فلسطين أون لاين

دلال ساق الله.. أمٌّ تتفوق على ابنها في الثانوية العامة

...
غزة- مريم الشوبكي

الثامنة صبيحة يوم إعلان نتائج الثانوية العامة جلست دلال ساق الله بجوار ابنها ضياء يترقبان نتيجتهما، وإذ بهاتفها المحمول يرن برسالة نصية تفيد بأنها حصلت على معدل 87.7% قرأته بعينيها لا بشفتيها، رغم أن قلبها كاد يطير من الفرحة.

كتمت الأم فرحتها، تحاول أن تخفي هاتفها حتى لا يقرأ من حولها النتيجة، تنظر إلى ابنها ضياء وعيناها حائرتان ترتقبان، حتى رن هاتفه برسالة معلنة حصوله على معدل 60.7%، على الفور احتضنته وأفصحت عن معدلها.

دلال (40 عاما)، عادت إلى مقاعد الدراسة بعد 22 عاما من الانقطاع، تقطن في مدينة غزة، خاضت هذا العام تجربة تقديم امتحانات "التوجيهي" مع ابنها، ضاربة عصفورين بحجر واحد ليستفيدا معا من الكتب الدراسية وملازم المراجعة.

في الواقع تركت دلال مقاعد الدراسة، ولكنها لم تترك طريق العلم، حيث كانت تذاكر وتراجع الدروس مع ولديها وابنتها، حيث عاشت فرحة نجاح الثانوية العامة مع ابنها البكر قبل عامين، التي أشعلت الحنين في داخلها للحصول على شهادة الثانوية العامة التي حرمت منها بسبب الزواج ومسئوليات الأولاد.

بقي الحلم داخلها، وكسرت كل القيود والمعيقات وتخطت كلام المحبطين، حتى بدْء العام الدراسي، منذ اللحظة الأولى وضعت خطة للدراسة بعد عام من تهيئة نفسها، رغم أنه لا يحق لها التسجيل كطالبة دراسات خاصة إلا في فبراير/شباط، أي بعد بدء العام الدراسي بستة أشهر.

اعتمدت دلال كليا على نفسها في الدراسة، فلم تُبقي موقعا إلكترونيا ولا مجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي تختص بنشر منهاج الثانوية العامة إلا تابعتها، سيما موقع روافد الذي تنشر التربية والتعليم عبره المنهاج الفلسطيني.

تبين دلال لصحيفة "فلسطين" أن شروحات المنهاج الإلكترونية توظف جميع الحواس بالصوت والصورة لتسهل الاستيعاب على طالب التوجيهي.

البعض انتقد قرار دلال تقديم امتحانات الثانوية العامة مع ابنها، لأنه من المفترض أن تصب كل اهتمامها ووقتها لابنها.

تعقب: "ترددت وخشيت أن أكون أنانية لأني سأهتم بمذاكرتي على حساب ابني، ولكني كنت أحضر كل الشروحات الإلكترونية وألخصها وأعطيها لضياء لكي يذاكرها، حتى أنهي شئون بيتي اليومية، ثم أذاكرها بعده".

نجاحها كأم كان أهم لدى ساق الله من نجاحها كطالبة، لأن نجاح ابنها كان هو نجاحها، لذا كان تبديه على نفسها.

تدعو دلال كل سيدة لديها حلم نيل شهادة الثانوية العامة ألا تتحجج بالظروف والأسرة والبيت، فالإنترنت أصبح يوفر كل ما يحتاجه أي طالب من دروس وشروحات ومراجعات.

وتؤكد أن طلب العلم ليس مرتبطا بعمر معين، من الجميل أن تهتمي بأبنائك وبيتك، ولكن الأجمل أن تكوني سيدة بيت مثقفة.

تتطلع ساق الله إلى الالتحاق بتخصص تربوي في الجامعة، لكي تستفيد منه كأم قبل الوظيفة، وهنا واجهت انتقادات بـ"لما تخلصي جامعة بتكوني طلعتي على التقاعد" ولكنها لم تلتفت إليها لأن هدفها ليس الوظيفة بقدر أن تكون إنسانة متعلمة.

وتُذكِّر أبناءها دائما بأن الشهادة نهايتها ليست الوظيفة، لأن العلم لا يتوقف عند شهادة بعينها، حيث تحثهم على إكمال دراساتهم العليا ما دام لديهم طموح ونفس في هذه الحياة.