المستشفى الرئيس بإمدادها بأجهزة وطواقم طبية مساعدة لطواقمه البالغ عددها 35 كادرًا طبيًّا.
تأتي المناشدات وسط ارتفاع كبير في أعداد المصابين، التي قفزت خلال نحو شهر عن 7 آلاف إصابة في محافظات الضفة الغربية، النسبة الأكبر منها في الخليل، في حين لم تتجاوز النسبة قبل شهر الألف إصابة، وهو ما يثير تساؤلات حول أسباب هذا الزيادة، وإن كانت السلطة فشلت في إدارة الأزمة التي باتت قريبة من الخروج عن السيطرة.
ضغط كبير
مدير مستشفى دورا في الخليل د. محمد ربعي، أكد أن المستشفى وجهة نداء لوزارة الصحة ومحافظة الخليل لتخفيف الضغط على الكاهل الطبي، وزيادة أعداد الكوادر الطبية المنهكة في التعامل مع الفيروس منذ شهر بشكل متواصل.
وأوضح الربعي لصحيفة "فلسطين"، أن المستشفى يوجد فيه 35 كادرًا طبيًّا، وقسم عناية مركزة به 10 أسرة و3 أجهزة تنفس، وقسم للمرضى يضم 15 سريرًا، إضافة للأشعة والمختبر، مشيرًا إلى أن الطابق الثاني يضم 50 سريرًا وكلها بحاجة إلى طواقم طبية مساعدة.
وقال: "تزداد الإصابات يوميًّا، مئات الحالات تصل، ونحن نعمل على إخراج بعض المرضى الذين لم يستكملوا علاجهم لاستقبال مرضى جدد، على أن يستكملوا علاجهم في منازلهم، وننقلهم بالإجراءات الصحية المتبعة".
ويستدرك: "للأسف معظم أهل الخليل مصابون بفيروس كورونا، وتقديراتنا أن كل بيت به 3 أو 4 مصابين (...) ونحن بحاجة إلى تجهيزات كوادر، وفتح أقسام مستشفيات، ففي مدينة الخليل يوجد 12 جهاز تنفس لمرضى ومصابين".
ويعزو الربعي السبب الحقيقي لارتفاع أعداد المصابين إلى الكثافة السكانية، والسماح للعمال بالذهاب للعمل في الداخل المحتل، مستدركًا: "لو جرى إغلاق المناطق مع الداخل، لما وصلنا لهذه المرحلة، فكان هناك حالة استعجال من الحكومة".
واعتبارًا من 27 نيسان/ إبريل الماضي، أعلنت السلطة في رام الله عن تسجيل 325 حالة إصابة بفيروس كورونا في الضفة الغربية، وحالتي وفاة، إلا أن هذه الأرقام بدأت تقفز بمؤشرات قياسية في يونيو/ حزيران الماضي.
وعزا المتحدث باسم وزارة الصحة كمال الشخرة، خلال مؤتمر صحفي سبب تفشي الفيروس، إلى "عدم التزام المواطنين الإجراءات، والاختلاط داخل الأفراح وبيوت العزاء، ومخالطة فلسطيني الداخل خاصة منطقة السبع ورهط، وتأخر توجه الأفراد للفحص الطبي فور ظهور أي من الأعراض عليهم".
عجز حكومي
ويقول النائب في المجلس التشريعي، نايف الرجوب، إن إلقاء اللوم على المواطن لانتشار فيروس كورونا يتم فقط من قبل الحكومات العاجزة، فعدم التزام المواطن التعليمات مسؤولية تتحملها الجهات الحكومية.
وأضاف الرجوب لصحيفة "فلسطين" أن انتشار الفيروس في الخليل يرجع إلى عاملين الأول دخول العمال لأراضي الـ48، وهي مناطق موبوءة واختلاطهم بالمصابين، معتبرًا أن سماح الحكومة للعمال بالذهاب للداخل المحتل والإياب "خطيئة".
وأضاف أن السبب الثاني هو توافد فلسطيني الداخل إلى مدينة الخليل خاصة يومي الجمعة والسبت من أجل التسوق، وهي من العوامل التي ساعدت على انتشار الفيروس.
وبشأن تقييم دور الحكومة في مواجهة الفيروس، أشار النائب في المجلس التشريعي، إلى سطوة ونفوذ قادة الأجهزة الأمنية، حيث تأتي الأوامر بالعادة متناقضة بين من يريد فتح المدينة وإغلاقها، مشيرًا في الوقت ذاته إلى دخول حركة "فتح" على إدارة الأزمة من خلال "لجان الطوارئ" التي لا تمتلك الخبرة أو التدريب.
وأردف: "نستطيع القول إن إدارة الأزمة ارتجالي وفوضى لا مثيل لها، وكل يوم نسمع عن تعليمات متناقضة".
هذا التعليمات المتناقضة، وفق الرجوب، تؤشر على الارتجالية التي يقوم فيها المسؤولون عن مكافحة الوباء، وتؤكد عدم وجود تخطيط أو تعاون، وافتقار لخطة واضحة في مواجهة الفيروس.
ولفت إلى حجم الارتفاع "الجنوني" في أعداد المصابين الذي وصل في أحد الأيام إلى 500 إصابة، وكما أن الوفيات تخطت 45 حالة، رغم أن حالات الوفاة لم تتجاوز الحالتين قبل شهر.
وقال: "إن السلطة لو قامت بواجبها في موضوع التباعد الاجتماعي وألزمته الناس منذ البداية، لما انتشر الفيروس، مشيرًا إلى أن هناك أشخاصًا تدرج أسماؤهم في قوائم المصابين ويذهبون للأعراس والمناسبات.
ويعتقد الرجوب أن عدد الإصابات في الخليل أكبر من المعلن عنه، مؤكدًا أن السلطة عجزت عن مواجهة الفيروس.