دفع الركود التجاري مصانع خياطة في قطاع غزة إلى تقنين إنتاجها من الملابس لموسم عيد الأضحى، وسط منافسة غير متكافئة من المنتجات المستوردة.
وقال محمد الشمباري، مسؤول مصنع لخياطة ملابس الأطفال والرجال: "إن الكساد الحاد الذي تشهده الأسواق المحلية في قطاع غزة خيب آمالنا، لذلك اضطررنا إلى العمل بطاقة إنتاجية بالكاد تصل اليوم إلى نسبة 30%".
وأضاف الشمباري لصحيفة "فلسطين" أن المصنع يضطر إلى العمل على الرغم من محدودية هامش الربح، وذلك لدفع أجور 11 عاملاً لديه، وتسديد فواتير الكهرباء والماء، فضلاً عن الحفاظ على بقاء اسمه في السوق المحلي".
وأشار إلى أن استمرار الحصار وجائحة كورونا، ومعوقات التصدير، والمنافسة غير المتكافئة من المستورد جميعها معوقات للنهوض بواقع مصانع الخياطة بغزة.
وذكر الشمباري تعرض مصنعه للهدم الكلي في حرب 2014، وعدم تلقيه أي تعويض، إذ قدّرته الجهات المختصة في حينه بـ 30 ألف دولار.
وأشار إلى مطالبة تجار الأقمشة بما لهم عليه من ديون، يعجز في الوقت الراهن تسديدها كاملة بسبب ضعف بيع إنتاجه، والشيكات الراجعة.
من جانبه قال فهد الخطيب، مسؤول في مصنع لإنتاج الملابس النسائية: إن مصانع الخياطة من أكثر المنشآت الاقتصادية تضررًا منذ أن فرض الاحتلال حصاره على قطاع غزة، مبينًا أن قطاع الخياطة كان يساهم بنسبة عالية جداً في الناتج الإجمالي المحلي، ويصدر إنتاجه إلى الخارج بكميات كبيرة، وهذا كله يفسح المجال لتشغيل الأيدي العاملة من الجنسين.
وأضاف الخطيب لصحيفة "فلسطين": إنه بسبب استمرار الأوضاع الاقتصادية المتردية، اضطرت مصانع خياطة إلى الإفلاس والإغلاق، ومصانع أخرى اضطرت إلى الدخول في شركات مع بعضها بعضًا من أجل توزيع الأعباء المالية، وثالثة تعمل بأدنى طاقتها حفاظًا على هويتها في السوق المحلي.
وأشار إلى أن استمرار انقطاع التيار الكهربائي نحو 8 ساعات متواصلة من المعوقات الكبيرة، وعلى إثره يخفض مصنعه -كغيره- ساعات العمل، كما يضطر مصنع خياطة الخطيب إلى دفع تكاليف تشغيلية أعلى لاستخدامه المحروقات في تشغيل المولدات الكهربائية لتغطية العجز في حاجته للكهرباء.
وأهاب الخطيب بوزارة الاقتصاد الوطني حمايتهم من المنتجات المستوردة التي تغرق الأسواق المحلية بمنتجات أقل جودة وأدنى سعر، حاثاً المؤسسات المصرفية والبنوك إلى تقديم تسهيلات ائتمانية للصناعة بغزة، من أجل استعادة نشاطها، وتمكنها من تجاوز العقبات التي تتعرض لها.
ولعبت صناعة النسيج والملابس دورًا مهمًا بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني والغزي خصوصا قبل اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية في عام2000، وقبل أن تفرض سلطات الاحتلال حصارها على غزة.
فقد كانت تشغل أكثر من 36 ألف عامل من خلال 900 مصنع، وتسوق 1500 شاحنة شهريًا في أراضي الـ48، قبل أن يتراجع عدد مصانع الخياطة العاملة في غزة إلى 500 مصنع.
من جهته قال الاختصاصي الاقتصادي د. وليد الجدي: إن نسبة إنتاج مصانع الخياطة بغزة، لا تتعدى 5% من احتياج السوق قبل الأزمة الاقتصادية الأخيرة، وهذا يرجع لارتفاع تكلفة الإنتاج مقارنة مع السلع المستوردة، بمعنى أنه لا يوجد تناسب بين انخفاض الإنتاج والأزمة الاقتصادية مع ثبات عامل السلع المستوردة.
وأضاف الجدي لصحيفة "فلسطين": "إذا نظرنا للواقع عمومًا وبجلاء تام نجد أن المواطن الغزي اليوم وبسبب الأزمة الاقتصادية لا يستطيع توفير الملابس محلية الصنع ولا الملابس المستوردة لأفراد أسرته برغم المنافسة بين المنتج المحلي والمستورد التي لا تقارن من حيث انخفاض أسعار المستورد عن المحلي انخفاضًا ملحوظًا".
وأشار إلى أن الملحوظ توجه المستهلك الغزي نحو أسواق الملابس التي تباع بأسعار مخفضة للتجار المستوردين بعد انتهاء موسمها "التصفيات"، لافتًا إلى أنها حققت مبيعات خلال المدة السابقة ومدة عيد الفطر بنسبة تجاوزات 64% مقارنة مع باقي سوق الملابس الكلي المحلي والمستورد.