لا تتوقَّف المشاهد العنصريّة التي تخرُج بين حين وآخر ضد الفلسطينيين في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، وآخرها انتشار مقطع فيديو يُسيء لأطفال فلسطينيين من سكان النقب داخل أراضي الـ48 كما لو أنهم "حيوانات"!
ويظهر في مقطع الفيديو مستوطن يهودي يجلس إلى جانب زوجته في سيارة برفقة أطفالهما في المقعد الخلفي، ويبدو الأول ممسكًا بكعكة خلال رحلة في النقب، قبل أن يسأل بشكل ساخر أطفاله "من يريد إطعام بدوي؟ وكان يشير إلى طفلين فلسطينيين يقفان إلى جانب السيارة.
وتبيّن فيما بعد أن نجم قناة أطفال، يدعى روعي عوز، (يلقب باسم روي بوي) هو من قام بتصوير الفيديو، بحسب صحيفة "معاريف" العبرية.
عنصريَّة متأصِّلة
ويعكس نشر هذا الفيديو، مدى حجم الاستهتار وسياسة التمييز العنصري التي تمارسها دولة الاحتلال بجنودها ومستوطنيها ضد الفلسطينيين في البلدات العربية، وهو ما أثار حفيظة وغضبًا بين الفلسطينيين داخل أراضي الـ48، وفق مراقبين.
عضو المكتب السياسي في التجمع الوطني بالداخل المحتل رياض الجمال، أكد أن نشر الفيديو أثار مشاعر كل الفلسطينيين في البلدات العربية، كونه يتعامل مع الأطفال كـ "حيوانات".
وأوضح الجمال خلال اتصال هاتفي مع "فلسطين"، أن الفيديو يدلل بشكل مباشر على العنصرية المتغلغلة في المجتمع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، على مدار سنوات طويلة، وهو يظهر كيف يربي اليهود أبناءهم الأطفال على النظرة العنصرية ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض.
وقال: "العنصرية تزداد يوماً بعد يوم ضد الفلسطينيين، وأطفال اليهود يُزوَّدون بها من آبائهم"، مشدداً على أن "الفلسطينيين ليسوا عنصريين، بل يكافحون العنصرية وسيستمرون بمقاومتها بكل قوة".
وإزاء حالة الغضب في الشارع الفلسطيني، فإن "روعي عوز"، وجد نفسه مضطراً "للاعتذار"، عن الأقوال العنصرية التي صدرت منه بحق الأطفال الفلسطينيين.
وفي شريط مصور نشره على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، قال عوز: "ليس لدي كلمات للتعبير عن الحزن والألم الذي سببته للجمهور البدوي العزيز"، مدعيًا أن تاريخ الفيديو يعود لـ 5 سنوات مضت، خلال رحلة عائلية برفقة أطفاله وزوجته.
وعلّق الجمال بقوله: "إن الاعتذار مرفوض، خاصة أنه لن يقلل من حجم العنصرية التي عبر عنها الفيديو"، مشدداً بالقول: "سنواجه العنصرية بتمسكنا ووجودنا وافتخارنا بقوميتنا الفلسطينية والعربية".
وتابع، "سياسات الاحتلال العنصرية ستزيدنا ثباتًا وقناعة بروايتنا العربية والفلسطينية وسنستمر بالتصدي لها".
مرتبة دونية
وهذا ما ذهب إليه الناشط الحقوقي من الداخل المحتل، خالد زبارقة، الذي أكد أن المجتمع الإسرائيلي ينظر للفلسطينيين على أنهم في مرتبة دونية، مشيراً إلى أن العنصرية سياسة متأصلة في نفسية المستوطنين.
وقال زبارقة خلال حديثه مع "فلسطين": إن المجتمع الإسرائيلي له نظرة عنصرية وفوقية للفلسطينيين، ويقلل من قيمة الإنسان، وما ظهر في مقطع الفيديو يثبت ذلك.
وفيما يتعلق باعتذار "عوز"، أكد أنه "غير حقيقي، ولن يغير من التعامل والسياسة العنصرية الموجودة في المجتمع الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين".
وكان النائب العربي يوسف جبارين رئيس لجنة حقوق الطفل في الكنيست الإسرائيلي، عقد أمس، جلسة طارئة للجنة لبحث "الحادث العنصري"، دون معرفة تفاصيل نتائج الجلسة.
تجدر الإشارة إلى وجود عشرات القرى الفلسطينية البدوية في النقب، التي لا تعترف بها سلطات الاحتلال، وغير مرتبطة بشبكات المياه والكهرباء والمواصلات ولا تقدم حكومة الاحتلال لسكانها أي خدمات، كما يواجه الكثير من السكان البدو قرارات هدم إسرائيلية شبه يومية لمنازلهم بداعي البناء غير المرخص.
