فلسطين أون لاين

​متعبٌ نفسيًّا.. إذًا هيا إلى الشيخ

...
غزة - فاطمة أبو حية

بعد خلافات عائلية أثقلت نفسيتها، أُصيبت الشابة ذات الأربعة والعشرين عامًا بمشاكل صحية جسدية، وكانت على ثقة بأن أصل المشكلة نفسي لا عضوي، وهذا ما أكده لها أكثر من طبيب، ونصحوها بأن تزور طبيبًا نفسيًا، وبينما بدأت بالبحث عن الطبيب الأفضل، إذ أبدى أبواها وإخوتها خوفهم من أن تُحسب "مجنونة" في نظر المجتمع، ولذا قرروا أن يأخذوها إلى "شيخ" يرقيها فتُشفى، رفضت الفتاة الفكرة، لمعرفتها بمشكلتها.

هذه الشابة ليست وحدها، بل الكثيرون أمثالها يعانون من مشاكل مختلفة يكون حلّها عند الطبيب النفسي، لكن "الشيخ" هو وجهتهم.

الثقافة وعوامل أخرى

الأخصائي الاجتماعي د. إياد الشوربجي، وضح لفلسطين أن هذا التوجه يرتبط بالدرجة الأولى بالمعتقدات التي يعتنقها الناس، وقناعتهم بأن الكثير من المشاكل التي يتعرضون لها أساسها الحسد، وربما يذهب فكرهم أبعد من ذلك إلى العمل والسحر، والبعض يصل الأمر به إلى حد الهوس، فيعزو كل معاناته إلى هذه الأمور، وبالتالي يرجع هؤلاء إلى المشايخ في كل كبيرة وصغيرة، وقد يتجهون إلى مشعوذ وليس شيخًا موثوقًا".

ويضيف لـ"فلسطين": "التفكير بهذه الطريقة مرتبط أيضًا بالثقافة والتربية، فقد ينشأ الطفل على هذه الفكرة، فإذا مرض أو جُرح أو تعرض لحادث يسمع من أهله أنه محسود"، متابعًا: "إضافة إلى أن المجتمع الفلسطيني يميل إلى التدين واللجوء إلى الله في الأزمات، ومن هذا اللجوء الاستعانة بالمشايخ حتى وإن كانوا الوجهة غير الصحيحة".

وبحسب الشوربجي، فإن طبيعة المجتمع والثقافة السائدة فيه تجعلان البعض يتحرج من مجرد ذكر مسمى الطبيب النفسي، لأن المجتمع يرى توجهه إلى طبيب نفسي إساءة له ولأسرته كاملة.

ويوضح: "فكرة الناس عن المشايخ عادية جدًا ولا حرج فيها، يتقبلون التوجه إليهم تمامًا، بينما الاستعانة بالطب النفسي مشكلة في نظر البعض"، لافتًا إلى أن أغلب زوار عيادات الطب النفسي يحيطون الأمر بسرية تامة، ومنهم من يستخدم أسماءً مستعارة.

ووفقًا للشوربجي، فإن هذه النظرة آخذة بالتغير، خاصة بعد الحروب التي تعرض لها القطاع، وكان من نتائجها تقبل البعض للعلاج النفسي للتخلص من آثار ما مرّوا به، مبينًا: "الأمر أسهل بالنسبة للأطفال، فأهلهم على الأغلب لا يجدون حرجًا في البحث عن علاج نفسي لهم، لكن تقبل الفكرة للكبار لم تصل إلى الدرجة المطلوبة بعد".